tgoop.com/sitamool1/1635
Last Update:
وكانت الأحاديث التي تدورُ هكذا مع الناسِ بعمومهم لاتعنيه، لكنها ما إن تَلتفُّ وتدورُ حوله حتى يأخذَ نسقاً من المحبة يتصاعدُ ويتصاعدُ حتى مقدارِ تحمِّل الطرف الذي يقابله، فإن كان من يسمعه محباً له بصدق، سمَعَ واستراح لحديثه، وإن كان من يسمعه محباً دون إخلاص سمَعَ ثمَّ حوَّل الجو من هدوءٍ يصلحُ لتأملات الرهبان إلى ضجيجِ حارةٍ شعبيةٍ مكتظة، وكان يرىٰ هذا الأثر من الأحاديثِ على نفوسِ الناس فيدركُ ماهيتهم ويا للعجب كان يرىٰ الناس من خلال نفسه..
تتمحورُ حياته بجلِّ أنواعها حولَ طريقه الذي يسلكه، وهو في حقيقةِ الأمر لا يدري تماماً عن أي طريقٍ يتحدث، لكنه كان يسيرُ وحسب، متعلقاً بالإشارات التي تأتيه منه، يظنها الناس في غالبِ الأمرِ هلوسة، لكنه في واقع الحال كان يرىٰ بعد أن يتبعها، ذاك السحر الدمثَ الهادئ الذي يُضافُ إلى حياته.. وكأنه فتح باب الجنة، بينما من لم يفهمونه بعد واقفون هناك ينتظرون أن يقولَ لهم أن خلفَ البابِ وحوشاً.
لم يفشل إلا حينما قرر تجاهل نفسه، وللغرابة أنه لم يكن نرجسياً ولا تسمعه يقولُ كلمة "أنا" كثيراً بل كان متواضعاً حليماً بالناس، لكنه يدرِكُ قيمة نفسه لهذا كان يتصرفُ بما يليقُ بها..
يحلُمُ يوماً أن يكتب كتاباً كاملاً عنه عن مذكراته وملاحظاته، لأنه كان يدركُ بشكلٍ غير مباشر، أنه تجسَّد هكذا، بتلك القوة الناعمة، ليعيش حيواتٍ كثيرة في حياةٍ واحدة.. ومن ثمَّ يدونها ويصقلها، ليرىٰ من بعده الطريق بهياً.
يحلُمُ كثيراً جداً كان يستطيع أن يفعلَ أي شيء يطلب منه بجودةٍ متوسطة، وهذا ماكان يشتته أحياناً فهو يريدُ أن يُصلحَ كلَّ شيء، يريدُ أن يفعلَ كل شيء على أتمِّ وجه، فيأخذُ بنفسه كلَّ فترة يتعلَّمُ علماً ما حتى يفوق مستواه المتوسطَ فيه ومن ثم ليعلَّم الناس هذا العلم على طريقته الصحيحة، لأنه كان يرىٰ العالمَ منقوصاً من الناس الحقيقين وكان يحملُ على عاتقه إصلاحَ كلِّ هذا الخلل، وكان يقدرُ إن شاء، لكنه في منتصفُ الطريق وبعدَ أن يرىٰ مايذهبُ من عُمره، يدركُ أن هناكَ ما هوَ أسمىٰ ليتعلمه..
لكنه ربماً في نهايةِ المطاف سيكتبُ كتاباً..
-محمد قاضي
BY Sitamool- شعر ونثر
Share with your friend now:
tgoop.com/sitamool1/1635