TIB_HAKAIK Telegram 1006
وهل أفسد الدّين إلّا الملوك .. .. وأحـبار-علماء- سـوءٍ ورهبانها [الإمام ابن المبارك -رحمه الله- ]

قال سليمان الرحيلي: "ترك الإنكار العلني على ولي الأمر لأن المفاسد المترتبة على ذلك كبيرة لازمة "

الرحيلي يُقر بأن هناك منكرات في بلاد الحرمين ترتبت عليها مفاسد ويرى بعدم الإنكار على ولي الأمر لما يترتب عليه من مفسدة كبيرة لازمة، وهذا الإطلاق غير صحيح فقد يحصل الإنكار العلني ويتم زوال الشر دون ترتب أي مفسدة وقد تكون هناك مفسدة لكن دون مفسدة السكوت وضياع الحقّ وتحصيلِ الخير، ولهذا وضع العلماء ضوابط للإنكار العلني إذا تعذرت النصيحة السرية، قال الشيخ فركوس -حفظه الله-: «أمَّا إذا لم يُمكِنْ وَعظُهُم سِرًّا في إزالةِ مُنكرٍ وقَعوا فيه علنًا، وغَلَبَ على الظَّنِّ تحصيلُ الخيرِ بالإنكارِ العَلَني مِنْ غيرِ تَرَتُّبِ أيِّ مفسدةٍ فإنَّه يجوزُ ـ والحال هذه ـ نصيحتُهم والإنكارُ عليهم عَلَنًا دون هتكٍ ولا تعييرٍ ولا تشنيعٍ، وهو ما تقتضيه الحِكمةُ مِنْ إنكارِ المُنكرِ وإحقاقِ الحقِّ وتحصيلِ الخيرِ»، وبهذا يكون الرحيلي خالف منهج العلماء الربانيين في مراعات مصلحة حفظ الدين وزوال الشر الحاصلة من الإنكار العلني، فقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن ضابط الإنكار مِن حيث الإسرار والجهر به للحاكم والمحكوم فأجاب: «الأصل أنَّ المُنكِر يتحرَّى ما هو الأصلحُ والأقربُ إلى النجاح...وإذا كان يرى مِنَ المصلحة أنه إذا جَهَر قال: فلانٌ فَعَل كذا، ولم تنفع فيه النصيحة السرِّيَّة، ورأى مِنَ المصلحة أنه ينفع فيه هذا الشيء فيفعل الأصلحَ»[دروس للشيخ عبد العزيز بن باز (٩/ ١٧)]
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: : «كذلك ـ أيضًا ـ في مسألةِ مناصحة الولَاة: من الناس من يريد أَن يأخذ بجانبٍ مِنَ النصوص وهو إعلانُ النكير على ولاة الأمور مهما تَمخَّض عنه مِنَ المفاسد، ومنهم مَنْ يقول: لا يمكن أَنْ نُعلِن مُطلَقًا، والواجب أَن نناصح ولاةَ الأمور سرًّا كما جاء في النصّ الذي ذَكَره السائل، ونحن نقول: النصوص لا يكذِّب بعضُها بعضًا، ولا يصادم بعضُها بعضًا، فيكون الإنكار مُعلَنًا متى؟ عند المصلحة، والمصلحة هي أَنْ يزول الشرُّ ويحلَّ الخيرُ، ويكون سرًّا إذا كان إعلان الإنكار لا يخدم المصلحةَ، لا يزول به الشرُّ ولا يحلُّ به الخير» [لقاء الباب المفتوح ٦٢/ ١٠]
وبهذه النقول يتبيّن خطأ الرحيلي لما أخذ بجانب من النصوص وانحرافه عن الصواب وجادة المنهج السلفي في هذا الباب، فالعلماء أعملوا جميع النصوص ولم ينفوا أصل الإنكار العلني على الولاة كما أراد أن ينفيه وإنما وضعوا له ضوابط وقيدوه بالمصلحة وزوال الشر.

ومن جهة أخرى فإن المنكرات الحاصلة من ولاة أمور المسلمين ليست حادثة اليوم والناظر في سيرة السلف الصالح في تعاملهم مع ولاة الأمور يدرك تميّع سليمان الرحيلي في هذا الباب، فالسلف وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ينكرون علنا على الولاة، قال ابن القيّم -رحمه الله- بعدما ساق بعض إنكارات الصحابة على الولاة: «.. وهذا كثيرٌ جِدًّا مِن إنكارِهم على الأمراءِ والولاةِ إذا خرجوا عن العَدلِ لم يخافوا سَوْطَهُم ولا عقوبتَهم، ومَن بعدَهم لم تكن لهم هذه المَنزلةُ، بل كانوا يتركون كثيرًا مِنَ الحقِّ خوفًا مِنْ وُلاةِ الظُّلم وأمراءِ الجَوْرِ، فمِنَ المُحالِ أن يُوفَّق هؤلاءِ للصَّوابِ ويُحرَمَهُ أصحابُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم». [إعلام الموقعين ٤/ ١١٠] فمن الأولى بالاتباع منهج الرحيلي أم منهج السلف الصالح؟ وهل يوفق للصواب من يترك الحقّ ويسكت عن الباطل؟ فمحال أن يوفق أصحاب التمييع والولاء المطلق للولاة للصواب ويحرمه أصحاب رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ومن تبعهم بإحسان.

ثم إن الرحيلي -أصلحه الله- هوّن من مصلحة حفظ الدين وجعل مصلحة حفظ هبة وليّ الأمر أعلى منها واعتبر مفسدة ضياعه مقابل مفسدة الإنكار العلني هي الدنيا مطلقا، فمصلحة حفظ الدّين من المقاصد الضرورية والكليات الخمس وهي أكبر وأصل الكليات وهي مُقدَّمة على مقصد حفظ النّفس ولهذا شُرع الجهاد بالنّفس والمّال حفاظا على الدّين، وقد جسّد الصحابة والتابعون هذا الأصل ومنهم من قُتل بسبب إنكاره وبيانه للحقّ كما قتل الحجّاج كبار الصحابة والتابعين، فتمييع الرحيلي لمقصد حفظ الدّين وتقديم مصلحة هيبة وليّ الأمر عليه أمر خطير يترتب عليه أثار جسيمة قد تؤدي إلى ضياع الدين بأكمله، ولهذا قال النَّووي -رحمه الله-: «.. فإِنْ لم يُمكن الوَعظُ سِرًّا -للأمراء- وَالإِنكارُ فَلْيَفْعَلْهُ عَلانيَةً؛ لِئَلَّا يَضِيعَ أَصلُ الحَقِّ» [شرح مسلم ١١٨/١٨]

فالعلماء بينّوا منهج السلف في الإنكار على الولاة وقدموا مصلحة حفظ الدّين -الحقّ- على حفظ الهيبة وعلى ترك الإنكار مطلقا بزعم ترتب مفاسد كبيرة لازمة كما ذهب إليه كبير منظّر الوطنجيين.



tgoop.com/tib_hakaik/1006
Create:
Last Update:

وهل أفسد الدّين إلّا الملوك .. .. وأحـبار-علماء- سـوءٍ ورهبانها [الإمام ابن المبارك -رحمه الله- ]

قال سليمان الرحيلي: "ترك الإنكار العلني على ولي الأمر لأن المفاسد المترتبة على ذلك كبيرة لازمة "

الرحيلي يُقر بأن هناك منكرات في بلاد الحرمين ترتبت عليها مفاسد ويرى بعدم الإنكار على ولي الأمر لما يترتب عليه من مفسدة كبيرة لازمة، وهذا الإطلاق غير صحيح فقد يحصل الإنكار العلني ويتم زوال الشر دون ترتب أي مفسدة وقد تكون هناك مفسدة لكن دون مفسدة السكوت وضياع الحقّ وتحصيلِ الخير، ولهذا وضع العلماء ضوابط للإنكار العلني إذا تعذرت النصيحة السرية، قال الشيخ فركوس -حفظه الله-: «أمَّا إذا لم يُمكِنْ وَعظُهُم سِرًّا في إزالةِ مُنكرٍ وقَعوا فيه علنًا، وغَلَبَ على الظَّنِّ تحصيلُ الخيرِ بالإنكارِ العَلَني مِنْ غيرِ تَرَتُّبِ أيِّ مفسدةٍ فإنَّه يجوزُ ـ والحال هذه ـ نصيحتُهم والإنكارُ عليهم عَلَنًا دون هتكٍ ولا تعييرٍ ولا تشنيعٍ، وهو ما تقتضيه الحِكمةُ مِنْ إنكارِ المُنكرِ وإحقاقِ الحقِّ وتحصيلِ الخيرِ»، وبهذا يكون الرحيلي خالف منهج العلماء الربانيين في مراعات مصلحة حفظ الدين وزوال الشر الحاصلة من الإنكار العلني، فقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن ضابط الإنكار مِن حيث الإسرار والجهر به للحاكم والمحكوم فأجاب: «الأصل أنَّ المُنكِر يتحرَّى ما هو الأصلحُ والأقربُ إلى النجاح...وإذا كان يرى مِنَ المصلحة أنه إذا جَهَر قال: فلانٌ فَعَل كذا، ولم تنفع فيه النصيحة السرِّيَّة، ورأى مِنَ المصلحة أنه ينفع فيه هذا الشيء فيفعل الأصلحَ»[دروس للشيخ عبد العزيز بن باز (٩/ ١٧)]
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: : «كذلك ـ أيضًا ـ في مسألةِ مناصحة الولَاة: من الناس من يريد أَن يأخذ بجانبٍ مِنَ النصوص وهو إعلانُ النكير على ولاة الأمور مهما تَمخَّض عنه مِنَ المفاسد، ومنهم مَنْ يقول: لا يمكن أَنْ نُعلِن مُطلَقًا، والواجب أَن نناصح ولاةَ الأمور سرًّا كما جاء في النصّ الذي ذَكَره السائل، ونحن نقول: النصوص لا يكذِّب بعضُها بعضًا، ولا يصادم بعضُها بعضًا، فيكون الإنكار مُعلَنًا متى؟ عند المصلحة، والمصلحة هي أَنْ يزول الشرُّ ويحلَّ الخيرُ، ويكون سرًّا إذا كان إعلان الإنكار لا يخدم المصلحةَ، لا يزول به الشرُّ ولا يحلُّ به الخير» [لقاء الباب المفتوح ٦٢/ ١٠]
وبهذه النقول يتبيّن خطأ الرحيلي لما أخذ بجانب من النصوص وانحرافه عن الصواب وجادة المنهج السلفي في هذا الباب، فالعلماء أعملوا جميع النصوص ولم ينفوا أصل الإنكار العلني على الولاة كما أراد أن ينفيه وإنما وضعوا له ضوابط وقيدوه بالمصلحة وزوال الشر.

ومن جهة أخرى فإن المنكرات الحاصلة من ولاة أمور المسلمين ليست حادثة اليوم والناظر في سيرة السلف الصالح في تعاملهم مع ولاة الأمور يدرك تميّع سليمان الرحيلي في هذا الباب، فالسلف وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ينكرون علنا على الولاة، قال ابن القيّم -رحمه الله- بعدما ساق بعض إنكارات الصحابة على الولاة: «.. وهذا كثيرٌ جِدًّا مِن إنكارِهم على الأمراءِ والولاةِ إذا خرجوا عن العَدلِ لم يخافوا سَوْطَهُم ولا عقوبتَهم، ومَن بعدَهم لم تكن لهم هذه المَنزلةُ، بل كانوا يتركون كثيرًا مِنَ الحقِّ خوفًا مِنْ وُلاةِ الظُّلم وأمراءِ الجَوْرِ، فمِنَ المُحالِ أن يُوفَّق هؤلاءِ للصَّوابِ ويُحرَمَهُ أصحابُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم». [إعلام الموقعين ٤/ ١١٠] فمن الأولى بالاتباع منهج الرحيلي أم منهج السلف الصالح؟ وهل يوفق للصواب من يترك الحقّ ويسكت عن الباطل؟ فمحال أن يوفق أصحاب التمييع والولاء المطلق للولاة للصواب ويحرمه أصحاب رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ومن تبعهم بإحسان.

ثم إن الرحيلي -أصلحه الله- هوّن من مصلحة حفظ الدين وجعل مصلحة حفظ هبة وليّ الأمر أعلى منها واعتبر مفسدة ضياعه مقابل مفسدة الإنكار العلني هي الدنيا مطلقا، فمصلحة حفظ الدّين من المقاصد الضرورية والكليات الخمس وهي أكبر وأصل الكليات وهي مُقدَّمة على مقصد حفظ النّفس ولهذا شُرع الجهاد بالنّفس والمّال حفاظا على الدّين، وقد جسّد الصحابة والتابعون هذا الأصل ومنهم من قُتل بسبب إنكاره وبيانه للحقّ كما قتل الحجّاج كبار الصحابة والتابعين، فتمييع الرحيلي لمقصد حفظ الدّين وتقديم مصلحة هيبة وليّ الأمر عليه أمر خطير يترتب عليه أثار جسيمة قد تؤدي إلى ضياع الدين بأكمله، ولهذا قال النَّووي -رحمه الله-: «.. فإِنْ لم يُمكن الوَعظُ سِرًّا -للأمراء- وَالإِنكارُ فَلْيَفْعَلْهُ عَلانيَةً؛ لِئَلَّا يَضِيعَ أَصلُ الحَقِّ» [شرح مسلم ١١٨/١٨]

فالعلماء بينّوا منهج السلف في الإنكار على الولاة وقدموا مصلحة حفظ الدّين -الحقّ- على حفظ الهيبة وعلى ترك الإنكار مطلقا بزعم ترتب مفاسد كبيرة لازمة كما ذهب إليه كبير منظّر الوطنجيين.

BY تَبْيِينُ الحَقَائِق


Share with your friend now:
tgoop.com/tib_hakaik/1006

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Today, we will address Telegram channels and how to use them for maximum benefit. End-to-end encryption is an important feature in messaging, as it's the first step in protecting users from surveillance. Members can post their voice notes of themselves screaming. Interestingly, the group doesn’t allow to post anything else which might lead to an instant ban. As of now, there are more than 330 members in the group. Although some crypto traders have moved toward screaming as a coping mechanism, several mental health experts call this therapy a pseudoscience. The crypto community finds its way to engage in one or the other way and share its feelings with other fellow members. As five out of seven counts were serious, Hui sentenced Ng to six years and six months in jail.
from us


Telegram تَبْيِينُ الحَقَائِق
FROM American