tgoop.com/ttangawi/692
Last Update:
#إضاءة_منهجية (35)
أنت مؤدلج! ( 3/3 - للجزء الأول: https://www.tgoop.com/ttangawi/690 - للجزء الثاني: https://www.tgoop.com/ttangawi/691)
4️⃣ الإسلام أراد الله له الظهور على بقية الأديان والرؤى الكونية الأخرى, وهو الوحيد الذي يفرض على اتباعه أن يكون ظهورهم بغير دافع شخصي ولا قبلي ولا فئوي ولا قومي, بل لدافع علو الحق الذي يتساوى كل من دخل فيه, ويحتمي به كل من انقاد له, ويفرض عليهم أن يرحموا إذا حازوا القوة ويعاملوا بالعدل والانضباط, والإسلام في هذا على الضدّ مما يذكر كسلبية للإيديولوجيا من أنّها تشحن بالدوافع الخبيثة للسيطرة وتغييب العقول, بل هو يسعى بذلك إلى تحرير العقول من الفتنة عن الحق, لأنّ العقول لا يمكن أن تزال عنها الفتنة وتتحرّر منها إلاّ وأبصرت براهين صدقه وعدله ورحمته.
5️⃣ الإسلام انتماء عقدي إلى الحق وصراطه وأهله, ومحبّة لما يحبّه الله وبغض لما يبغضه سبحانه, وهذا أمر طبيعي لأنّنا نتكلّم عن حقّ مبرهن يتعلّق بسبب وجود هذا الكون ومن له الحقّ الأعظم فيه, وله فيه الخلق والأمر, وفي هذا الانتماء إذاً اتساق مع هذه الرؤية المبرهنة..
لكن هل يلزم من ذلك أنّنا نقصي المختلف معنا بإطلاق؟ أو أنّنا نأخذ منه موقفاً واحداً يتجه دوماً لاستعمال القوة ضده ومحوه من الوجود؟ أبداً لا يلزم, بل نحن ننظر للمخالف بعين الرحمة ونحب هدايته, ونعامله وفق النظام الذي شرعه الله سبحانه, ولكن ليس علينا أيضاً لنهرب من تهمة الإيديولوجيا أن نسويّ بين المختلفات ونجعل الناس في مرتبة واحدة بغض النظر عن موقفهم من الحق, فهذا الهروب سيكون اتساقاً مع قيم إيديولوجية المخالف غير المبرهنة مثل نسبية الحقيقة وعزل الدين عن التأثير في الحياة العامة, ونحن لنا قيمنا العليا المبرهنة -كالعبوديةّ لله والعدل والرحمة- التي ننطلق منها في مواقفنا وفق منهج ربّاني منضبط..
وهكذا نجد أنّ ممارسة النقد تكشف في الحقيقة أنّ الأمر منقلب تماماً, فموقف الإسلام من النقاط الخمس يعدّ من محاسنه وعظمته, وموقف من يوظفون المصطلح ضدّ من يتمسّك به مملوء بالمضامين التي يتبجّحون برميها في وجه المسلمين.
فهي إذا عملية استغفال و"أدلجة" بلغتهم ووفق معاييرهم, ومع ذلك فأنّنا سنقف على بعض المحطات الأخيرة المهمة في الموقف من الإيديولوجيا, حتى لا تضيع التفاصيل المهمّة في جو الردّ والتفنيد, وذلك فيما يلي:
📌أولاً: يجب التفصيل في الموقف بين الإسلام وبعض تطبيقات المسلمين له, فالتطبيق يمكن أن يدخله الاجتهاد, وبالتالي يمكن أن يدخله النقد, وبالتالي يمكن أن يكون رفض النقد وتغييب التفكير العميق تجاه تلك الاجتهادات من قبيل "الأدلجة" المذمومة إن صحّ التعبير, غير أنّ هذا لا ينسحب على نفس الدين لأنّه مبرهن في ذاته, ولا ينسحب أيضاً على منهج هذا الدين في الاجتهاد لأنه من الدين, وإنّما يجب أن ينحصر في دائرة التطبيق المتفرّع عن هذا المنهج إذا كان من قبيل الاجتهاديات أو الأخطاء والانحرافات, على أن يكون النقد علمياً باستعمال الأدوات الصحيحة للعلوم الشرعية مع امتلاك الأهلية لذلك, ولهذا:
📌ثانياً: يجب التفريق بين طبقات الناس وقدراتهم, فليس من المعقول ولا المأمور به شرعاً أن نطالب كلّ الناس بخوض النقد حتّى فيما يحتاج لمقدمات يفتقدونها لكي يكون نقدهم على علم, فالنقد ليس مراداً لأجل النقد وإنّما لأجل البناء والتصحيح, وبالتالي لا يمكن أن نذم من وقف عن النقد لعدم أهليته, فهذه فضيلة لا رذيلة ولا مذمّة, إلاّ إذا كنّا سنسطّح العلوم, فنقع فيما تعيبه أطروحات نقد الإيديولوجيا نفسها, وهذا بالفعل يلاحظ على بعض من يشهرون سيف الإيديولوجيا, فهم يخوضون في مجالات كثيرة دون اختصاص ولا أهلية, ويشجّعون الناس على ذلك وعلى الجرأة فيه, وهذا لأنّ القضية عندهم لا تتعلق بالبناء الموضوعي للمعرفة بقدر ما تتعلّق بالفوضى الفكرية, والتي يظنّون أنّها ستحدث هدماً خلاّقاً في السائد في المجتمعات يؤول إلى صالح غرس إيديولوجياتهم!
📌ثالثاً: يجب أن يكون طرح من يريد رفع مستوى الوعي وإشاعة التفكير العميق والنقد البنّاء بعيداً عن الخلط والتلبيس بتوظيف مصطلحات مجملة ملبسة كالإيديلوجيا, فيمكن مثلاً أن يذمّ التعصّب بالباطل واتّباع الهوى والتعالي على النقد الهادف, وغير ذلك ممّا يوصل المعنى الصحيح دون دسّ المعاني الباطلة, مع إثبات الدعاوى بالبراهين وفق المنهج العلمي الشرعي.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد
BY رسائل..
Share with your friend now:
tgoop.com/ttangawi/692