WRITINGMOHA Telegram 3548
Forwarded from تِشرين.
حلمٌ مُهترئ | أمَاني البُريهي.

منذ زمن بعيد حين خلقتُ أنثى لأسرةٍ عادية، في مكانٍ مهترئٍ كان عليَّ حينها أخفض سقف أمنياتي قليلًا، كان عليَّ أن أفهم أن الأحلام أيضًا تُشترى، كنتُ طفلة حين خطوت أول خطوة لي في المدرسةِ بأسْمالي الرثة، وملامحي الهزيلة، كنتُ أحمل حقيبة الطعام خالية منه، مليئة بالأمل، أمشي ساعات لأصل لتلك المدرسة البعيدة عنا، فأعود ليحتضنني أبي، وتقبل عينيَّ أُمّي، كنت أملهم.

كبرتُ فلم أكن أبالي لحجابي غير المرتب، لشكلي المُهترئ، وملابسي القديمة تلك التي لطالما سخرَ عليها الرفقة في صغري، كنتُ أبحث عن شيءٍ جديدٍ لعقلي، أحاول أن أصل وألا يتوه بي المصير لأبحث عن مظاهرٍ كاذبة، لازلت أتذكر كيف كنت منبوذة، وحينما تكرر اسمي كأفضل طالبة في المدرسةِ أصبح لديَّ العديد من الرفقة، ابتسمتُ بسخريةٍ؛ الجميع يبحث عن المظاهرِ هنا، لكني كنت أحاول.

حين ابتسم القدر في ملامحي المتعبة
وتخرجت من الثانويةِ بتقدير عالٍ جدًا، حين كرمتني البلد التي بكيتُ بها كثيرًا، علت أصوات زغاريد أُمّي في أذني هل ستدرسين الطب وفي دولةٍ أجنبيةٍ أيضًا؟
ستصبح ملاكي فخري، حينها دمعت عيناي بقوةٍ سأحقق حلمًا وأخيرًا لن نعاني مجددًا، حين خطوت أول خطوة خارج الوطن ضاق الكون في وجهي، وانغلق مجرى التنفس لديَّ، كأنِّي سمكة خرجتْ من الماء، العالم هُنا أيضًا تهمه المظاهر كثيرًا المباني شامخة وكل شيء هنا أكبر مني، وربما حتى أحلامي.

أصبح لي حلم أصبح لي خيال، ثُمَّ تأقلمتُ هنا، سأعود طبيبة وسيحتضنني أبي بفخرٍ كنتُ أشعر بالحُبِ لبلدي، أليست هي السبب بجعلي هُنا؟
ستفخر بي هي أيضًا حين أعود، مرت السنوات الأولى ثقيلة لكني كنت أقوى منها، لكن الحرب اندلعت، الأرض أصبحت تنزف فكنتُ عبئًا ثقيلًا على بلدي حتى تخلت عني، نسوا أنهم من أرسلوني إلى هنا، نسوا أنهم كانوا الأمل لي، أو لربما دماءُ هذه الأرض هي المسؤولة عن ذلك.

حاولتُ أن أعمل كي أتحمل عبء وجودي هنا عانيتُ كثيرًا، ونفد الأمل الذي كنت أقتاتهُ نيابةً عن الطعام، لم يكن للجامعةِ حلٌّ سوى تركي وحيدة أقاسي ثمن حرب بلدي، ثمن كوني صاحبة الأسمال الرثة تلك، وثمن انتمائي لعائلةٍ تتعامل بالحُبِ لا المال، بقيتُ هنا وحيدة، مرهقة أو ربما مشردة، أحتضنُّ كتبي وما تبقى لي من أحلام بائسة، ثُمَّ أمطرت السماء فبكيتُ معها، لأولِ مرةٍ أتمنى لو أنِّي ولدتُ وفي فمي ملعقة ذهبية، لا شيءَ سوى لأحلم، لأشتري حُلمي، من سَيشتري حلمي؟.

"والدايَّ.."
حين أصبتُ بنوبةِ اكتئاب، وتغيرت ملامحي الباهتة، فأصبحتُ كظل، تذكرتُ ملامحكم فابتسمتُ وآمنت أن الأحلام لا تُشترى، أنتم كنتم كل أحلامي، كل أملي، لاشيء في الحياةِ يستحق الحرب سواكم، جففتُ طرف رسالتي المبللة قبلتها كثيرًا، واحتضتُنها بحب، رائحتي بها يا أُمّي لا رائحة هذا العالم.



tgoop.com/writingmoha/3548
Create:
Last Update:

حلمٌ مُهترئ | أمَاني البُريهي.

منذ زمن بعيد حين خلقتُ أنثى لأسرةٍ عادية، في مكانٍ مهترئٍ كان عليَّ حينها أخفض سقف أمنياتي قليلًا، كان عليَّ أن أفهم أن الأحلام أيضًا تُشترى، كنتُ طفلة حين خطوت أول خطوة لي في المدرسةِ بأسْمالي الرثة، وملامحي الهزيلة، كنتُ أحمل حقيبة الطعام خالية منه، مليئة بالأمل، أمشي ساعات لأصل لتلك المدرسة البعيدة عنا، فأعود ليحتضنني أبي، وتقبل عينيَّ أُمّي، كنت أملهم.

كبرتُ فلم أكن أبالي لحجابي غير المرتب، لشكلي المُهترئ، وملابسي القديمة تلك التي لطالما سخرَ عليها الرفقة في صغري، كنتُ أبحث عن شيءٍ جديدٍ لعقلي، أحاول أن أصل وألا يتوه بي المصير لأبحث عن مظاهرٍ كاذبة، لازلت أتذكر كيف كنت منبوذة، وحينما تكرر اسمي كأفضل طالبة في المدرسةِ أصبح لديَّ العديد من الرفقة، ابتسمتُ بسخريةٍ؛ الجميع يبحث عن المظاهرِ هنا، لكني كنت أحاول.

حين ابتسم القدر في ملامحي المتعبة
وتخرجت من الثانويةِ بتقدير عالٍ جدًا، حين كرمتني البلد التي بكيتُ بها كثيرًا، علت أصوات زغاريد أُمّي في أذني هل ستدرسين الطب وفي دولةٍ أجنبيةٍ أيضًا؟
ستصبح ملاكي فخري، حينها دمعت عيناي بقوةٍ سأحقق حلمًا وأخيرًا لن نعاني مجددًا، حين خطوت أول خطوة خارج الوطن ضاق الكون في وجهي، وانغلق مجرى التنفس لديَّ، كأنِّي سمكة خرجتْ من الماء، العالم هُنا أيضًا تهمه المظاهر كثيرًا المباني شامخة وكل شيء هنا أكبر مني، وربما حتى أحلامي.

أصبح لي حلم أصبح لي خيال، ثُمَّ تأقلمتُ هنا، سأعود طبيبة وسيحتضنني أبي بفخرٍ كنتُ أشعر بالحُبِ لبلدي، أليست هي السبب بجعلي هُنا؟
ستفخر بي هي أيضًا حين أعود، مرت السنوات الأولى ثقيلة لكني كنت أقوى منها، لكن الحرب اندلعت، الأرض أصبحت تنزف فكنتُ عبئًا ثقيلًا على بلدي حتى تخلت عني، نسوا أنهم من أرسلوني إلى هنا، نسوا أنهم كانوا الأمل لي، أو لربما دماءُ هذه الأرض هي المسؤولة عن ذلك.

حاولتُ أن أعمل كي أتحمل عبء وجودي هنا عانيتُ كثيرًا، ونفد الأمل الذي كنت أقتاتهُ نيابةً عن الطعام، لم يكن للجامعةِ حلٌّ سوى تركي وحيدة أقاسي ثمن حرب بلدي، ثمن كوني صاحبة الأسمال الرثة تلك، وثمن انتمائي لعائلةٍ تتعامل بالحُبِ لا المال، بقيتُ هنا وحيدة، مرهقة أو ربما مشردة، أحتضنُّ كتبي وما تبقى لي من أحلام بائسة، ثُمَّ أمطرت السماء فبكيتُ معها، لأولِ مرةٍ أتمنى لو أنِّي ولدتُ وفي فمي ملعقة ذهبية، لا شيءَ سوى لأحلم، لأشتري حُلمي، من سَيشتري حلمي؟.

"والدايَّ.."
حين أصبتُ بنوبةِ اكتئاب، وتغيرت ملامحي الباهتة، فأصبحتُ كظل، تذكرتُ ملامحكم فابتسمتُ وآمنت أن الأحلام لا تُشترى، أنتم كنتم كل أحلامي، كل أملي، لاشيء في الحياةِ يستحق الحرب سواكم، جففتُ طرف رسالتي المبللة قبلتها كثيرًا، واحتضتُنها بحب، رائحتي بها يا أُمّي لا رائحة هذا العالم.

BY - كِتَابَة.


Share with your friend now:
tgoop.com/writingmoha/3548

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

But a Telegram statement also said: "Any requests related to political censorship or limiting human rights such as the rights to free speech or assembly are not and will not be considered." “Hey degen, are you stressed? Just let it all out,” he wrote, along with a link to join the group. In 2018, Telegram’s audience reached 200 million people, with 500,000 new users joining the messenger every day. It was launched for iOS on 14 August 2013 and Android on 20 October 2013. The imprisonment came as Telegram said it was "surprised" by claims that privacy commissioner Ada Chung Lai-ling is seeking to block the messaging app due to doxxing content targeting police and politicians. Invite up to 200 users from your contacts to join your channel
from us


Telegram - كِتَابَة.
FROM American