tgoop.com/shahidzaid/18438
Last Update:
🟢دروس من هدي القرآن الكريم
🔹اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثاني
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 24/1/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
وقبل أن نتحدث عمَّا جرى خلال هذا الأسبوع ينبغي أن نقف معكم قليلاً حول موضوع: [علاقتنا بالقرآن الكريم].
القرآن الكريم فيه رسَمَ الله سبحانه وتعالى لعباده الطريق التي توصلهم إلى رضاه وجنته، وفيه أبان أيضاً وأوضح الطريق التي يستوجب بها الناس سخطه وعذابه في الدنيا والآخرة، فعندما يقول في كتابه الكريم: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأنعام: 155) نجد في هذه الآية المباركة أنه وصف هذا الكتـاب أنـه هـو الـذي أنزله، هـو الـذي أنزلـه. رحمة منه بنا، هداية منه لنا، رعاية منه لنا، وأن هذا الكتاب كتاب كامـل: فيه الهدى الكامل، فيه النور الكامل، لا ينقصه شيء، وأنه مبارك: مبارك من يسير عليه، مبارك من يهتدي به، مبارك من يتمسك به، مبارك في أثره في النفوس، وأثره في الحياة. كل مـا تعنيـه كلمـة {مُبَارَكٌ} هي فـي القـرآن الكريم، ومن خلال القرآن الكريم، ولمن يسيرون على نهجه تتحقق على أعلى وأرقى مستوى.
{فَاتَّبِعُوهُ}، لأن الله سبحانه وتعالى الذي أنزل هذا الكتاب الكريـم هـو الملِـك، مـن لـه مُلـك السمـاوات والأرض، مـن لـه مـا في السماوات والأرض، من يدِّبر شؤون السماوات والأرض، وشؤون عباده من الجن والإنس، من يعلم بما يمكن أن يجري في هذه الحياة، من يعلم خصائص النفـس الإنسانيـة، ومـا يمكـن أن ينبع منها، ومـا يمكـن أن يحدث على يديها من فساد في هذه الأرض. فلأن الله هو الملِك، هو الإله، تجد القرآن الكريم يتحدث عن الله سبحانه وتعالى بأنه إله قيوم حي أي: عملي - إن صح التعبير - يعمل، يُدبِّر، يخلق، يسيّر، يهيِّئ، يثيب، يعاقب.
كيف يمكن أن يكون هناك مَلِك للسماوات والأرض، ومن له مُلك السماوات والأرض، ومُلك عباده، ثم يقف من الجميع موقف اللامبالاة، إنما [تجمَّل فيهم] أن ينزل إليهم كتاباً لمجرد التلاوة، ومجرد الترفيه على أنفسهم في أوقات الشدة! لا. إن من هو المدبِّر لما في السماوات وما في الأرض، من قال عن نفسه سبحانه وتعالى في سعة تدبيره: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُـمَّ يَعْـرُجُ إِلَيْـهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (السجدة: 5) فـي اليـوم الواحد يدبِّر ما لا يدبِّر العباد مثله إلا في ألف سنة، في اليوم الواحد.
إذاً فهذا الكتاب الذي أنزله من عنده سبحانه وتعالى هو نزل من عند مَلِك، إلـه، مدبِّر، حي، قيوم، عليم، حكيم، سميع، بصير، رحيم. وهو كتاب عملي، كتاب عملي للحياة يتحرك بحركة الحياة. فأن تجمـد أمـة بين يديها القرآن الكريم هي ليست جديرة بحمله، هـي أمـة لا تتخلـق بأخلاقـه، هـي أمة تنبذ القرآن وراء ظهرها، هي أمـة تهجـر القرآن، هي أمة جديرة بأن تعيش منحطة ذليلة مقهورة.
فعندمـا يقـول الله سبحانـه وتعالى لنا: {فَاتَّبِعُوهُ}، لأن فيه مـا نحن بحاجة إلى اتباعه، نحن لا نجد في سواه مـا يمكـن أن يجعلنا نثق به في اتباعنـا لـه. هو كتـاب عملي، {َاتَّبِعُوهُ} لا تستطيع أن تقول: مـاذا نتبـع فيه؟ ما الذي فيه؟
{وَاتَّقُوا} وتأتي كلمة {اتَّقُوا} في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، فـي حـالات التحذيـر عـن التفريط مما ألزم به سبحانه وتعالى، فبعد أن قال: {فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا}: احـذروا أن تفرِّطـوا فـي اتباعكـم لـه، احذروا أن تبتعدوا عن اتباعكم له.
ثم بعد أن نكون قد اتبعناه، واتقينا الله في ألا نفرِّط فـي اتباعنـا لـه {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} عسى أن تُرحَموا، هذا الجزء من هذه الآية المباركة قول الله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} عسى أن تُرحَموا، رجاء أن تُرحَموا؛ ليوحـي للنـاس أن من لا يتبعـون القرآن ما أبعدهم عن رحمته! أن من لا يتقون الله في تفريطهم فـي اتبـاع القـرآن مـا أبعدهـم عـن رحمتـه! وأيـن رحمته؟ وأين مستقر رحمته؟ رحمته في الدنيا، ومستقر رحمته في الآخرة وهي الجنة، أليس في هذا نـوع مـن التهديـد؟ أليـس فـي هـذا إيحاءٌ بخطورة الموقف؟
ونجد شبيهاً بمثل قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} مع النبي (صلوات الله وسلامه عليه): {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} (الفتح:2،1) {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (محمد: 19) في أكثر من آية يأمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يستغفر لذنبه وهو من كان يتحرك بحركة القرآن، لكن ربما في علم الله أن القرآن الكريم في عمقه، في وسعه، هو أوسع من أن يطيق بشر - مهما كان كاملاً كإنسان - أن يكون محيطاً بدائرة سعة القرآن الكريم في حركته العامة في الحياة.
BY مؤسسة الشهيد زيد علي مصلح
Share with your friend now:
tgoop.com/shahidzaid/18438