ALGSALAF Telegram 20456
في ضرورةِ التَّثبُّتِ في الخبرِ وتركِ التَّسرُّعِ في الحكمِ
التبويب الفقهي للفتاوى: فتاوى منهجية
الفتوى رقم: ١٤٠٠

الصنف: فتاوى منهجيَّة

في ضرورةِ التَّثبُّتِ في الخبرِ وتركِ التَّسرُّعِ في الحكمِ
السُّؤال:

لدينا إمامُ مسجدٍ في حيِّنا متعجِّلٌ في الحُكمِ في المسائلِ المنهجيَّةِ والفقهيَّةِ وعلى الأشخاصِ بالخرص والظَّنِّ مِنْ غير تبيُّنٍ ولا تثبُّتٍ، مع سعيِه الحثيثِ لجمعِ أخطاءِ غيرِه لإسقاطه قبل نُصحه؛ وكثيرًا ما يقع في الخطإِ في المسائلِ واللَّحنِ في القراءةِ والبغيِ على النَّاس؛ وإذا نصَحْناهُ بالتَّريُّثِ وعدَمِ التَّقدُّم فيما لا يُحسِنُ، وأقَمْنَا عليه الحُجَّةَ بما لا يدَعُ مَجالًا للشَّكِّ واللَّبْسِ خاصَمَنا وراوَغَنا وأَكثرَ جِدالَنا بغيرِ هُدًى، وألَّب العامَّةَ علينا، فما نصيحتُكم له، ولنا في كيفيَّةِ التَّعاملِ معه؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فينبغي على المسلمِ السَّلفيِّ أَنْ يتثبَّتَ مِنْ صِحَّةِ النَّصِّ الشَّرعيِّ، لأنَّ الخبرَ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم خبرٌ عن الله، والكذب على الله ورسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم ليس ككَذِبٍ على سواهُما، وقد جاءَ في حديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ الثَّقفيِّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»(١)،كما أنَّ الواجبَ عليه أَنْ يَتثبَّتَ مِنْ سلامةِ نقلِ النَّصِّ، درءًا لتحريفِ الآيات القرآنيَّةِ والأحاديثِ النَّبويَّةِ في النَّقلِ أو اللَّحنِ في قراءةِ النَّصِّ وتِلاوتِه، أو نحوِ ذلك، مع تأكُّدِهِ مِنَ الفهمِ السَّليمِ للنَّصِّ ووجهِ الاستدلالِ منه، مستعينًا في ذلك بتفاسيرِ أهلِ العِلمِ وشُروحاتِهم، والتَّبيُّنِ مِنْ صِحَّةِ الحكمِ الشَّرعيِّ لِئَلَّا يقَعَ في القولِ على الله تعالى بغيرِ علمٍ المُحرَّمِ بنصِّ قولِه تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ٣٣﴾ [الأعراف]، ولئلَّا يبتعدَ ـ بفهمِه ـ عن إدراكِ مُرادِ الشَّرعِ، وتلكَ آفةُ الفهمِ السَّقيمِ: أَنْ يَرُدَّ بها الصَّحيحَ، ويخطِّئَ بها الصَّوابَ، ويَعيبَ بها غيرَ المَعيبِ، ويَرُوجَ عليه النَّقدُ الزُّيُوفُ وتُنَفَّقَ لديه الأقوالُ الفاسدةُ والأحكامُ الكاسدةُ، ولله دَرُّ الشَّاعرِ أبي الطَّيِّب المُتنبِّي حيث قال:

وكم مِنْ عائبٍ قولًا صحيحًا ... وآفتُه مِنَ الفهمِ السَّقيمِ

وقال ـ أيضًا ـ:

ومَنْ يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ … يَجِدْ مُرًّا به الماءَ الزُّلالَا

هذا، ومِنَ الأهمِّيَّةِ بمكانٍ أَنْ يتثبَّتَ ويتبيَّن مِنْ نُقولِ النَّاسِ وأقوالِهم وأخبارِهم، إذ لا يَلزَمُ مِنْ تَناقُلِها وتَفَشِّيها وانتشارِها صِحَّتُها، وخاصَّةً حين وقوعِ الفِتَنِ والشُّرورِ واضطرابِ الأحوالِ والخروجِ إلى الفُرقةِ بعد الأُلفة، والاختلافِ بعد الائتلافِ، لِمَا ينجرُّ عنه مِنْ شِدَّةِ الحسدِ مِنْ بعضهم لبعضٍ، وبغيِ بعضِهم على بعضٍ، واستعمالِهِم كثرةَ الكذبِ والبهتانِ والافتراءِ والتُّهَمِ وشهادةِ الزُّور وإساءةِ الظَّنِّ وغيرِها مِنَ الأخلاقِ المذمومةِ لنُصرةِ أغراضِهم وأهوائِهم؛ والمسلمُ العاقلُ لا يعتمِدُ على الأخبارِ والنُّقولِ إلَّا بعد التَّثبُّتِ والتَّبيُّنِ مِنْ صِحَّتِها، ولا يُصدِّقُها ـ ولو ثبتَتْ ـ حتَّى يتأكَّد مِنْ خُلُوِّها مِمَّا ينافيها مِثل آفةِ التَّعصُّب والتَّقليدِ الأعمى وأمراضِ القلوبِ مِنَ الحسدِ والحقدِ والكراهِيَةِ وما إلى ذلك، لأنَّ الغالبَ في عادةِ النَّاسِ أنَّهم إلى إساءةِ الظَّنِّ أسرعُ مِنْ إحسانِه، وإلى الاستماعِ إلى الباطلِ أقوَى مِنَ الاسترشادِ بالحقِّ، وإلى تصديقِ المُفترِي أَقرَبُ مِنْ تكذيبِه، وإلى التَّشكيكِ في خبرِ الصَّادقِ أَقرَبُ مِنْ تصديقِه.

هذا، ومِنَ المعلومِ تقعيدًا أنَّ المسلمَ ـ وخاصَّةً السَّلفيَّ الصَّادقَ ـ وقَّافٌ عندَ الحقِّ إذا تَبيَّنَ له، رجَّاعٌ إليهِ إذا فاتَهُ أو إذا أخطأَ في أيِّ أمرٍ مِنْ دِينِه؛ وإذا نُبِّهَ وانتُقِدَ بحقٍّ اهتدى ورجَعَ إلى الحقِّ مِنْ غيرِ أَنْ يُكابِرَ أو يُعانِد؛ فمَنْ قامت عليهِ الحجَّةُ بالنَّصيحةِ والبيانِ فأبَى الرُّجوعَ إلى الصَّوابِ ولم يقبل الحقَّ بعد أَنِ اتَّضحَ له وحادَ عنه وجادلَ بالباطلِ، وجَبَ عليه تحمُّلُ ما يترتَّبُ على تَبِعاتِ موقِفِه ونتائجِ إصرارِه على باطلِه مِنْ وجوبِ البراءَةِ والمُفارَقةِ بالقلبِ والبدنِ.



tgoop.com/ALGSALAF/20456
Create:
Last Update:

في ضرورةِ التَّثبُّتِ في الخبرِ وتركِ التَّسرُّعِ في الحكمِ
التبويب الفقهي للفتاوى: فتاوى منهجية
الفتوى رقم: ١٤٠٠

الصنف: فتاوى منهجيَّة

في ضرورةِ التَّثبُّتِ في الخبرِ وتركِ التَّسرُّعِ في الحكمِ
السُّؤال:

لدينا إمامُ مسجدٍ في حيِّنا متعجِّلٌ في الحُكمِ في المسائلِ المنهجيَّةِ والفقهيَّةِ وعلى الأشخاصِ بالخرص والظَّنِّ مِنْ غير تبيُّنٍ ولا تثبُّتٍ، مع سعيِه الحثيثِ لجمعِ أخطاءِ غيرِه لإسقاطه قبل نُصحه؛ وكثيرًا ما يقع في الخطإِ في المسائلِ واللَّحنِ في القراءةِ والبغيِ على النَّاس؛ وإذا نصَحْناهُ بالتَّريُّثِ وعدَمِ التَّقدُّم فيما لا يُحسِنُ، وأقَمْنَا عليه الحُجَّةَ بما لا يدَعُ مَجالًا للشَّكِّ واللَّبْسِ خاصَمَنا وراوَغَنا وأَكثرَ جِدالَنا بغيرِ هُدًى، وألَّب العامَّةَ علينا، فما نصيحتُكم له، ولنا في كيفيَّةِ التَّعاملِ معه؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فينبغي على المسلمِ السَّلفيِّ أَنْ يتثبَّتَ مِنْ صِحَّةِ النَّصِّ الشَّرعيِّ، لأنَّ الخبرَ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم خبرٌ عن الله، والكذب على الله ورسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم ليس ككَذِبٍ على سواهُما، وقد جاءَ في حديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ الثَّقفيِّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»(١)،كما أنَّ الواجبَ عليه أَنْ يَتثبَّتَ مِنْ سلامةِ نقلِ النَّصِّ، درءًا لتحريفِ الآيات القرآنيَّةِ والأحاديثِ النَّبويَّةِ في النَّقلِ أو اللَّحنِ في قراءةِ النَّصِّ وتِلاوتِه، أو نحوِ ذلك، مع تأكُّدِهِ مِنَ الفهمِ السَّليمِ للنَّصِّ ووجهِ الاستدلالِ منه، مستعينًا في ذلك بتفاسيرِ أهلِ العِلمِ وشُروحاتِهم، والتَّبيُّنِ مِنْ صِحَّةِ الحكمِ الشَّرعيِّ لِئَلَّا يقَعَ في القولِ على الله تعالى بغيرِ علمٍ المُحرَّمِ بنصِّ قولِه تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ٣٣﴾ [الأعراف]، ولئلَّا يبتعدَ ـ بفهمِه ـ عن إدراكِ مُرادِ الشَّرعِ، وتلكَ آفةُ الفهمِ السَّقيمِ: أَنْ يَرُدَّ بها الصَّحيحَ، ويخطِّئَ بها الصَّوابَ، ويَعيبَ بها غيرَ المَعيبِ، ويَرُوجَ عليه النَّقدُ الزُّيُوفُ وتُنَفَّقَ لديه الأقوالُ الفاسدةُ والأحكامُ الكاسدةُ، ولله دَرُّ الشَّاعرِ أبي الطَّيِّب المُتنبِّي حيث قال:

وكم مِنْ عائبٍ قولًا صحيحًا ... وآفتُه مِنَ الفهمِ السَّقيمِ

وقال ـ أيضًا ـ:

ومَنْ يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ … يَجِدْ مُرًّا به الماءَ الزُّلالَا

هذا، ومِنَ الأهمِّيَّةِ بمكانٍ أَنْ يتثبَّتَ ويتبيَّن مِنْ نُقولِ النَّاسِ وأقوالِهم وأخبارِهم، إذ لا يَلزَمُ مِنْ تَناقُلِها وتَفَشِّيها وانتشارِها صِحَّتُها، وخاصَّةً حين وقوعِ الفِتَنِ والشُّرورِ واضطرابِ الأحوالِ والخروجِ إلى الفُرقةِ بعد الأُلفة، والاختلافِ بعد الائتلافِ، لِمَا ينجرُّ عنه مِنْ شِدَّةِ الحسدِ مِنْ بعضهم لبعضٍ، وبغيِ بعضِهم على بعضٍ، واستعمالِهِم كثرةَ الكذبِ والبهتانِ والافتراءِ والتُّهَمِ وشهادةِ الزُّور وإساءةِ الظَّنِّ وغيرِها مِنَ الأخلاقِ المذمومةِ لنُصرةِ أغراضِهم وأهوائِهم؛ والمسلمُ العاقلُ لا يعتمِدُ على الأخبارِ والنُّقولِ إلَّا بعد التَّثبُّتِ والتَّبيُّنِ مِنْ صِحَّتِها، ولا يُصدِّقُها ـ ولو ثبتَتْ ـ حتَّى يتأكَّد مِنْ خُلُوِّها مِمَّا ينافيها مِثل آفةِ التَّعصُّب والتَّقليدِ الأعمى وأمراضِ القلوبِ مِنَ الحسدِ والحقدِ والكراهِيَةِ وما إلى ذلك، لأنَّ الغالبَ في عادةِ النَّاسِ أنَّهم إلى إساءةِ الظَّنِّ أسرعُ مِنْ إحسانِه، وإلى الاستماعِ إلى الباطلِ أقوَى مِنَ الاسترشادِ بالحقِّ، وإلى تصديقِ المُفترِي أَقرَبُ مِنْ تكذيبِه، وإلى التَّشكيكِ في خبرِ الصَّادقِ أَقرَبُ مِنْ تصديقِه.

هذا، ومِنَ المعلومِ تقعيدًا أنَّ المسلمَ ـ وخاصَّةً السَّلفيَّ الصَّادقَ ـ وقَّافٌ عندَ الحقِّ إذا تَبيَّنَ له، رجَّاعٌ إليهِ إذا فاتَهُ أو إذا أخطأَ في أيِّ أمرٍ مِنْ دِينِه؛ وإذا نُبِّهَ وانتُقِدَ بحقٍّ اهتدى ورجَعَ إلى الحقِّ مِنْ غيرِ أَنْ يُكابِرَ أو يُعانِد؛ فمَنْ قامت عليهِ الحجَّةُ بالنَّصيحةِ والبيانِ فأبَى الرُّجوعَ إلى الصَّوابِ ولم يقبل الحقَّ بعد أَنِ اتَّضحَ له وحادَ عنه وجادلَ بالباطلِ، وجَبَ عليه تحمُّلُ ما يترتَّبُ على تَبِعاتِ موقِفِه ونتائجِ إصرارِه على باطلِه مِنْ وجوبِ البراءَةِ والمُفارَقةِ بالقلبِ والبدنِ.

BY مَشَايخُ الدَّعْوةِ السَلَفِيةِ بِالْجَزَائِرِ


Share with your friend now:
tgoop.com/ALGSALAF/20456

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Judge Hui described Ng as inciting others to “commit a massacre” with three posts teaching people to make “toxic chlorine gas bombs,” target police stations, police quarters and the city’s metro stations. This offence was “rather serious,” the court said. Telegram offers a powerful toolset that allows businesses to create and manage channels, groups, and bots to broadcast messages, engage in conversations, and offer reliable customer support via bots. Read now Hui said the messages, which included urging the disruption of airport operations, were attempts to incite followers to make use of poisonous, corrosive or flammable substances to vandalize police vehicles, and also called on others to make weapons to harm police. Each account can create up to 10 public channels
from us


Telegram مَشَايخُ الدَّعْوةِ السَلَفِيةِ بِالْجَزَائِرِ
FROM American