ALANTSAR1 Telegram 697
Forwarded from نجيب الكثيري
فسمَّى طلب الدعاء من الحي الحاضر القادر على الدعاء (توسلًا).
وأما ما جاء في حديث الشفاعة عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، وفيه: « فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ ثُمَّ بِمُوسَى ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم- فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ»([25]).
وفي رواية أبي هريرة: « فَيَقُولُ النَّاسُ أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ بِآدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام»([26]).
فقد سمَّى طلب الدعاء (استغاثة) مراعاة لحالهم؛ حيث كانوا في شدة، فطلب رفعها بفعل مقدور عليه للمخلوق، أو بدعاء وسؤاله الله تعالى أن يرفعها.
وعليه فليس ثم مانع من تسمية (التوسل) بدعاء الحي (استغاثة).
وإنما المانع من تسمية (الاستغاثة) التي حقيقتها الطلب من المخلوق (توسلًا)، يقول ابن تيمية: (( ولم يقل أحد: إن التوسل بنبي؛ هو استغاثة به، بل العامة الذين يتوسلون في أدعيتهم بأمور كقول أحدهم: أتوسل إليك بحق الشيخ فلان أو بحرمته أو أتوسل إليك باللوح والقلم أو بالكعبة أو غير ذلك مما يقولونه في أدعيتهم، يعلمون أنهم لا يستغيثون بهذه الأمور؛ فإن المستغيث بالنبي - صلى الله عليه وسلم- طالب منه وسائل له.
والمتوسل به لا يدعى ولا يطلب منه ولا يسأل، وإنما يطلب به، وكل أحد يفرق بين المدعو والمدعو به))([27]).
ويقول: (( فإن ما نفي عنه وعن غيره من الأنبياء والمؤمنين وهو أنهم لا يطلب منهم بعد الموت شيئًا، ولا يطلب منهم في الغيبة شيئًا لا بلفظ الاستغاثة ولا الاستعاذة ولا غير ذلك، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، حكم ثابت بالنص وإجماع علماء الأمة مع دلالة العقل على ذلك))([28]).
ولهذا أبطل ابن تيمية دعوى القبوريين في استعمالهم لفظ (التوسل) في الاستغاثة بالأموات، فقال في رده على البكري: (( وقوله: "من توسل إلى الله بنبيه في تفريج كربة، أو استغاث به سواء كان ذلك بلفظ الاستغاثة أو التوسل أو غيرهما مما هو في معناهما"
فهذا القول لم يقله أحد من الأمم، بل هو مما اختلقه هذا المفتري، وإلا فلينقل ذلك عن أحد من الناس. وما زلت أتعجب من هذا القول وكيف يقوله عاقل، والفرق واضح بين السؤال بالشخص والاستغاثة به..))([29]).
وهذه فتوى لأبي زرعة العراقي (826) ينص فيها على التفريق بين التوسل، وبين السؤال والطلب من الأموات؛ فيقول: (( سُئلتُ عمن يزور الصالحين من الموتى، فيقول عند قبر الواحد منهم: يا سيدي فلان أنا أستجير بك، أو متوسل بك، أن يحصل لي كذا وكذا)).
فأجاب بعد ذكر مشروعية زيارة القبور بقوله: (( ... ولا امتناع في التوسل بالصالحين، فإنه ورد التوسل بالنبي وبصلحاء أمته، وأما قوله: (أطلب منك أن يحصل لي كذا وكذا) فمنكر، فالطلب إنما هو من الله تعالى، والتوسل إليه بالأعمال الصالحة، أو بأصحابها أحياء وأمواتًا))([30]).
ومعلوم أن لفظ (الاستغاثة) تارة يكون لازمًا، فيُعَدَّى، فيقال: (استغثتُ اللهَ)، وتارة يُعَدَّى بحرف (الباء)، فيقال: (استغثتُ بالله) من الغوث.
قال ابن تيمية: (( فالله في كلا الموضعين مسؤول مطلوب منه.
وإذا قالوا لمخلوق (استغثته واستغثت به) من الغوث، كان المخلوق مسؤولًا مطلوبًا منه، وأما إذا قالوا: (استغثُ به) من الإغاثة، فقد يكون مسؤولًا، وقد لا يكون مسؤولًا))([31]).
والمحصل: أن من ثبت عنه أن استغاث بميت فقد وقع في الشرك، ولا يلتمس له العذر بكونه إنما (توسل) بالميت غير أنَّه سَّمى توسله (استغاثةً)، وبهذه المناسبة يقول السيوطي: ((كان في عصرنا أمير يقال له أزدمر الطويل... وما زلت أتضرع إلى الله تعالى في هلاكه، وألا يوليَهُ على المسلمين، واستغيث بالنبي - صلى الله عليه وسلم- وأسال فيه أرباب الأحوال حتى قتله الله))([32]).
فالأصل أن تجرى هذه اللفظة على ظاهرها، لا سيما إذا صدرت ممن تلبس بالمذهب الصوفي الأشعري، فيحكم على فعله بالشرك، ولا يبرر شرك عباد القبور تحت مصطلح (التوسل)، يقول ابن تيمية: (( فلفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به.
 وقول القائل: (استغثت فلانًا، واستغثت به) بمعنى طلبت منه الإغاثة، لا بمعنى توسلت به، فلا يجوز للإنسان الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله))([33]).
وقد استعمل السبكي لهذه المسألة قانون (الكسب) الأشعري وهو ما يعرف بـ(المجاز العقلي، أو الإسناد المجازي)، يقول السبكي: (( والمستغاث به في الحقيقة هو الله - تعالى- والنبي - صلى الله عليه وسلم- واسطه بينه وبين المستغيث، فهو سبحانه مستغاث، والغوث منه خلقًا وإيجادًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم- مستغاث، والغوث منه تسباً وكسباً))([34]).



tgoop.com/AlAntsar1/697
Create:
Last Update:

فسمَّى طلب الدعاء من الحي الحاضر القادر على الدعاء (توسلًا).
وأما ما جاء في حديث الشفاعة عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، وفيه: « فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ ثُمَّ بِمُوسَى ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم- فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ»([25]).
وفي رواية أبي هريرة: « فَيَقُولُ النَّاسُ أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ بِآدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام»([26]).
فقد سمَّى طلب الدعاء (استغاثة) مراعاة لحالهم؛ حيث كانوا في شدة، فطلب رفعها بفعل مقدور عليه للمخلوق، أو بدعاء وسؤاله الله تعالى أن يرفعها.
وعليه فليس ثم مانع من تسمية (التوسل) بدعاء الحي (استغاثة).
وإنما المانع من تسمية (الاستغاثة) التي حقيقتها الطلب من المخلوق (توسلًا)، يقول ابن تيمية: (( ولم يقل أحد: إن التوسل بنبي؛ هو استغاثة به، بل العامة الذين يتوسلون في أدعيتهم بأمور كقول أحدهم: أتوسل إليك بحق الشيخ فلان أو بحرمته أو أتوسل إليك باللوح والقلم أو بالكعبة أو غير ذلك مما يقولونه في أدعيتهم، يعلمون أنهم لا يستغيثون بهذه الأمور؛ فإن المستغيث بالنبي - صلى الله عليه وسلم- طالب منه وسائل له.
والمتوسل به لا يدعى ولا يطلب منه ولا يسأل، وإنما يطلب به، وكل أحد يفرق بين المدعو والمدعو به))([27]).
ويقول: (( فإن ما نفي عنه وعن غيره من الأنبياء والمؤمنين وهو أنهم لا يطلب منهم بعد الموت شيئًا، ولا يطلب منهم في الغيبة شيئًا لا بلفظ الاستغاثة ولا الاستعاذة ولا غير ذلك، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، حكم ثابت بالنص وإجماع علماء الأمة مع دلالة العقل على ذلك))([28]).
ولهذا أبطل ابن تيمية دعوى القبوريين في استعمالهم لفظ (التوسل) في الاستغاثة بالأموات، فقال في رده على البكري: (( وقوله: "من توسل إلى الله بنبيه في تفريج كربة، أو استغاث به سواء كان ذلك بلفظ الاستغاثة أو التوسل أو غيرهما مما هو في معناهما"
فهذا القول لم يقله أحد من الأمم، بل هو مما اختلقه هذا المفتري، وإلا فلينقل ذلك عن أحد من الناس. وما زلت أتعجب من هذا القول وكيف يقوله عاقل، والفرق واضح بين السؤال بالشخص والاستغاثة به..))([29]).
وهذه فتوى لأبي زرعة العراقي (826) ينص فيها على التفريق بين التوسل، وبين السؤال والطلب من الأموات؛ فيقول: (( سُئلتُ عمن يزور الصالحين من الموتى، فيقول عند قبر الواحد منهم: يا سيدي فلان أنا أستجير بك، أو متوسل بك، أن يحصل لي كذا وكذا)).
فأجاب بعد ذكر مشروعية زيارة القبور بقوله: (( ... ولا امتناع في التوسل بالصالحين، فإنه ورد التوسل بالنبي وبصلحاء أمته، وأما قوله: (أطلب منك أن يحصل لي كذا وكذا) فمنكر، فالطلب إنما هو من الله تعالى، والتوسل إليه بالأعمال الصالحة، أو بأصحابها أحياء وأمواتًا))([30]).
ومعلوم أن لفظ (الاستغاثة) تارة يكون لازمًا، فيُعَدَّى، فيقال: (استغثتُ اللهَ)، وتارة يُعَدَّى بحرف (الباء)، فيقال: (استغثتُ بالله) من الغوث.
قال ابن تيمية: (( فالله في كلا الموضعين مسؤول مطلوب منه.
وإذا قالوا لمخلوق (استغثته واستغثت به) من الغوث، كان المخلوق مسؤولًا مطلوبًا منه، وأما إذا قالوا: (استغثُ به) من الإغاثة، فقد يكون مسؤولًا، وقد لا يكون مسؤولًا))([31]).
والمحصل: أن من ثبت عنه أن استغاث بميت فقد وقع في الشرك، ولا يلتمس له العذر بكونه إنما (توسل) بالميت غير أنَّه سَّمى توسله (استغاثةً)، وبهذه المناسبة يقول السيوطي: ((كان في عصرنا أمير يقال له أزدمر الطويل... وما زلت أتضرع إلى الله تعالى في هلاكه، وألا يوليَهُ على المسلمين، واستغيث بالنبي - صلى الله عليه وسلم- وأسال فيه أرباب الأحوال حتى قتله الله))([32]).
فالأصل أن تجرى هذه اللفظة على ظاهرها، لا سيما إذا صدرت ممن تلبس بالمذهب الصوفي الأشعري، فيحكم على فعله بالشرك، ولا يبرر شرك عباد القبور تحت مصطلح (التوسل)، يقول ابن تيمية: (( فلفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به.
 وقول القائل: (استغثت فلانًا، واستغثت به) بمعنى طلبت منه الإغاثة، لا بمعنى توسلت به، فلا يجوز للإنسان الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله))([33]).
وقد استعمل السبكي لهذه المسألة قانون (الكسب) الأشعري وهو ما يعرف بـ(المجاز العقلي، أو الإسناد المجازي)، يقول السبكي: (( والمستغاث به في الحقيقة هو الله - تعالى- والنبي - صلى الله عليه وسلم- واسطه بينه وبين المستغيث، فهو سبحانه مستغاث، والغوث منه خلقًا وإيجادًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم- مستغاث، والغوث منه تسباً وكسباً))([34]).

BY الانتصار لـأهل الأثر


Share with your friend now:
tgoop.com/AlAntsar1/697

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Clear The channel also called on people to turn out for illegal assemblies and listed the things that participants should bring along with them, showing prior planning was in the works for riots. The messages also incited people to hurl toxic gas bombs at police and MTR stations, he added. The court said the defendant had also incited people to commit public nuisance, with messages calling on them to take part in rallies and demonstrations including at Hong Kong International Airport, to block roads and to paralyse the public transportation system. Various forms of protest promoted on the messaging platform included general strikes, lunchtime protests and silent sit-ins. Polls Telegram has announced a number of measures aiming to tackle the spread of disinformation through its platform in Brazil. These features are part of an agreement between the platform and the country's authorities ahead of the elections in October.
from us


Telegram الانتصار لـأهل الأثر
FROM American