TAFSSIRELQURAN Telegram 437
‏[‏5 ـ 10‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ‏}‏

أي‏:‏ ولقد جملنا ‏{‏السَّمَاءَ الدُّنْيَا‏}‏ التي ترونها وتليكم، ‏{‏بِمَصَابِيحَ‏}‏ وهي‏:‏ النجوم، على اختلافها في النور والضياء، فإنه لولا ما فيها من النجوم، لكانت سقفًا مظلمًا، لا حسن فيه ولا جمال‏.‏

ولكن جعل الله هذه النجوم زينة للسماء، ‏[‏وجمالا‏]‏، ونورًا وهداية يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح، أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات السبع، فإن السماوات شفافة، وبذلك تحصل الزينة للسماء الدنيا، وإن لم تكن الكواكب فيها، ‏{‏وَجَعَلْنَاهَا‏}‏ أي‏:‏ المصابيح ‏{‏رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ‏}‏ الذين يريدون استراق خبر السماء، فجعل الله هذه النجوم، حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم، أعدها الله في الدنيا للشياطين، ‏{‏وَأَعْتَدْنَا لَهُم‏}‏ في الآخرة ‏{‏عَذَابِ السَّعِيرِ‏}‏ لأنهم تمردوا على الله، وأضلوا عباده، ولهذا كان أتباعهم من الكفار مثلهم، قد أعد الله لهم عذاب السعير، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏}‏ الذي يهان أهله غاية الهوان‏.‏

‏{‏إِذَا أُلْقُوا فِيهَا‏}‏ على وجه الإهانة والذل ‏{‏سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا‏}‏ أي‏:‏ صوتًا عاليًا فظيعًا، ‏{‏وَهِيَ تَفُورُ‏}‏ ‏.‏

‏{‏تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ‏}‏ أي‏:‏ تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا، وتتقطع من شدة غيظها على الكفار، فما ظنك ما تفعل بهم، إذا حصلوا فيها‏؟‌‏"‏ ثم ذكر توبيخ الخزنة لأهلها فقال‏:‏ ‏{‏كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ‏}‏ ‏؟‏ أي‏:‏ حالكم هذا واستحقاقكم النار، كأنكم لم تخبروا عنها، ولم تحذركم النذر منها‏.‏

‏{‏قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ‏}‏ فجمعوا بين تكذيبهم الخاص، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ولم يكفهم ذلك، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين وهم الهداة المهتدون، ولم يكتفوا بمجرد الضلال، بل جعلوا ضلالهم، ضلالًا كبيرًا، فأي عناد وتكبر وظلم، يشبه هذا‏؟‏

‏{‏وَقَالُوا‏}‏ معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد‏:‏ ‏{‏لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ‏}‏ فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى، وهي السمع لما أنزل الله، وجاءت به الرسل، والعقل الذي ينفع صاحبه، ويوقفه على حقائق الأشياء، وإيثار الخير، والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة، فلا سمع ‏[‏لهم‏]‏ ولا عقل، وهذا بخلاف أهل اليقين والعرفان، وأرباب الصدق والإيمان، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلة السمعية، فسمعوا ما جاء من عند الله، وجاء به رسول الله، علمًا ومعرفة وعملًا‏.‏

والأدلة العقلية‏:‏ المعرفة للهدى من الضلال، والحسن من القبيح، والخير من الشر، وهم ـ في الإيمان ـ بحسب ما من الله عليهم به من الاقتداء بالمعقول والمنقول، فسبحان من يختص بفضله من يشاء، ويمن على من يشاء من عباده، ويخذل من لا يصلح للخير‏.‏

قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار، المعترفين بظلمهم وعنادهم‏:‏ ‏{‏فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ‏}‏ أي‏:‏ بعدًا لهم وخسارة وشقاء‏.‏

فما أشقاهم وأرداهم، حيث فاتهم ثواب الله، وكانوا ملازمين للسعير، التي تستعر في أبدانهم، وتطلع على أفئدتهم‏!‏



tgoop.com/tafssirelquran/437
Create:
Last Update:

‏[‏5 ـ 10‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ‏}‏

أي‏:‏ ولقد جملنا ‏{‏السَّمَاءَ الدُّنْيَا‏}‏ التي ترونها وتليكم، ‏{‏بِمَصَابِيحَ‏}‏ وهي‏:‏ النجوم، على اختلافها في النور والضياء، فإنه لولا ما فيها من النجوم، لكانت سقفًا مظلمًا، لا حسن فيه ولا جمال‏.‏

ولكن جعل الله هذه النجوم زينة للسماء، ‏[‏وجمالا‏]‏، ونورًا وهداية يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح، أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات السبع، فإن السماوات شفافة، وبذلك تحصل الزينة للسماء الدنيا، وإن لم تكن الكواكب فيها، ‏{‏وَجَعَلْنَاهَا‏}‏ أي‏:‏ المصابيح ‏{‏رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ‏}‏ الذين يريدون استراق خبر السماء، فجعل الله هذه النجوم، حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم، أعدها الله في الدنيا للشياطين، ‏{‏وَأَعْتَدْنَا لَهُم‏}‏ في الآخرة ‏{‏عَذَابِ السَّعِيرِ‏}‏ لأنهم تمردوا على الله، وأضلوا عباده، ولهذا كان أتباعهم من الكفار مثلهم، قد أعد الله لهم عذاب السعير، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏}‏ الذي يهان أهله غاية الهوان‏.‏

‏{‏إِذَا أُلْقُوا فِيهَا‏}‏ على وجه الإهانة والذل ‏{‏سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا‏}‏ أي‏:‏ صوتًا عاليًا فظيعًا، ‏{‏وَهِيَ تَفُورُ‏}‏ ‏.‏

‏{‏تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ‏}‏ أي‏:‏ تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا، وتتقطع من شدة غيظها على الكفار، فما ظنك ما تفعل بهم، إذا حصلوا فيها‏؟‌‏"‏ ثم ذكر توبيخ الخزنة لأهلها فقال‏:‏ ‏{‏كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ‏}‏ ‏؟‏ أي‏:‏ حالكم هذا واستحقاقكم النار، كأنكم لم تخبروا عنها، ولم تحذركم النذر منها‏.‏

‏{‏قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ‏}‏ فجمعوا بين تكذيبهم الخاص، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ولم يكفهم ذلك، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين وهم الهداة المهتدون، ولم يكتفوا بمجرد الضلال، بل جعلوا ضلالهم، ضلالًا كبيرًا، فأي عناد وتكبر وظلم، يشبه هذا‏؟‏

‏{‏وَقَالُوا‏}‏ معترفين بعدم أهليتهم للهدى والرشاد‏:‏ ‏{‏لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ‏}‏ فنفوا عن أنفسهم طرق الهدى، وهي السمع لما أنزل الله، وجاءت به الرسل، والعقل الذي ينفع صاحبه، ويوقفه على حقائق الأشياء، وإيثار الخير، والانزجار عن كل ما عاقبته ذميمة، فلا سمع ‏[‏لهم‏]‏ ولا عقل، وهذا بخلاف أهل اليقين والعرفان، وأرباب الصدق والإيمان، فإنهم أيدوا إيمانهم بالأدلة السمعية، فسمعوا ما جاء من عند الله، وجاء به رسول الله، علمًا ومعرفة وعملًا‏.‏

والأدلة العقلية‏:‏ المعرفة للهدى من الضلال، والحسن من القبيح، والخير من الشر، وهم ـ في الإيمان ـ بحسب ما من الله عليهم به من الاقتداء بالمعقول والمنقول، فسبحان من يختص بفضله من يشاء، ويمن على من يشاء من عباده، ويخذل من لا يصلح للخير‏.‏

قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار، المعترفين بظلمهم وعنادهم‏:‏ ‏{‏فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ‏}‏ أي‏:‏ بعدًا لهم وخسارة وشقاء‏.‏

فما أشقاهم وأرداهم، حيث فاتهم ثواب الله، وكانوا ملازمين للسعير، التي تستعر في أبدانهم، وتطلع على أفئدتهم‏!‏

BY تَيسِيرُ الكَرِيمِ الرَّحْمَٰن فِي تَفْسِيرِ كَلاَمِ المَنَّان للشَّيخ السَّعْدِي


Share with your friend now:
tgoop.com/tafssirelquran/437

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Unlimited number of subscribers per channel How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) Telegram channels fall into two types: During a meeting with the president of the Supreme Electoral Court (TSE) on June 6, Telegram's Vice President Ilya Perekopsky announced the initiatives. According to the executive, Brazil is the first country in the world where Telegram is introducing the features, which could be expanded to other countries facing threats to democracy through the dissemination of false content. Deputy District Judge Peter Hui sentenced computer technician Ng Man-ho on Thursday, a month after the 27-year-old, who ran a Telegram group called SUCK Channel, was found guilty of seven charges of conspiring to incite others to commit illegal acts during the 2019 extradition bill protests and subsequent months.
from us


Telegram تَيسِيرُ الكَرِيمِ الرَّحْمَٰن فِي تَفْسِيرِ كَلاَمِ المَنَّان للشَّيخ السَّعْدِي
FROM American