TAFSSIRELQURAN Telegram 393
‏[‏13 ـ 18‏]‏ ‏{‏فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ‏}‏

لما ذكر ما فعله تعالى بالمكذبين لرسله وكيف جازاهم وعجل لهم العقوبة في الدنيا وأن الله نجى الرسل وأتباعهم كان هذا مقدمة لذكر الجزاء الأخروي وتوفية الأعمال كاملة يوم القيامة‏.‏ فذكر الأمور الهائلة التي تقع أمام القيامة وأن أول ذلك أنه ينفخ إسرافيل ‏{‏فِي الصُّورِ‏}‏ إذا تكاملت الأجساد نابتة‏.‏ ‏{‏نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ‏}‏ فتخرج الأرواح فتدخل كل روح في جسدها فإذا الناس قيام لرب العالمين‏.‏

‏{‏وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً‏}‏ أي‏:‏ فتتت الجبال واضمحلت وخلطت بالأرض ونسفت على الأرض فكان الجميع قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا‏.‏ هذا ما يصنع بالأرض وما عليها‏.‏

وأما ما يصنع بالسماء، فإنها تضطرب وتمور وتتشقق ويتغير لونها، وتهي بعد تلك الصلابة والقوة العظيمة، وما ذاك إلا لأمر عظيم أزعجها، وكرب جسيم هائل أوهاها وأضعفها‏.‏

‏{‏وَالْمَلَكُ‏}‏ أي‏:‏ الملائكة الكرام ‏{‏عَلَى أَرْجَائِهَا‏}‏ أي‏:‏ على جوانب السماء وأركانها، خاضعين لربهم، مستكينين لعظمته‏.‏

‏{‏وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ‏}‏ أملاك في غاية القوة إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء بينهم بعدله وقسطه وفضله‏.‏

ولهذا قال‏:‏ ‏{‏يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ‏}‏ على الله ‏{‏لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ‏}‏ لا من أجسامكم وأجسادكم ولا من أعمالكم ‏[‏وصفاتكم‏]‏، فإن الله تعالى عالم الغيب والشهادة‏.‏

ويحشر العباد حفاة عراة غرلا، في أرض مستوية، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، فحينئذ يجازيهم بما عملوا، ولهذا ذكر كيفية الجزاء، فقال‏:‏

‏[‏19 ـ 24‏]‏ ‏{‏فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ‏}‏

وهؤلاء هم أهل السعادة يعطون كتبهم التي فيها أعمالهم الصالحة بأيمانهم تمييزا لهم وتنويها بشأنهم ورفعا لمقدارهم، ويقول أحدهم عند ذلك من الفرح والسرور ومحبة أن يطلع الخلق على ما من الله عليه به من الكرامة‏:‏ ‏{‏هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَه‏}‏ أي‏:‏ دونكم كتابي فاقرأوه فإنه يبشر بالجنات، وأنواع الكرامات، ومغفرة الذنوب، وستر العيوب‏.‏

والذي أوصلني إلى هذه الحال، ما من الله به علي من الإيمان بالبعث والحساب، والاستعداد له بالممكن من العمل، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَه‏}‏ أي‏:‏ أيقنت فالظن ـ هناـ ‏[‏بمعنى‏]‏ اليقين‏.‏

‏{‏فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ‏}‏ أي‏:‏ جامعة لما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وقد رضوها ولم يختاروا عليها غيرها‏.‏

‏{‏فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ‏}‏ المنازل والقصور عالية المحل‏.‏

‏{‏قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ‏}‏ أي‏:‏ ثمرها وجناها من أنواع الفواكه قريبة، سهلة التناول على أهلها، ينالها أهلها قياما وقعودا ومتكئين‏.‏

ويقال لهم إكراما‏:‏ ‏{‏كُلُوا وَاشْرَبُوا‏}‏ أي‏:‏ من كل طعام لذيذ، وشراب شهي، ‏{‏هَنِيئًا‏}‏ أي‏:‏ تاما كاملا من غير مكدر ولا منغص‏.‏

وذلك الجزاء حصل لكم ‏{‏بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ‏}‏ من الأعمال الصالحة ـ وترك الأعمال السيئة ـ من صلاة وصيام وصدقة وحج وإحسان إلى الخلق، وذكر لله وإنابة إليه‏.‏

فالأعمال جعلها الله سببا لدخول الجنة ومادة لنعيمها وأصلا لسعادتها‏.‏



tgoop.com/tafssirelquran/393
Create:
Last Update:

‏[‏13 ـ 18‏]‏ ‏{‏فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ‏}‏

لما ذكر ما فعله تعالى بالمكذبين لرسله وكيف جازاهم وعجل لهم العقوبة في الدنيا وأن الله نجى الرسل وأتباعهم كان هذا مقدمة لذكر الجزاء الأخروي وتوفية الأعمال كاملة يوم القيامة‏.‏ فذكر الأمور الهائلة التي تقع أمام القيامة وأن أول ذلك أنه ينفخ إسرافيل ‏{‏فِي الصُّورِ‏}‏ إذا تكاملت الأجساد نابتة‏.‏ ‏{‏نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ‏}‏ فتخرج الأرواح فتدخل كل روح في جسدها فإذا الناس قيام لرب العالمين‏.‏

‏{‏وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً‏}‏ أي‏:‏ فتتت الجبال واضمحلت وخلطت بالأرض ونسفت على الأرض فكان الجميع قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا‏.‏ هذا ما يصنع بالأرض وما عليها‏.‏

وأما ما يصنع بالسماء، فإنها تضطرب وتمور وتتشقق ويتغير لونها، وتهي بعد تلك الصلابة والقوة العظيمة، وما ذاك إلا لأمر عظيم أزعجها، وكرب جسيم هائل أوهاها وأضعفها‏.‏

‏{‏وَالْمَلَكُ‏}‏ أي‏:‏ الملائكة الكرام ‏{‏عَلَى أَرْجَائِهَا‏}‏ أي‏:‏ على جوانب السماء وأركانها، خاضعين لربهم، مستكينين لعظمته‏.‏

‏{‏وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ‏}‏ أملاك في غاية القوة إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء بينهم بعدله وقسطه وفضله‏.‏

ولهذا قال‏:‏ ‏{‏يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ‏}‏ على الله ‏{‏لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ‏}‏ لا من أجسامكم وأجسادكم ولا من أعمالكم ‏[‏وصفاتكم‏]‏، فإن الله تعالى عالم الغيب والشهادة‏.‏

ويحشر العباد حفاة عراة غرلا، في أرض مستوية، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، فحينئذ يجازيهم بما عملوا، ولهذا ذكر كيفية الجزاء، فقال‏:‏

‏[‏19 ـ 24‏]‏ ‏{‏فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ‏}‏

وهؤلاء هم أهل السعادة يعطون كتبهم التي فيها أعمالهم الصالحة بأيمانهم تمييزا لهم وتنويها بشأنهم ورفعا لمقدارهم، ويقول أحدهم عند ذلك من الفرح والسرور ومحبة أن يطلع الخلق على ما من الله عليه به من الكرامة‏:‏ ‏{‏هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَه‏}‏ أي‏:‏ دونكم كتابي فاقرأوه فإنه يبشر بالجنات، وأنواع الكرامات، ومغفرة الذنوب، وستر العيوب‏.‏

والذي أوصلني إلى هذه الحال، ما من الله به علي من الإيمان بالبعث والحساب، والاستعداد له بالممكن من العمل، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَه‏}‏ أي‏:‏ أيقنت فالظن ـ هناـ ‏[‏بمعنى‏]‏ اليقين‏.‏

‏{‏فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ‏}‏ أي‏:‏ جامعة لما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وقد رضوها ولم يختاروا عليها غيرها‏.‏

‏{‏فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ‏}‏ المنازل والقصور عالية المحل‏.‏

‏{‏قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ‏}‏ أي‏:‏ ثمرها وجناها من أنواع الفواكه قريبة، سهلة التناول على أهلها، ينالها أهلها قياما وقعودا ومتكئين‏.‏

ويقال لهم إكراما‏:‏ ‏{‏كُلُوا وَاشْرَبُوا‏}‏ أي‏:‏ من كل طعام لذيذ، وشراب شهي، ‏{‏هَنِيئًا‏}‏ أي‏:‏ تاما كاملا من غير مكدر ولا منغص‏.‏

وذلك الجزاء حصل لكم ‏{‏بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ‏}‏ من الأعمال الصالحة ـ وترك الأعمال السيئة ـ من صلاة وصيام وصدقة وحج وإحسان إلى الخلق، وذكر لله وإنابة إليه‏.‏

فالأعمال جعلها الله سببا لدخول الجنة ومادة لنعيمها وأصلا لسعادتها‏.‏

BY تَيسِيرُ الكَرِيمِ الرَّحْمَٰن فِي تَفْسِيرِ كَلاَمِ المَنَّان للشَّيخ السَّعْدِي


Share with your friend now:
tgoop.com/tafssirelquran/393

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Public channels are public to the internet, regardless of whether or not they are subscribed. A public channel is displayed in search results and has a short address (link). But a Telegram statement also said: "Any requests related to political censorship or limiting human rights such as the rights to free speech or assembly are not and will not be considered." 1What is Telegram Channels? How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) Done! Now you’re the proud owner of a Telegram channel. The next step is to set up and customize your channel.
from us


Telegram تَيسِيرُ الكَرِيمِ الرَّحْمَٰن فِي تَفْسِيرِ كَلاَمِ المَنَّان للشَّيخ السَّعْدِي
FROM American