Telegram Web
Forwarded from توريقات
الليل اصبح أكثر هدوء..
ليالي الشتاء هي هكذا ..رغم لفحات البرد ، الا انها تفتح بابا من التخيلات والأماني ..
أتمنى في هذه اللحظات الباردة أن أكون في كوخ ، كوخ يقع على خاصرة غابة ..
داخل الكوخ مدخنة " مدفئة" ..هواء بارد خفيف يدخل من تحت ابواب وعبر منافذ صغيرة في النوافذ
صوت حفيف الشجر ..وصرير " صرصار الليل" ..لا عجب ان اخترت هذا الصوت ..لأن بوجود هذا الصوت يعني انني رومانسي ..الرومانسية في صوت صرصار الليل هي موسيقى بتهوفنية بدون الآت ..أستطيع أن أراقص اي فتاة على صوت هذه الموسيقى .
ياااه تخيلات مستوحاه من افلام ..
حتى في خيالاتي اصبحت لا أجيد التجديد ..
البرد لم يعد حميم بالنسبة لي ..كان حميم أي نعم ..ويأتي بعواطف ومشاعر جياشة غارقة في الرومانسية .
نسناس البرد الذي أشعر به الآن هو يذكرني بالطفولة ..
‏بعض الاجواء ذكريات ، مسكين أيها الانسان كل تغيرات الاجواء والاماكن تذكرك بمشاعرك .
على الشرفة ، لا يمكن كسر النمط .
سؤال من الخاص .
حدثنا عن السحر يا مُنفصم لو عندك فكرة عن نشأته من علمه وتعلمه ممن ولم
مش من الانترنت لو عندك فكرة انت أو قرإت عنه مثلاً أو تعرضت له في أحد قرائاتك الكثيرة ولا تأتي به من باب الدين رجاءً

كل الرضا والتوفيق لك مُنفصم .
‏دائمًا أحب قراءة الأعمال الأولى لأي مؤلف، وخاصةً التي كتبت فترة الشباب، هذه رواية عن جيل قلق، جيل خاض الحرب، وألم الفقر مع أحلام كبيرة يختم في الصفحات الأخيرة " جيل جديد مُكرس أكثر من سابقه للخوف من الفقر ولعبادة النجاح" ، ‏تعجبني "الروح التمردية" ضد قواعد الفن، تجد في هذه الرواية تلاعب جميل بتقنيات السرد، ما بين السارد العليم ومن ثم تيار الوعي، تداخل الشعر مع النثر، وكذلك كتابة مسرحية داخل الرواية، وجدت فيها جزء مني كونها سيرة ذاتية للمؤلف، وهذا مزعج بعض الشيء لأنك في لحظة ما تجد ذاتك في كل شيء!
ينتشر بين القراء روائي ما على إثر رواية كتبها وجدت جمهوراً غفيراً يصفق لهذا العمل البديع، إلا أنه غالباً ما يتم تهميش أعمال أخرى لا تقل جمالية عما عرفه القراء بل وأحياناً تكون أكثر إبداعاً. هذا ما حصل لي مع هامسون فلا الجوع ولا أسرار ولا فيكتوريا نالت إعجابي مثل هذه التحفة العجيبة ، يا لعذوبة هذه الرواية. دقة في بناء الشخصيات، وصف دقيق لمعاناة الإنسان الحديث وهو ينتقل من طور العيش الريفي إلى المدينة، تجسيد رائع للقيم البطريركية، معها عشت وسط الغابة جوار الأبقار والأشجار السامقة: سحرتني جدا .
كنت في صغري أنا و الأطفال من فتية " الديرة " نسرق .. نستولي .. نسلب ( سيم ) 😁 علاق مغسلة الملابس لـ نكوره على شكل ( دويره ) 😁 ترتبط بـ ( دويرة ) ثانية عن طريق ( سيم ) اخر ؟!
وكل دوائرنا تلك متصلة بـ سلك طويل .. ممتد من نهد التراب حتى صدورنا العارية !
وكل هذا يندرج تحت ما يسمى لعبة السيارات 🙊 ، التي كنت أمارسها مع فتية الديرة .
هكذا كنا نلعب و نلهو هكذا نشأنا ترعرعنا بكل حلونا و ملحنا و مرنا .
في أحد الأيام بينما كنت أقود سيارتي المصنوعة من ( الأسيام ) تعرضت لحادث مروري نتج عنه " فلقه " في رأسي خخخ وكان الأمر يتطلب تدخل الكبار ، هرول بي والدي - يرحمه الله ♥️- للمركز الصحي الذي تشعر أنه لا يمت للحياه .. الصحة بصله سوى بالأسم 😁 .. دمي ينزف ونظرات والدي قلقة ، صمت فاجر ، هدوء ربما تتبعه عاصفه ، حماقة من يعلم .
الدكتور : بص يا حج جرح ابنك كبير و عميييق ويحتاج لخياط والخياط يحتاج لبنج ..؟
ولا أملك هذا الأخير أي البنج .. 😢😁
وطفلك لن يتحمل ألم الأبرة و الخيط !
قاطعه والدي : لا ما عليك يا دكتور
وليدي رجااااال ؟؟ يقولها بزهو 😁
يا ويلك يا مُنفصم قبل شوي كنت تلعب مع الورعان والآن الموقف يتطلب مني أن أكون رجلاً 😁😢 لا وصبور على الألم ..!
وتسائلت هل نضجت بهذه السرعه هههه .
ها هو عام آخر يغيب ،نودعه بأقل انواع الأسى ونستقبل عامًا جديدًا ،نحمل الامل المضلل في ان بكور الأشياء أجملها ،وأن العام الجديد افضل واوسع سماءً، وأننا سنحلق فيه وننجو منه ونفرح فيه ،وانه سيحمل تسامحًا عميقًا يوزعه على الإنسانية كلها وسيزرع المودة العبقة وينتزع عشب البغضاء الدخيل ،أقصى ما نستطيعه فيه ان نتمنى ونسعى لنحقق أمنياتنا ،نقفز قفزة عالية الى الاعلى ونصل الى نقطة السعادة المتألقة حيث لا ينال منا ألم ولا يغتال دواخلنا كره ،تمتليء بالرضا ونتدثر عن برد الأوقات بفرحٍ نتمثله حتى يتجسد ويصبح حقيقة
كل عام وأنتم بألف خير وسعة وصحة وسعادة ورضا وغِنى وعافية تامة لا من فيها ولا كدر أحبتي ♥️
‏الآن أتحدث مع قلبي، اطلب منه الهدوء والتصرف مثل الناضجين والتوقف عن اللعب بصورتك وتقليد طريقتك في الكلام وأن يعود الى صدري بدلاً من الجلوس في صندوق الرسائل ، ‏بالأمس غادرت في وقت مبكر، تركت للأطفال إفطارهم قرب الألعاب التي يحبونها، نظفت بقايا ذعري من المكان، أعدت الكراسي والملاعق واحلامي والصحون، وضعت قلبي في آلة التجفيف وخرجت ، ‏ليس في قلبي الا المسافات، سيقان قديمة، كومة ايام لا تصلح للاستخدام الادمي.
‏متوتر قليلًا، ضربات قلبي سريعة منذ نصف يوم ولا يوجد أي حدث يستدعي، جارنا في الطابق الأسفل يشرب الكثير من السجائر هذه الأيام، ثقب الشباك أخبرني، يحتاج هو الآخر أن يربت أحد على كتفه ، ‏جسدي يجلس في محاضرة ولكن عقلي مرتدي زي سباحة ومتمدد على العشب ، مُنفصم ‏ارجوك لا تستسلم، لماذا تحفر الدولة الأنفاق، بإمكانهم الاستعانة بالثقوب التي في قلبي ، ‏عظامي ليست مستعدة ، ‏أنا لا أستطيع أن أقع في الحب لأنني أفكر، هناك أشياء حينما نمعن التفكير فيها، تفسد ، ‏هذه الليلة تفتتني إلى جزيئيات، ليتكِ هنا، أريك صورا من طفولتي، أغلي نعناع ونتركه يبرد لا لأي أحاديث مهمة تدور بل لأننا ننسى ، ‏هل يعرف الليل أنني أحبه؟
‏أنا الآن أرتعش ولكن غدًا سأصبح شخص جديد، أكتب هذا حتى لا أنسى غداً أنني قررت أن أصبح شخص جديد، ‏عندما أحب، شخص أو جماد، أحب مثل كاتب، بعيون مفتوحة وأنف متأهب لالتقاط أي تفاصيل قد تبدو ملهمة، وعندما أكتب، أكتب كمحب، بركاكة، لأن الشعور أبلغ من اللغة، فلا أصل إلى أي من الحالتين ، ‏على الأقل كافكا كان يملك من يكتب إليه الرسائل ، ‏ماذا يحدث، أعلم، العالم سريع ويتحدثون في الصباح عن إدارة المخاطر الناتجة عن اي تسريب محتمل في المفاعلات النووية وفي المساء عن الاستمناء وأغطية الرأس أو سندويتشات تسد شرايين القلب، ااه، ‏أخرج من سجن فكري إلى سجن فكري آخر ، ‏جسدي يتكون من عامود فقري فقط ، ‏أبدو أقرب شيء إلى ساعد أريكة مريح طري، متعب من كثرة الاتكاء عليه، ولكنه لا يستطيع أن يغادر الأريكة لأنه لن يصبح أي شيء اذا فعل ، ‏هل فيرناندو بيسوا مختل؟
‏لا انهار بشكل كامل، في الحقيقة لا أنهار ابداً، أنا انسحب، قطعة قطعة، كل مرة أخرج نصف سنتي عن روحي، كم أبتعدت الآن؟
‏لم أنم الليلة الماضية، هذا حدث مؤسف ولكنه أتاح لي رؤية السماء وهي وردية، مفاصلي تؤلمني وهذه هي أول وجبة حقيقية أتناولها منذ الصباح، أتمنى من الله أن يخلص قلبي من الكراهية ، ‏الذكريات مرتبطة في رأسي دوما بنهايتها، علتي تكمن في العجز عن فصل ترابط الأحداث، كانت صداقة عظيمة تدغدغ القلب ولكنها انتهت، كان فيلم جيد ولكن مات البطل، كانت ساعة يد جميلة ولكن جلدها اهترأ ، ‏لا أحب القطط لسبب بسيط جدا وهي أنها تشبهنا، أنانية ومدللة ولا تفكر سوى في الطعام والجنس وكرات الصوف والتثاؤب.
‏( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )
‏لمّا استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت بالجلال ظواهرهم.
‏مبارك عليكم رمضان، شهر الخير والرضوان، سألت الله به ثمره فأعطاني الحديقة والبستان.
❤️
- يتساءل "دانييل ديماركيه" في كتابه كافكا والفتيات عن الأسباب الدينية التي حصرت علاقة فرانزكافكا بالنساء في أطار تبادل الرسائل فقط !
تساءل ولكنه لم يتوقف طويلاً عند هذه النقطة ولم يجد مايمكّنه من الأجابة على ذلك.


- يقول: في كل مرة التقى فيها «كافكا» ب«فتاة جديدة» انتهى الأمر ب«انتصار الكتابة» على «متعة السعادة». ومن خلال كل «لقاء» مع امرأة كان «يخرج» كتابا.


- رواية المحاكمة كانت بعد علاقته مع الفتاة الألمانية فيليبس ...
‏"الحب والفن هما الشيء نفسه؛ إنها عملية رؤية نفسك في أشياء ليست أنت."
‏- تشاك كلوسترمان
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
الأدب حِليةٌ وزينةٌ للمعرفة، أياً كان نوع تلك المعرفة، فهو يكسبها رونقاً بهياً، ويبث فيها أثراً من آثار الروح، حتى تحُسَّ فيها حياةً من حياة ذلك الإنسان الذي يعالجها ويُعبِّر عنها..
والأدب -كما لا يخفى- يُكسب المرءَ تجويدَ أسلوبه في الإبانة عن نفسه، وتحسين نظرته إلى الحياة، وهو أقرب التخصصات من الجميع، وأطوعها لِأَنْ يكون رديفاً لأيِّ تخصص آخر، فما أجمل أن يكون الطبيب أديباً، والمهندس أديبا، والعالِم أديبا، بل ما أقرب الأدب من رجل الشارع، وحارس العمارة، والبنّاء، وربة المنزل وغير ذلك من أفراد المجتمع.. وما أحسنَ أن يقتربوا هم من الأدب ليُحسِنوا حكاية قصتهم، وليبلغوا أرقى مراقي البيان في التعبير عن النفس الإنسانية في شتى ميادينها ومشاربها..
وأزعم أن الأدب إنما يَغنى ويَثرى بمقدار ما تَرفده تجارب الحياة من خارجه، ولا يُفقِره شيءٌ مثلُ أن يدور حول نفسه، ويؤول به الأمر إلى صَنعة لفظية، وبهرجٍ خالٍ من المعاني التي تتدفَّق بها هذه الحياة، ويصبح وِعاءً يرُوعُك منظرُه وجودةُ صنعته، فإذا نظرتَ فيما يحمله لم تجد إلا الهواء!
ولا تسُحُّ ملَكةُ الأديب بأغنى وأحلى آياتِ البيان حتى ينغمس في تجارب الحياة، ويعانيها، ويذوق مراراتها، ويتيه في تفاصيلها، فإنه حينئذ يكون: "كعودٍ زاده الإحراقُ طِيبا"، ويستحيل ذلك الإحراقُ إشراقاً في روحه، ومن ثَمَّ في أدبه وبيانه
تقول أمي إذا ألبستُها ثوبَ المديح، وأخذتْها نشوةُ الفخر، حتى لكأنها تخال الأرض تتهتك من تحت قدميها:

- إذا جبت بنت، سمّها على اسمي.

لكني أعود أمازحها قائلاً:

- وإذا جبتي انتي ولد، سمّيه على اسمي.

فتقول:

- خلاص، جبت وسمّيت. باقي أنت يا ولد فلانة، ورّني شطارتك.

يحلو لي مشاكستها بقولي لها إن الأمهات اللاتي يلدن مثلها انتهين، وإني باق لها ما دام الأمر كذلك. تدعو لي، ولكنها لا تنسى أن تشعر بما انطوى عليه ردّي من ثناء، فأراها ترتفع رويدا رويدا، وأسعى سريعا لتغيير الموضوع لكي تبقى أمي بجانبي، في غرفتي، وأنا أتناول شيئا من صنيعها. أمي تريد من ربي أن يمتد بها العمر قليلاً، فقط إلى أن ترى أحفادها مني. يا ربّ حقق لأمي ما تريد.
الكفار يحتفلون بالكريسمس، وأنا أحتفل بصداعي وأسمع نباح الكلاب من البيوتات الخربة التي تطل عليها نافذتي الصغيرة المرتفعة ولذلك لا أستطيع النظر منها إلا بمساعدة الكرسي ذو الأرجل الثلاثة. تذكرين عندما كنتِ تخبريني أن الأطباء في العيادات الخاصة لا يصلون لأجل مرضاهم وكنت لا أصدقك، اليوم كان الطبيب يدعوا علي أو بدا لي الأمر كذلك بعد أن أخبرته أن الدواء الذي وصفه لي لا ينفع لصداعي. لست أقول هذا لتشفقي علي لكن أحاول أن أبحث عن مقدمة جيدة لأنها ليست المرة الأولى التي أفكر أن أكتب لك فيها، كتبت لك مرة رسالة بعد طردي من العمل، لم أكن حزيناً على أي حال لقد كان عملاً مزعجاً للغاية ولا أستطيع تحمل فكرة أن أنام متأخراً واستيقظ لأجل هذا العمل اللعين. وتعرفين أن مزاجيّ مثلي يمل من الأشياء المحببة كيف بعمل بغيض كأن يكون الإنسان إحصائي في مكتب صغير يملأه الذباب. كل ما أفعله هو تحويل الناس إلا أرقام. كم شخصاً مات هذا الشهر ؟ عشرة يريدون مني أن أكتبها دون أن أهتم لأي شيء آخر. كيف هي حال أم الرجل الثاني سمعت أنها لم تتحمل خبر وفاته ؟ ولماذا نهتم لشيء مثل هذا، المهم أن ندون أبنها كرقم في سجل الوفيات. الجيد أنهم طردوني لأجل عمل إنساني قمت به، في آخر يونيو كان علي أن أًعد الإحصائية الشهرية. كان لدينا ما يقارب أربع حالات وفاة لم أعد أتذكر على وجه الدقة فتحت دفتر إحصاء الوفيات وبدأت في تدوين الحالات. بدأت في الحالة الأولى الاسم كاملاً وكان هذا ممنوع تماماً يجب أن تكتب رقم فقط وتذكر إن كان ذكراً أو أنثى و كم أمضى من سنوات عمره. بعد أن اطلع على هذا الأمر رئيس القسم وجه لي إنذار وأنه أمر غير مقبول أبداً، عندما كررتها في الشهر الذي يليه تم الاستغناء عني بعدما اشتد النقاش حول هذا الموضوع مع رئيس القسم. كتبت عن هذا في رسالة مفصلة لكن لم أرسلها لكِ.

- أفكر في الانتقال لشقة صغيرة أو ربما استأجر غرفة واحدة في أي بناية قديمة قريبة من البحر. لا أستطيع دفع قيمة إيجار شقتي الحالية ومساحتها كبيرة لا أستفيد منها فمنذ فترة طويلة لم يزرني أحد سوى العامل الأسمر القصير ‘‘ اوميش ‘‘ تعرفين أحب أن أكون دائما أكثر إنسانية وأعتقد أن علاقتي بعامل مثل أوميش تجعلني كذلك، بدأت أتحدث معه بعد أن أصبح يوصل لي الجريدة كل يوم، صحيح أني لا أقرؤها لكن أحببت أن يطرق باب شقتي أحد ما وأظنه أحب تبغي. شاركني التدخين وشرب الشاي أكثر من مرة وكانت لغته العربية جيدة حدثني كثيراً عن أحداث سياسية لا أفهمها وعن الفقر وعمال المصانع في بلاده وعن تجار المخدرات وعن بيع الأطفال، بالأمس شعرت أنه يحاول دعوتي لدين جديد كان يتحدث عن الشيوعية وعن أشياء كثيرة لا أفهمها تعرفين لا أهتم بالسياسة وكل ما أعرفه عن السياسة أن نشرة الأخبار تعرض في التاسعة مساءاً، بعد أن دخنّا سوياً انصرف وبدأت ابحث في النت عن الشيوعية ظهرت لي صور جرافيتي معبرة -ربما إن وجدت الوقت أرسلت لك بعضها في رسالة لاحقة- تذكرت عبارة كنت قد قرأتها على بيت قديم يبعد أمتار قليلة عن مدخل العمارة التي أسكنها مكتوبة بخط أسود جميل ‘‘كائن يشبه انحيازاته ‘‘ ضحكت عندما تخيلت أن أوميش كتبها

- قبل أن أنسى كتبت لك قصيدة لكن لم استطع أن أخرج من أولها:
سارا، وجف الوادي إلا من صدى صوتك
حزينك
ثم لا أدري لم أستطع أن أكمل، أردت أن أقول أنك تشبهين رائحة الطين لكن لم أعرف. ربما بالغت عندما قلت أنها قصيدة حسناً كتبت لك بيت واحد. كنت أحب أن أرسل لك هذه القصيدة لو أكملتها، لذلك ولاشياء أخرى متأكد أنك تعرفينها كتبت لك هذه الرسالة المملة. سنة سعيدة لكِ سارا، وربما أعود لأرسل لك رسائل أخرى بعد أن أجد عمل جيد أو أحصل على مساعدة.

مُنفصم
الذي يتمنى حدوث أمور سعيدة لك.
2/1/2012
الفراق لم يعد مؤلماً. يا للأشياء كيف تصير مع الوقت خيالات هشّة وأعراض مؤكدة للوحشة.
كنت طوال الوقت أفكر بهذا، ووجدتني بغير تخطيط أتجه إلى عتمة الغرفة وأقلب -في خوف - مسألة التبلد على ناصية الأربعين، وكدت أتصل بأحد الأصدقاء وقد سبقني قبل سنتين إلى الأربعين فأسأله إن كان قد مر بهذه الفضيحة، وإلا مَن المسؤول عن تكلّس إحساسي بالفراق ؟
أذكر أمي عندما تضع سلتها الفارغة على رأسها وتذهب إلى السوق -أذكر - أنني كنت أغرس عيني طويلا في قامتها، وتهجم نحو رأسي أفكار لها رؤوس بخوذ سوداء، وأرعى أشجار ثوبها وهي تغادر حتى تختفي، عندئذ يعصف بي شعور من اليتم المؤثث بالعطب، أشعر أنني مريض وواهن لا شفاء لي إلا بعودتها، وأرى البيت تلفه ظلال أبعد في الكثافة، لا تعود إشراقتي وإشراقة الأشياء من حولي إلا حين تعود وأتحسس جسدها وأشم أشجار ثوبها لأعرف أنها أمي ولم يستبدلها أحد. عندما لملمت أغراضك بالأمس كنت أراقبك- يا حبيبتي- وأنا أدخن أمام شاشة التلفاز، فقط أنت نسيتي الحقيبة الصغيرة المخصصة للمحفظة والجوال، وأنا ذكرتك بها، قلت لك إن هذه الحقيبة تحتوي أغراضك المهمة لا تنسيها، وأنت تنبهت وقبضت يدك على رقبة الحقيبة بحزم، كنت أتكلم معك كأنك ذاهبة في رحلة، هل حقا صار الفراق سيسيولوجيا أخوية ؟ لم يخطر ببالي القول: تريثي أيتها المرأة التي قبل يومين احتسيت قهوتي بمعيتها على شرفات بحر ومدينة أثرية ومتحف، وإنها ساعة شيطان وكذا، صفقت الباب، وأنا حسبت أن الريح صفقته أكثر، ثم راقبتني: كنت بكامل طولي وعرضي أحدّق في خشب الباب القديم وتعبث اصابع يدي بأصابع يدي الأخرى، وشعور يلح فقط بسيجارة أخرى، وأنا عائد إلى الممر كنت أنتظر أي انفعال، استجديت أي انفعال ورجوت دموعي أو صرخاتي أو حتى فكرة الانطواء في غرفة المخزن والامتناع عن الطعام والشراب، الشعور بطعم الدموع المالح على طرف اللسان، تذكرك ثم معاودة البكاء، كل شيء من هذا لم يحدث، نمت طويلاً، نمت وحلمت بأنني أتسبح أنا ووالدي في البحر الأبيض المتوسط، كان يزيل الشوائب العالقة على سطح الماء، كانت شوائب اعتيادية على كل حال، جثمان وردة ذابلة ووبقايا خسّة وأعواد، يقول: تعال نتسابق، وعد واحد اثنين.. ثم صحوت وأنا ألهث من التعب، حاولت العودة للنوم كنت أريد أن أرى النتيجة من سيسبق أنا أم أبي، ولكنني تعبت و وحاولت الولوج من جديد إلى الحلم دون أن أشعر بأي بلل.
ثم وضعت غلاية القهوة على النار، وعدت للغرفة لإحضار القداحة، القداحة التي تعرفينها ودائماً نضيعها، ورحت وراء البيت، أتأمل السماء الملبدة بالغيوم، وأكمام الريحان التي طلعت دون أن أزرعها وامتدت من حديقة الجيران، أرتشف قهوتي، وأنا أفكر أن الحياة "من أجل العيش" وحساب أنني عشت الأيام التي خلت كلها عدّا ونقدا تكبدني خسائر، خسائر متلاحقة لا يمكن لي أن أحتمل تكرارها أكثر.
يقول تولستوي: نحن لسنا بحاجة إلى الأدباء الذين « يتفرجون » على الحياة أو الذين يتعالون على مشكلاتها وآلامها وعذاب الناس فيها. بل نحن بحاجة إلى أدباء يساهمون في بناء العالم وتخفيف عذاب الانسان.

لذلك في صوره الأدبية، يكتب مكسيم غوركي يقول: في سنين المجاعة الكبيرة التي حاقت بروسيا في تلك الأثناء هب كل من الكاتب العظيم ليو تولستوي، وتشخوف، وكورلينكو لإغاثة المحتاجين والجوعى الذين يموتون في الطرقات، وقتها لم أكن قد أصبحت كاتباً بعد، كنت مجرد جائع متشرد على الطرقات، لقد أصبت بنوبة يأس قاتلة، فحاولت الانتحار كي أضع حداً لهذة الحياة، لكن الرصاصة لم تصب القلب، بل أصابت الرئة، وقُدِّر لي أن يعيش.

الصورة: ليو تولستوي، مكسيم غوركي، وأنطون تشيخوف، المعلمون الكبار, صورة تعود إلى حوالي سنة 1900.
أغلق الباب وقال لي .

في عينيك شيء غامض هل أنت مسكون بوجع قديم ؟ بذاكرة مغدورة ؟ بتاريخ حي ؟ يجعل منك تثأر من نفسك ومن العالم على هذا النحو القاسي أنت منفى بالنسبة لي ورقعة محروقة وغابة بكر ، لا أدري لماذا أكرهك وأشفق عليك في آن ، ثم لماذا أحس بأنك تفضحني تفككني تبعثرني كلما اقتربت منك ؟ لماذا عندما تلتقي العيون بيننا أحس أنها تشرع في مبارزة عنيفة كوقع الحديد على الحديد ؟ ما الذي يجعل نظرتك تُصلصل كجرس الموت ؟ ألهذا أنت تُديم النظر إلى التراب وإلى اللا شيء ؟ ما الذي يجعل حضورك مُرهباً ومهدّماً أيضاً ؟ أنت إنسان مريض وأنا أعلن هنا أنني أكرهك هل تسمع ؟ أنا أكرهك وسوف لن أنصت لك فلو سمعت لك لربما خسرت يقيني في مواجهتك فأنت تملك حيلة القول وتملك ما به تجعل الآخر ينساق إليك أيها المراوغ الذي يُتقن كيف يستدرج ، لقد أخرجتك من عالمي وألحدت بك لقد لعنتك .


صفق الباب وخرج ، وأنا كنت أفكر بعصف ذهني متسارع وأمسك بجبهتي ماذا لو كان العالم مقلوباً ؟ ماذا لو كان العالم مقلوباً ؟ وأحسست أن الصدى يردد .
2024/10/02 06:38:17
Back to Top
HTML Embed Code: