TAHAFOOT Telegram 5959
قبل يومين سقط مفتاحي سهوًا، ذلك الذي نسيت بأنه قد كان جزءًا من يومي، وأن مكانه الطبيعي هو حقيبة يدي كالمعتاد، ظلّ يسألني كثيرًا عن ماذا قد حل بمقبض الباب وهل أنه قد حظيّ ببعض الحظ في النجاة مثله؟، كان يريد مني أن أُدلي بكل ما لديّ من معلومات، كان يريد أن يختبئ تحت رمل أرض يحفظ رائحتها جيدًا، أن يلعب معي الغميضة فيختبئ مني ككل مرة ولا يعاود الظهور إلا بعد أن أعلن عن ضجري كالمعتاد، لم يعلم بأن لا مكان له هُنا وأنه تحول إلى مجرد ذكرى قد أحملها في حقيبتي لعدد قادم من السنوات.
أمامي مشط شعري، يسألني عن ما حل بالتسريحة، عن دفء شعري المعتاد بعد مكوة السيراميك وهو يمر بارتياح تام وسط شعري المنسدل، عن تلاعبي به وأنا أفكر في أن جميع طرق تصفيف الشعر غير لائقة في يوم اللقاء بمن أحب..
على معصمي ساعة فضية، تردد كثيرًا بأن علينا الخروج قبل التاسعة بنصف ساعة؛ كي نتمكن من اللحاق بالدوام. على معصمي عقارب ساعة تسأل النبض عنك، عن ما حل بمواقيت لقائك وتؤكد على أن هذا البعد قد طال كثيرًا.
في يدي دفتر يسألني عن الكثير من ما كان لديه من التزامات، عن ما حل بالتوريدات المصرفية، مواعيد السداد، رواتب الموظفين، الأشياء التي يجب علي القيام بها والكثير الكثير من الذكريات..
حذائي الأسود يفتقد زحام الطريق، رغبته العارمة في الوصول مستعجلًا؛ ليمكنني من اللحاق بما لديّ من أعمال، يشتاق إلى ليالي الخميس وفضوله القاتل كي يعرف إلى أين سنذهب اليوم بعد اسبوع كامل من التعب.
بجواري تنورتي الرمادية مسالمة جدًا، لا تطرح الكثير من الأسئلة، لا تفتقد مكانًا بعينه ولكنها تتوق إلى يوم ستجلس فيه في مكان يمتلئ برائحتك أيّنما كان.
على مرمى بصري أحد النيلين أسأله عن ما حل بنصفه الآخر وكيف يمكن أن يكون حال الخريف في مقرن النيلين؟ هل تشتاق السماء لنا هُناك؟ هل تطلب الأرض منهم اذنًا كي يعود لها السلام؟ وهل نعود؟؟.
أحاول الاسترسال مع الأيام، تخطي كل شيء كان لي قدر الامكان ولكن كل ما حولي يشتاق للعاصمة، يعصم نفسه عن الانتماء لغيرها ويصمم على العودة..

هديل هشام



tgoop.com/tahafoot/5959
Create:
Last Update:

قبل يومين سقط مفتاحي سهوًا، ذلك الذي نسيت بأنه قد كان جزءًا من يومي، وأن مكانه الطبيعي هو حقيبة يدي كالمعتاد، ظلّ يسألني كثيرًا عن ماذا قد حل بمقبض الباب وهل أنه قد حظيّ ببعض الحظ في النجاة مثله؟، كان يريد مني أن أُدلي بكل ما لديّ من معلومات، كان يريد أن يختبئ تحت رمل أرض يحفظ رائحتها جيدًا، أن يلعب معي الغميضة فيختبئ مني ككل مرة ولا يعاود الظهور إلا بعد أن أعلن عن ضجري كالمعتاد، لم يعلم بأن لا مكان له هُنا وأنه تحول إلى مجرد ذكرى قد أحملها في حقيبتي لعدد قادم من السنوات.
أمامي مشط شعري، يسألني عن ما حل بالتسريحة، عن دفء شعري المعتاد بعد مكوة السيراميك وهو يمر بارتياح تام وسط شعري المنسدل، عن تلاعبي به وأنا أفكر في أن جميع طرق تصفيف الشعر غير لائقة في يوم اللقاء بمن أحب..
على معصمي ساعة فضية، تردد كثيرًا بأن علينا الخروج قبل التاسعة بنصف ساعة؛ كي نتمكن من اللحاق بالدوام. على معصمي عقارب ساعة تسأل النبض عنك، عن ما حل بمواقيت لقائك وتؤكد على أن هذا البعد قد طال كثيرًا.
في يدي دفتر يسألني عن الكثير من ما كان لديه من التزامات، عن ما حل بالتوريدات المصرفية، مواعيد السداد، رواتب الموظفين، الأشياء التي يجب علي القيام بها والكثير الكثير من الذكريات..
حذائي الأسود يفتقد زحام الطريق، رغبته العارمة في الوصول مستعجلًا؛ ليمكنني من اللحاق بما لديّ من أعمال، يشتاق إلى ليالي الخميس وفضوله القاتل كي يعرف إلى أين سنذهب اليوم بعد اسبوع كامل من التعب.
بجواري تنورتي الرمادية مسالمة جدًا، لا تطرح الكثير من الأسئلة، لا تفتقد مكانًا بعينه ولكنها تتوق إلى يوم ستجلس فيه في مكان يمتلئ برائحتك أيّنما كان.
على مرمى بصري أحد النيلين أسأله عن ما حل بنصفه الآخر وكيف يمكن أن يكون حال الخريف في مقرن النيلين؟ هل تشتاق السماء لنا هُناك؟ هل تطلب الأرض منهم اذنًا كي يعود لها السلام؟ وهل نعود؟؟.
أحاول الاسترسال مع الأيام، تخطي كل شيء كان لي قدر الامكان ولكن كل ما حولي يشتاق للعاصمة، يعصم نفسه عن الانتماء لغيرها ويصمم على العودة..

هديل هشام

BY رسائل


Share with your friend now:
tgoop.com/tahafoot/5959

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Click “Save” ; Telegram desktop app: In the upper left corner, click the Menu icon (the one with three lines). Select “New Channel” from the drop-down menu. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? Concise A vandalised bank during the 2019 protest. File photo: May James/HKFP.
from us


Telegram رسائل
FROM American