tgoop.com/yemaniaat/1311
Last Update:
مرة من المرات..
خرجت من المحكمة وتنازلت عن القضية اللي كنت بحاجتها لأنه التكاليف المادية بدأت تكون ثقيلة...
قلي واحد ضابط " محترم" قد كان سمعني اتكلم مع المحامي على قصة الفلوس ، فقلي اذا انا ادور عمل ..
وقلت له ايوة ، جاب لي عنوان معهد في الحصبة لان مدير المعهد صاحبه ويدور موظفين ..
رحت للحصبة وقابلت المدير الذي جلس يأخرني للظهر عشان اخرتها يقلي تعالي نخرج نتغدا ونخزن ونشوف موضوع العمل..
استغربت من اللفة هذة كلها , واقتهرت وقلت له " ياشيخ, الله لا يحوج بناتك يوم من الأيام لناس من امثالك.. وانا الحق عليا الذي صدقت نية الضابط"...
خرجت وأنا فيني بكا وضيق العالم كله من كل شي ..
من الناس واسلوبهم...
من المسئوليات..
من الدنيا ومتاهتها...
من حياتي كلها ..
وانا مروحة، كنت واقفة منتظرة الباص في الحصبة...
وفي الشارع المقابل كان قدامي واحدة تبيع بسباس..
ولأنه انا من النوع المبعسس في التركيز ..
كنت اراقبها..
ادرس حركاتها..
ركزت في ايديها ..
كانت تلبس جلباب بس يديها كانت واضحة انها صغيرة يعني 25 _30 بالكثير..
وكانت منزله راسها بخجل طول الوقت...
جت لي غصة وهي بتجمع الافلاس داخل محفظة مهرية صغيرة..
وترجع ترتب البسباس وكأنها تشغل نفسها ..
مارفعتش راسها حتى أنها تشوف في احد مطنن لاعندها اللي هو انا...
ماظنش انها كانت حتى تشوف اي حد اصلا..
كم من ناس مرت من جمبها...
وكم من باصات مرت من جمبي وانا مش مركزة..
قلت في نفسي أن شاء الله مايمشيش صاحب المعهد من عندها ولا الضابط، ولا الناس اللي زيهم...
لسبب مش عارفه ايش هو..
قطعت الشارع ورحت لها..
وجلست قدامها على أساس اشوف البسباس..
وانا بالأساس اشتي اشوف عيونها ..
وسالتها بكم الكيس الصغير..
بصوت كله دفا, كله خجل, كله ألم ..
قالت " بخمسين"..
أوجاعنا كلها "بخمسين"..
خيباتنا كلها " بخمسين"..
مافيش أرخص من أحلامنا في العالم كله "بخمسين"..
عيونها , كم تخبي وراها من حكاية وجع مخفيه..
ياترى من منتظرها ترجع بالافلاس تغديهم وتعشيهم ..
و"بخمسين"...
ايديها اللي شفتهن من قريب , تحكي قصة كفاح لامرأة مجهولة في الحياة ، جمال عيونها الذي صبغ عليهن الزمن صبغته الحزينة..
قلت لها متزوجة!
التفت بسرعة لاعندي وماجاوبتش..
ارتبكت ..
توترت..
ونزلت البرقع بسرعة على عيونها ..
يمكن خافت انني اعرفها ..
يمكن ما تشتيش حد يعرفها...
جبت لها الألف الريال الذي كنت أملك..
قالت مافيش معي صرف الف ، وكانت تشتي تتدعي اي جازع طريق إذا معه صرف..
أخذت من يدها خمسين قلت هاتي لي بس هذة حق الرجعة للبيت وخذي انتي الباقي ..
وشليت كيس بسباس ...
شفت عيونها ولمحت فيهن فرحة ، دمعة ، وتساءل ..
وصوتها امتلى بعبرة خفيفة تخنقها...
قلت لها لا عاد تتكلميش يااختي ,..
كلنا محتاجين في الدنيا, كلنا نشتي الرزق الحلال ..
ورجعت انتظر الباص..
ماعاد راقبتهاش..
اساسا ماعاد التفتش لاعندها بالمرة..
ولا لاحظت انها جت لاعندي، وفجأة مسكتني...
قالت لي والدموع مليان عيونها
" الله يفتح لش كل باب مغلق ,الله يبعد عنش عيال الحرام"..
اهتزيت من داخل ..
وكأنني اول مرة اسمع حد يدعي لي..
وكأنها فهمتني ، وانا فهمتها..
كلنا في نفس الدايره,,صح لبس مختلف, وشكل مختلف ..
ظروف مختلفة...
لكن كلنا بنفس الدايره..
أكيد في ناس تشتري منها اكثر ، وتعطيها اكثر ، بس لسبب حسيت انها جت توصل لي رساله..
وانا بالباص..
هذاك الضيق الذي في قلبي اختفى..
الظلام الذي كان حولي بسبب كل شي اختفى...
حسيت براحة عجيبة رغم أن كل مافي جيبي كانت "خمسين"..
حسيت انني غنية , غنية ومش محتاجة أحد بالدنيا ...
حياتي بكلها اختلفت وتغيرت ..
وكنت دايما اذكر هذة الانسانه...
كنت احس انها الحجاب الفاصل بيني وبين عيال الحرام ..
كانت دايما معي في كل باب احسه انفتح لي كلما تملكني يأس أو خيبة ..
كانت يدها اللي مسكتني بها ، هي اليد اللي تسحبني في كل مرة احس انني اغرق ...
تمنيت اشوفها قبل مااسافر بس مالقيتها..
بس هي موجودة في مكان ثاني اكيد..
تبيع بسباس ,
تبيع كرات,
تبيع حناء أو بخور ..
هي موجودة بيننا ..
هن موجودات بينكم...
ووسطكم...
العفيفات المتعززات العاملات في الدنيا...
ادعمو اي واحدة تشتغل بالحلال..
ادعموا اي واحدة تبيع اي حاجة ولو كانت اشياءها مش مفيدة لكم ..
ابعدوهن هن وأسرهن من عيال الحرام..
ابعدوهن من المتصيدين للناس وقت الحاجة والفقر ..
صدقوني...
جبر الخواطر ..هوالعمل الذي أنت تعمله ويرجع لك بنفس اللحظة والدقيقة..
مايحتاجش وقت عشان تحس بقيمته..
الراحة الذي بتحسوها بعد أي جبر للخواطر..
ولو بكلمة ,, كلمة دعم وكلمة تشجيع مش بس فلوس..
BY يمانيات
Share with your friend now:
tgoop.com/yemaniaat/1311