tgoop.com/tahafoot/5945
Last Update:
عاد أيلول..!
أعاود كتابتها لعدة مرات متتالية
أمزق الأوراق وأرمي بها خلفي
هذه المرة لم أعثر على مقدمة تليق،
لا زلت أنت عثرتي الوحيدة في ممر العمر
ذاك الممر الذي طال لي فيه السير وحدي
وأنا ما سئمت من انتظار
اليوم الذي ستمد فيه بيدك إلي
كي تنتشل ما تبقى مني،
إن كانت حقًا هُناك بقيّة..
عاد أيلول..!
عامان ونصِف على الفراق
وقت طويل يخلو من - أي الحمد لله، لكن إنتي كويسة ؟- لم يجرؤ أي أحد على تكرار
صيغة هذا السؤال عليّ غيرك
ولم أجرؤ أنا ولو لمرة بأن اكتبها علنًا هُنا
لكل هذه الحشود التي تقرأ.
افتقد جدًا سؤالك ذاك
اتفقده بين الحين والحين في رسائلنا القديمة
أجيب عليه بداخلي
وأخبرك بكل ما يحدث ولا أستطيع البوح به.
أخبرك بأن الوحدة وحش سيء
يلتهم الأخضر واليابس
يكورني على نفسي من الرعب
يتلاعب بي ليل نهار
يحرمني حتى من أحقيّتي
في أن آخذ القليل من الأنفاس
التي ستمكنني من العيش لوقت إضافي..
ليس لديّ سوى أيلول،
هو الوحيد الذي يأتي على عجل؛
كي يستمع إلي بنفس رحابة الصدر الأولى،
يحاول جاهدًا أن يهدئ من روع هذا القلب
أن يغير من قناعاته بأنّ له نصيب
من الخير الذي سيأتي ذات يوم،
يراني مثيرة للشفقة
يعلم ما فعله بي الجميع
وما فعلت أنا لهم،
يراني ساذجًة بالتأكيد،
يتسائل سرًا
كيف لي أن أمنح الطمأنينة لمن ينتزعها مني..!
كيف لا زال لي قلب يسع هذا العالم
ولا مكان في العالم يسع قلبي الصغير؟
يرى كيف أنني هُنت عليهم
دون أن يغمض لهم جفن،
وكيف أنهم لما أعادوا ترتيب الأوراق
وضعوني في الصفحة الأخيرة..!
لا إجابات لديّ أنا أيضًا يا أيلول
لا أعلم كيف تتقلص أهمية شخص عند شخص آخر،
ولكنني أعلم جيدًا شعور المعرفة في لحظة كتلك،
كأنّ الأرض بكل ما فيها تتوقف فجأة عن الحركة
كأنّ القلب يصاب بالشلل،
يتجمد بردًا ونحن في فصل الصيف!،
ولا أي كلمة تريد أن تخرج في تلك اللحظة
اللحظة التي ينتظر فيها من رتب أوراقه
أن يرى ردة فعلي بعد أن رمى لي بالأوراق..
لا أدري ما هي المصطلحات اللازمة
لوصف خيبة أمل،
هل ستجدي المعاتبة في من استغنى؟
كيف تتم الاستفاقة بعد تلك الصدمة؟
وهل يمكن أن يعاود قلبي الثقة
ومنح الفرص مرة أخرى؟
كيف يتم خداعي في كل مرة
يخبرني فيها شخصٌ ما بأنه لن يتركني أبدًا،
بأن عليّ أن افتح قلبي قليلًا وأدخله فيه فقط
وهو سيتكفل بالباقي..
كيف أتخلص من سذاجتي
التي يتم خداعها في كل مرة..!
بالأمس قرأت اقتباسًا ما
هو ما دفعني لكتابة هذا النص
قِيل فيه:
"تخيل أن تجدَ ضالتكَ في عالٍم، كلُ شيءٍ فيه يدعو للتيه!
أن تأنس ويؤنسُ بك، تأمن ويؤمنُ بك،
أن يُباع كل شيءٍ ويُشترى خاطِرك
أن يُكتفى بوجودك، فيهون كل شيءٍ ولا تهون أنت، أن تباركك علاقًة،
وتزيدُك امتنانًا لخالقك،
أن تتكيءَ للمرةِ الأولى وأنت لا تخشى السقوط."
من وقتها وأنا أفكر متى سيحين الوقت
الذي ساتكئ فيه ولن أخشى السقوط
ومتى ستهون جميع الأشياء سواي
وأنا الوحيدة التي لن تهون..!
لا أدري إن كان لي في العمر بقية
كي أرى إن كان سيحدث ذلك أم لا
فقد تمددت رقعة الحرب كثيرًا هذا العام
حتى أنهم اقتربوا من الوصول إلى هُنا
الحصار يفرض نفسه على مدار شهرين متتاليين
ولا زالت مدينتنا تصرّ على المقاومة
لا أدري إن كنت سأغادر البلاد مثلك
أو إن كانت ستحل النهاية هنا..
ويبقى سؤالي لنفسي
هل سأجد رجلًا ما
يقوم بتسكين ما حلّ بهذا القلب ذات يوم؟
أخبرني شخص ما قبل فترة
بأنه سيقوم بجريمة قتل متعمدة
وينتهي من عشقي مع آخر نقطة في رسالته لي،
من وقتها وأنا أفكر ليلًا
كيف يمكن لنقطٍة وضعت في آخر السطر
أن تقتل عِشقًا استمر قبلها لأعوام؟
كيف تمحو نقطة واحدة كل شيء؟
هل يحدث هذا حقًا وأنا فقط
أغض الطرف عمدًا كي لا أقتلك؟
ربما هذا هو الذي يحدث حقًا
بينما يطلب مني الجميع فرصة واحدة
أحشد لك جميع الفرص
واترقب مواعيد رجوعك،
يبدو بأن ما سمعته
عن الوداعات الناقصة حقيقي
وكيف أنها لا تفعل شيئًا
سوى أنها تترك الإنسان يلوح إلى الأبد..
عزيزي أيلول
إن كان في العمر بقية
أتمنى أن آتيك بأخبار مفرحة
العام القادم أو في أي عام آخر،
أن أزف إليك خبر تخلصي من الوحدة
وأني أصبحت رهينة قصة حب ما
وإلى ذلك الحين سأبقى هكذا
أحاول الصمود مع أصوات أسلحة الحرب الأسبوعية
مع ما يفعله بي الجميع بلا استثناء
مع نفسي التي لا تراعي إلى نفسها
سأظل محاطة بالعقاقير الطبيعية،
الأدوية المصنعة،
دراستي غير المجدية،
يدي التي خذلتني،
معدتي التي لا تتقبلني
وأنا..!
أنا التي انتهت قبل أن تصل إلى مرمى البداية..!
هديل هشام
أيلول 2024
BY رسائل
Share with your friend now:
tgoop.com/tahafoot/5945