ALANTSAR1 Telegram 696
Forwarded from نجيب الكثيري
التخليط بين لفظ (التوسل) و(الاستغاثة):
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..
أما بعد:

الوسيلة لغة وشرعًا:
لغة
: أصلها (وَسَلَ) والواو والسين واللام، يدل على الرَّغْبة والطَّلَب. يقال وَسَلَ، إذا رَغِب. والواسِل: الراغب إلى الله - عزَّ وجل- وهو في قول لبيد: أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم ... بلى كلُّ ذي دينٍ إلى اللهِ وَاسِلُ([1]).
والوسيلة التوصل إلى الشيء برغبة([2])، وهي في الأَصل ما يُتَوَصَّل به إِلى الشيء ويُتَقَرَّب به([3]).
يقال: وسَّلْتُ إلى ربي وَسِيلةً، أي: عَمِلت عَمَلًا أتقرّب به إليه، وتوسّلتُ إلى فلانٍ بكتابٍ أو قرابة؛ أي: تقرَّبْتُ به إليه([4]).
أي: تَسَبَّبَ إليه بسَبَب، وتقرّبَ إليه بحُرمةِ آصِرةٍ تَعطِفه عليه([5]).
وتوسلت إلى الله بالعمل تقربت([6]).
        وبهذا يكاد يكون إجماع أهل اللغة على أن الوسيلة هي في الأصل ما يتوصّل به إلى الشيء ويتقرّب به([7])؛ وإنما استعيرت لما يتقرب به إلى اللّه – تعالى- من فعل الطاعات([8]).
شرعًا: وهي لا تبعد عن مدلولها اللغوي، إلا إنها استعملت مقيَّدة في النسبة إلى الله وحدة، كما سبق الإشارة إليه، يقول الراغب الأصفهاني: (( وحقيقة الوسيلة إلى الله - تعالى- مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة))([9]).
وفي التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35].
فقد أجمع أهل التفسير أن المراد بالوسيلة هنا القربة إلى الله بالعمل بما يرضيه([10]).
قال السمعاني: (( الوسيلة كل ما يتوسل به إلى الله؛ أي: يتقرب))([11]).
وقال القرطبي: (( والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها))([12]). أي: الطاعة التي يُطْلُبُ العبد بها ربه.
وكذا في قوله تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: 57].
قال الزجاج: (( يطلبون إلى ربهم الوسيلة، ينظرون أيهم أقرب إليه فيتوسلون به))([13]).
والمحصل: أن حقيقة الوسيلة هي التعبد بما يحبه الله ويرتضيه، وهذا يدل على أنها من الأمور التعبدية التوقيفية، فلا يشرع منها شيء إلا بدليل؛ " لأن باب القربات يُقتصرُ فيه على النصوص، ولا يُتصرّفُ في بأنواع الأقيسة والآراء"([14]).
فمن كان عمله خارجاً عن الشرع، ليس متقيّداً بالشرع فهو مردود([15])، ولهذا تكلم العلماء عن التوسل المشروع بما دل عليه خبر الوحي، وذكروا الممنوع منها لعدم ورود الدليل.
وهذا أصل متفق عليه؛ وهو أن الأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليلُ الأمرِ([16])، ومن اخترع في الدين ما لم يشهد له أصل من أصوله فلا يُلتفت إليه([17]).
 
الاستغاثة لغة وشرعًا:
لغة: من (غوث)، والغين والواو والثاء كلمةٌ واحدة، وهي الغوث من الإغاثة، وهي الإغاثة والنُّصرة عند الشِّدة([18]).
وغَوَّثَ الرجلُ واسْتَغاثَ: صاحَ واغَوْثاه، والاسمُ الغَوْث، والغُواثُ والغَواثُ([19]).
قال الزبيدي: (( وَقد صَرَّح أَئمَّةُ النَّحْوِ بأَنَّ هذا هُوَ أَصْلُه، ثمَّ إِنهم استعمَلُوه بِمَعْنى صَاحَ ونَادَى؛ طَلَباً للغَوْثِ))([20]).
فحقيقة التوجه بها دعاء وطلب وسؤال، لدخول مادة الاستفعال عليها مع اصطحابٍ للشدة ونزول كرب، قال ابن الصائغ (720): (( وإذا نُوْدِيَ مَنَاْدَىً ليخلّص من شدّة، أو يُعين على مشقّة، فنداؤه استغاثة، وهو مُستغاث))([21]).
 
فإذا تقرر ذلك: فإن القبوريين يطلقون التوسل على الاستغاثة بالأموات، فدعاء الأموات والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، يسمونه توسًلا بالأنبياء والصالحين.
قال ابن تيمية: (ولفظ "التوسل" و "الاستشفاع" ونحوهما دخل فيها من تغيير لغة الرسول وأصحابه، ما أوجب غلط من غلط عليهم في دينهم ولغتهم.
يحقق هذا الأمر أن التوسل به والتوجه به لفظ فيه إجمال واشتراك بحسب الاصطلاح، فمعناه في لغة الصحابة أن يطلب منه الدعاء والشفاعة، فيكونون متوسلين ومتوجهين بدعائه وشفاعته. ودعاؤه وشفاعته - صلى الله عليه وسلم- من أعظم الوسائل عند الله عزَّ وجلَّ))([22]).
فذكر شيخ الإسلام أن بسبب الاستعمال صار لفظُ التوسُّلِ (مجملًا مشتركًا).
ويقول الألوسي في الردِّ على النبهاني: (( لفظ التوسل صار مشتركًا، فعباد القبور يطلقون التوسل على الاستغاثة بغير الله ودعائه رغبًا ورهبًا، والذبح والنذر والتعظيم بما لم يشرع في حق مخلوق))([23]).
ومما يؤكد أن التوسل في كلام السلف الأول هو طلب الدعاء من الحيِّ ما جاء عن أنس أن عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه- كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ فَيُسْقَوْنَ([24]).



tgoop.com/AlAntsar1/696
Create:
Last Update:

التخليط بين لفظ (التوسل) و(الاستغاثة):
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..
أما بعد:

الوسيلة لغة وشرعًا:
لغة
: أصلها (وَسَلَ) والواو والسين واللام، يدل على الرَّغْبة والطَّلَب. يقال وَسَلَ، إذا رَغِب. والواسِل: الراغب إلى الله - عزَّ وجل- وهو في قول لبيد: أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم ... بلى كلُّ ذي دينٍ إلى اللهِ وَاسِلُ([1]).
والوسيلة التوصل إلى الشيء برغبة([2])، وهي في الأَصل ما يُتَوَصَّل به إِلى الشيء ويُتَقَرَّب به([3]).
يقال: وسَّلْتُ إلى ربي وَسِيلةً، أي: عَمِلت عَمَلًا أتقرّب به إليه، وتوسّلتُ إلى فلانٍ بكتابٍ أو قرابة؛ أي: تقرَّبْتُ به إليه([4]).
أي: تَسَبَّبَ إليه بسَبَب، وتقرّبَ إليه بحُرمةِ آصِرةٍ تَعطِفه عليه([5]).
وتوسلت إلى الله بالعمل تقربت([6]).
        وبهذا يكاد يكون إجماع أهل اللغة على أن الوسيلة هي في الأصل ما يتوصّل به إلى الشيء ويتقرّب به([7])؛ وإنما استعيرت لما يتقرب به إلى اللّه – تعالى- من فعل الطاعات([8]).
شرعًا: وهي لا تبعد عن مدلولها اللغوي، إلا إنها استعملت مقيَّدة في النسبة إلى الله وحدة، كما سبق الإشارة إليه، يقول الراغب الأصفهاني: (( وحقيقة الوسيلة إلى الله - تعالى- مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة))([9]).
وفي التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35].
فقد أجمع أهل التفسير أن المراد بالوسيلة هنا القربة إلى الله بالعمل بما يرضيه([10]).
قال السمعاني: (( الوسيلة كل ما يتوسل به إلى الله؛ أي: يتقرب))([11]).
وقال القرطبي: (( والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها))([12]). أي: الطاعة التي يُطْلُبُ العبد بها ربه.
وكذا في قوله تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: 57].
قال الزجاج: (( يطلبون إلى ربهم الوسيلة، ينظرون أيهم أقرب إليه فيتوسلون به))([13]).
والمحصل: أن حقيقة الوسيلة هي التعبد بما يحبه الله ويرتضيه، وهذا يدل على أنها من الأمور التعبدية التوقيفية، فلا يشرع منها شيء إلا بدليل؛ " لأن باب القربات يُقتصرُ فيه على النصوص، ولا يُتصرّفُ في بأنواع الأقيسة والآراء"([14]).
فمن كان عمله خارجاً عن الشرع، ليس متقيّداً بالشرع فهو مردود([15])، ولهذا تكلم العلماء عن التوسل المشروع بما دل عليه خبر الوحي، وذكروا الممنوع منها لعدم ورود الدليل.
وهذا أصل متفق عليه؛ وهو أن الأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليلُ الأمرِ([16])، ومن اخترع في الدين ما لم يشهد له أصل من أصوله فلا يُلتفت إليه([17]).
 
الاستغاثة لغة وشرعًا:
لغة: من (غوث)، والغين والواو والثاء كلمةٌ واحدة، وهي الغوث من الإغاثة، وهي الإغاثة والنُّصرة عند الشِّدة([18]).
وغَوَّثَ الرجلُ واسْتَغاثَ: صاحَ واغَوْثاه، والاسمُ الغَوْث، والغُواثُ والغَواثُ([19]).
قال الزبيدي: (( وَقد صَرَّح أَئمَّةُ النَّحْوِ بأَنَّ هذا هُوَ أَصْلُه، ثمَّ إِنهم استعمَلُوه بِمَعْنى صَاحَ ونَادَى؛ طَلَباً للغَوْثِ))([20]).
فحقيقة التوجه بها دعاء وطلب وسؤال، لدخول مادة الاستفعال عليها مع اصطحابٍ للشدة ونزول كرب، قال ابن الصائغ (720): (( وإذا نُوْدِيَ مَنَاْدَىً ليخلّص من شدّة، أو يُعين على مشقّة، فنداؤه استغاثة، وهو مُستغاث))([21]).
 
فإذا تقرر ذلك: فإن القبوريين يطلقون التوسل على الاستغاثة بالأموات، فدعاء الأموات والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، يسمونه توسًلا بالأنبياء والصالحين.
قال ابن تيمية: (ولفظ "التوسل" و "الاستشفاع" ونحوهما دخل فيها من تغيير لغة الرسول وأصحابه، ما أوجب غلط من غلط عليهم في دينهم ولغتهم.
يحقق هذا الأمر أن التوسل به والتوجه به لفظ فيه إجمال واشتراك بحسب الاصطلاح، فمعناه في لغة الصحابة أن يطلب منه الدعاء والشفاعة، فيكونون متوسلين ومتوجهين بدعائه وشفاعته. ودعاؤه وشفاعته - صلى الله عليه وسلم- من أعظم الوسائل عند الله عزَّ وجلَّ))([22]).
فذكر شيخ الإسلام أن بسبب الاستعمال صار لفظُ التوسُّلِ (مجملًا مشتركًا).
ويقول الألوسي في الردِّ على النبهاني: (( لفظ التوسل صار مشتركًا، فعباد القبور يطلقون التوسل على الاستغاثة بغير الله ودعائه رغبًا ورهبًا، والذبح والنذر والتعظيم بما لم يشرع في حق مخلوق))([23]).
ومما يؤكد أن التوسل في كلام السلف الأول هو طلب الدعاء من الحيِّ ما جاء عن أنس أن عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه- كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ فَيُسْقَوْنَ([24]).

BY الانتصار لـأهل الأثر


Share with your friend now:
tgoop.com/AlAntsar1/696

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The Standard Channel How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) Ng, who had pleaded not guilty to all charges, had been detained for more than 20 months. His channel was said to have contained around 120 messages and photos that incited others to vandalise pro-government shops and commit criminal damage targeting police stations. Administrators
from us


Telegram الانتصار لـأهل الأثر
FROM American