TAFSSIRELQURAN Telegram 373
‏{‏إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا‏}‏ الضمير يعود إلى البعث الذي يقع فيه عذاب السائلين بالعذاب أي‏:‏ إن حالهم حال المنكر له، أو الذي غلبت عليه الشقوة والسكرة، حتى تباعد جميع ما أمامه من البعث والنشور، والله يراه قريبا، لأنه رفيق حليم لا يعجل، ويعلم أنه لا بد أن يكون، وكل ما هو آت فهو قريب‏.‏

ثم ذكر أهوال ذلك اليوم وما يكون فيه، فقال‏:‏

‏[‏8 ـ 18‏]‏ ‏{‏يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا * يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى‏}‏

أي‏:‏ ‏{‏يَوْمِ‏}‏ القيامة، تقع فيه هذه الأمور العظيمة فـ ‏{‏تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ‏}‏ وهو الرصاص المذاب من تشققها وبلوغ الهول منها كل مبلغ‏.‏

‏{‏وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ‏}‏ وهو الصوف المنفوش، ثم تكون بعد ذاك هباء منثورا فتضمحل، فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار‏؟‏

أليس حقيقا أن ينخلع قلبه وينزعج لبه، ويذهل عن كل أحد‏؟‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُم‏}‏ أي‏:‏ يشاهد الحميم، وهو القريب حميمه، فلا يبقى في قلبه متسع لسؤال حميمه عن حاله، ولا فيما يتعلق بعشرتهم ومودتهم، ولا يهمه إلا نفسه، ‏{‏يَوَدُّ الْمُجْرِمُ‏}‏ الذي حق عليه العذاب ‏{‏لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ‏}‏ أي‏:‏ زوجته ‏{‏وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ‏}‏ أي‏:‏ قرابته ‏{‏الَّتِي تُؤْوِيهِ‏}‏ أي‏:‏ التي جرت عادتها في الدنيا أن تتناصر ويعين بعضها بعضا، ففي يوم القيامة، لا ينفع أحد أحدا، ولا يشفع أحد إلا بإذن الله‏.‏

بل لو يفتدي ‏[‏المجرم المستحق للعذاب‏]‏ بجميع ما في الأرضِ ثم ينجيه لم ينفعه ذلك‏.‏

‏{‏كلًّا‏}‏ أي‏:‏ لا حيلة ولا مناص لهم، قد حقت عليهم كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ، وذهب نفع الأقارب والأصدقاء‏.‏

‏{‏إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى‏}‏ أي‏:‏ للأعضاء الظاهرة والباطنة من شدة عذابها‏.‏

‏{‏تَدْعُوا‏}‏ إليها ‏{‏مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وجمع فأوعى‏}‏ أي‏:‏ أدبر عن اتباع الحق وأعرض عنه، فليس له فيه غرض، وجمع الأموال بعضها فوق بعض وأوعاها، فلم ينفق منها، فإن النار تدعوهم إلى نفسها، وتستعد للالتهاب بهم‏.‏

‏[‏19 ـ 35‏]‏ ‏{‏إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ‏}‏

وهذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية، أنه هلوع‏.‏

وفسر الهلوع بأنه‏:‏ ‏{‏إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا‏}‏ فيجزع إن أصابه فقر أو مرض، أو ذهاب محبوب له، من مال أو أهل أو ولد، ولا يستعمل في ذلك الصبر والرضا بما قضى الله‏.‏

‏{‏وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا‏}‏ فلا ينفق مما آتاه الله، ولا يشكر الله على نعمه وبره، فيجزع في الضراء، ويمنع في السراء‏.‏

‏{‏إِلَّا الْمُصَلِّينَ‏}‏ الموصوفين بتلك الأوصاف فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله، وأنفقوا مما خولهم الله، وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا‏.‏

وقوله ‏[‏في وصفهم‏]‏ ‏{‏الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ‏}‏ أي‏:‏ مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها‏.‏

وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلها وقتا دون وقت، أو يفعلها على وجه ناقص‏.‏

‏{‏وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ‏}‏ من زكاة وصدقة

‏{‏لِلسَّائِلِ‏}‏ الذي يتعرض للسؤال ‏{‏وَالْمَحْرُومِ‏}‏ وهو المسكين الذي لا يسأل الناس فيعطوه، ولا يفطن له فيتصدق عليه‏.‏



tgoop.com/tafssirelquran/373
Create:
Last Update:

‏{‏إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا‏}‏ الضمير يعود إلى البعث الذي يقع فيه عذاب السائلين بالعذاب أي‏:‏ إن حالهم حال المنكر له، أو الذي غلبت عليه الشقوة والسكرة، حتى تباعد جميع ما أمامه من البعث والنشور، والله يراه قريبا، لأنه رفيق حليم لا يعجل، ويعلم أنه لا بد أن يكون، وكل ما هو آت فهو قريب‏.‏

ثم ذكر أهوال ذلك اليوم وما يكون فيه، فقال‏:‏

‏[‏8 ـ 18‏]‏ ‏{‏يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا * يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى‏}‏

أي‏:‏ ‏{‏يَوْمِ‏}‏ القيامة، تقع فيه هذه الأمور العظيمة فـ ‏{‏تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ‏}‏ وهو الرصاص المذاب من تشققها وبلوغ الهول منها كل مبلغ‏.‏

‏{‏وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ‏}‏ وهو الصوف المنفوش، ثم تكون بعد ذاك هباء منثورا فتضمحل، فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار‏؟‏

أليس حقيقا أن ينخلع قلبه وينزعج لبه، ويذهل عن كل أحد‏؟‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا يُبَصَّرُونَهُم‏}‏ أي‏:‏ يشاهد الحميم، وهو القريب حميمه، فلا يبقى في قلبه متسع لسؤال حميمه عن حاله، ولا فيما يتعلق بعشرتهم ومودتهم، ولا يهمه إلا نفسه، ‏{‏يَوَدُّ الْمُجْرِمُ‏}‏ الذي حق عليه العذاب ‏{‏لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ‏}‏ أي‏:‏ زوجته ‏{‏وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ‏}‏ أي‏:‏ قرابته ‏{‏الَّتِي تُؤْوِيهِ‏}‏ أي‏:‏ التي جرت عادتها في الدنيا أن تتناصر ويعين بعضها بعضا، ففي يوم القيامة، لا ينفع أحد أحدا، ولا يشفع أحد إلا بإذن الله‏.‏

بل لو يفتدي ‏[‏المجرم المستحق للعذاب‏]‏ بجميع ما في الأرضِ ثم ينجيه لم ينفعه ذلك‏.‏

‏{‏كلًّا‏}‏ أي‏:‏ لا حيلة ولا مناص لهم، قد حقت عليهم كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ، وذهب نفع الأقارب والأصدقاء‏.‏

‏{‏إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى‏}‏ أي‏:‏ للأعضاء الظاهرة والباطنة من شدة عذابها‏.‏

‏{‏تَدْعُوا‏}‏ إليها ‏{‏مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وجمع فأوعى‏}‏ أي‏:‏ أدبر عن اتباع الحق وأعرض عنه، فليس له فيه غرض، وجمع الأموال بعضها فوق بعض وأوعاها، فلم ينفق منها، فإن النار تدعوهم إلى نفسها، وتستعد للالتهاب بهم‏.‏

‏[‏19 ـ 35‏]‏ ‏{‏إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ‏}‏

وهذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية، أنه هلوع‏.‏

وفسر الهلوع بأنه‏:‏ ‏{‏إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا‏}‏ فيجزع إن أصابه فقر أو مرض، أو ذهاب محبوب له، من مال أو أهل أو ولد، ولا يستعمل في ذلك الصبر والرضا بما قضى الله‏.‏

‏{‏وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا‏}‏ فلا ينفق مما آتاه الله، ولا يشكر الله على نعمه وبره، فيجزع في الضراء، ويمنع في السراء‏.‏

‏{‏إِلَّا الْمُصَلِّينَ‏}‏ الموصوفين بتلك الأوصاف فإنهم إذا مسهم الخير شكروا الله، وأنفقوا مما خولهم الله، وإذا مسهم الشر صبروا واحتسبوا‏.‏

وقوله ‏[‏في وصفهم‏]‏ ‏{‏الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ‏}‏ أي‏:‏ مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها‏.‏

وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلها وقتا دون وقت، أو يفعلها على وجه ناقص‏.‏

‏{‏وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ‏}‏ من زكاة وصدقة

‏{‏لِلسَّائِلِ‏}‏ الذي يتعرض للسؤال ‏{‏وَالْمَحْرُومِ‏}‏ وهو المسكين الذي لا يسأل الناس فيعطوه، ولا يفطن له فيتصدق عليه‏.‏

BY تَيسِيرُ الكَرِيمِ الرَّحْمَٰن فِي تَفْسِيرِ كَلاَمِ المَنَّان للشَّيخ السَّعْدِي


Share with your friend now:
tgoop.com/tafssirelquran/373

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

6How to manage your Telegram channel? Co-founder of NFT renting protocol Rentable World emiliano.eth shared the group Tuesday morning on Twitter, calling out the "degenerate" community, or crypto obsessives that engage in high-risk trading. To delete a channel with over 1,000 subscribers, you need to contact user support More>> 5Telegram Channel avatar size/dimensions
from us


Telegram تَيسِيرُ الكَرِيمِ الرَّحْمَٰن فِي تَفْسِيرِ كَلاَمِ المَنَّان للشَّيخ السَّعْدِي
FROM American