Warning: mkdir(): No space left on device in /var/www/tgoop/post.php on line 37

Warning: file_put_contents(aCache/aDaily/post/DBasam/--): Failed to open stream: No such file or directory in /var/www/tgoop/post.php on line 50
بسام بن خليل الصفدي@DBasam P.3131
DBASAM Telegram 3131
حرب غزة.. يوميات ومشاهدات [51]
(خُذُوا العفو)
تنبيه: هذه المقالة كتبتها ونحن نتسمَّع أخبار الهدنة، ثم طويتها لعدم مناسبتها في ذاك الوقت، وها هي اليوم بين يديك.
"قال أبو حاتم رضي الله عنه: الواجب على العاقل أن يُداري الناسَ مداراةَ الرجل السابح في الماء الجاري. ومن ذهب إلى عِشرة الناس من حيث هو كدَّر على نفسه عَيشَه، ولم تَصْفُ له مودتهم؛ لأن وداد الناس لا يُستجلب إلا بمساعدتهم على مَا هم عليه إلا أن يكون مَأْثما، فإذا كانت حالة معصية فلا سمع ولا طاعة.
والبشر قد ركِّب فيهم أهواءٌ مختلفة وطبائع متباينة، فكما يشق عليك تركُ ما جُبلتَ عليه فكذلك يشق على غيرك مجانبةُ مثله، فليس إلى صَفْو ودادهم سبيلٌ إلا بمعاشرتهم من حيث هم، والإغضاءِ عن مخالفتهم في الأوقات" [روضة العقلاء (ص209)].
من وجوه البلاء والمعاناة في الحرب (على صورتها القائمة في بلادنا) ما يقع بين الناس من الخلاف والشقاق. والخلاف حاصل في الحروب وغيرها، لكنه فيها أكثر وأشد؛ وذلك أن الناس يجتمعون ويتكدسون في أماكن ضيقة، في البيوت والمخيمات والمراكز ونحوها.
وأين وُجد الاجتماع وجد الخلاف والنزاع، فالإنسان بطبعه يشق عليه تركُ هواه وعاداته وخِلاله، ويريد حمل الناس على رُكِّب فيه من ذلك، فإذا كان الجميع أو الأكثرون على هذا الوصف لم يكن إلى الوداد والوفاق من سبيل، وهذا معنى كلام ابن حِبَّانَ أعلاه، وهو كلامٌ غائص في أعماق النفس يجدر بالعاقل أن يُطيل تأمُّلُه.
ومن تجلِّيات ذلك في فقه السلف رضي الله عنهم: ما جاء عن ربيعة قال: "المروءة في السفر: بذل الزاد، وقلة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير مساخط الله عز وجل". [لطائف المعارف (ص407)]، فذَكر قلة الخلاف هنا للمعنى الذي ذكرناه من طول الصحبة والاجتماع الحاصل في السفر.
ومن شواهد الوحي العظيمة في هذا المعنى قوله تعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم في أجمع آية في مكارم الأخلاق: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف: 199].
والمعنى: خذ ما عفا وتيسَّر من أخلاق الناس ولا تشدد عليهم.
وهذا كما ترى يشمل كل وقت، وهو في حال الخصومة والخلاف آكد كما هو ظاهر.
ومن قواعد المعاشرة العظيمة التي تتابع الأفاضل من أهل العلم والأدب على الحث عليها والوَصاة بها: أن تعاشر الناس بالخير والبذل والإحسان مع الإغضاء عما يكون منهم من الأذى والمكروه، وعدم توقع المكافأة وردِّ الجميل. ولا يطيب العيشُ إلا بذلك.
ولست أَرثي أحدا رِثائي من جلس يراقب الناس: فلان زرته ولم يزُرني، وفلان رأى رسالتي ولم يرد عليَّ، وفلان لم يعزِّني، وفلان لم يبارك لي، وخامس وسادس... في سلسلة لا تنتهي من تصنيم النفوس وتقديسها.
ولله ما أحسن قول الإمام العارف الرباني ابن تيمية فيما ينقله عنه تلميذه ابن القيم في "المدارج" (2/198): "العارف لا يرى له على أحد حقا، ولا يشهد له على غيره فضلا؛ فلذلك لا يعاتِب ولا يطالِب ولا يضارِب".
وهذه منزلة لا تتطاول إليها رقابُ أكثر الخلق.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، اللهم آمين.
بسام بن خليل الصفدي
الأربعاء 15 رجب 1446
https://www.tgoop.com/DBasam



tgoop.com/DBasam/3131
Create:
Last Update:

حرب غزة.. يوميات ومشاهدات [51]
(خُذُوا العفو)
تنبيه: هذه المقالة كتبتها ونحن نتسمَّع أخبار الهدنة، ثم طويتها لعدم مناسبتها في ذاك الوقت، وها هي اليوم بين يديك.
"قال أبو حاتم رضي الله عنه: الواجب على العاقل أن يُداري الناسَ مداراةَ الرجل السابح في الماء الجاري. ومن ذهب إلى عِشرة الناس من حيث هو كدَّر على نفسه عَيشَه، ولم تَصْفُ له مودتهم؛ لأن وداد الناس لا يُستجلب إلا بمساعدتهم على مَا هم عليه إلا أن يكون مَأْثما، فإذا كانت حالة معصية فلا سمع ولا طاعة.
والبشر قد ركِّب فيهم أهواءٌ مختلفة وطبائع متباينة، فكما يشق عليك تركُ ما جُبلتَ عليه فكذلك يشق على غيرك مجانبةُ مثله، فليس إلى صَفْو ودادهم سبيلٌ إلا بمعاشرتهم من حيث هم، والإغضاءِ عن مخالفتهم في الأوقات" [روضة العقلاء (ص209)].
من وجوه البلاء والمعاناة في الحرب (على صورتها القائمة في بلادنا) ما يقع بين الناس من الخلاف والشقاق. والخلاف حاصل في الحروب وغيرها، لكنه فيها أكثر وأشد؛ وذلك أن الناس يجتمعون ويتكدسون في أماكن ضيقة، في البيوت والمخيمات والمراكز ونحوها.
وأين وُجد الاجتماع وجد الخلاف والنزاع، فالإنسان بطبعه يشق عليه تركُ هواه وعاداته وخِلاله، ويريد حمل الناس على رُكِّب فيه من ذلك، فإذا كان الجميع أو الأكثرون على هذا الوصف لم يكن إلى الوداد والوفاق من سبيل، وهذا معنى كلام ابن حِبَّانَ أعلاه، وهو كلامٌ غائص في أعماق النفس يجدر بالعاقل أن يُطيل تأمُّلُه.
ومن تجلِّيات ذلك في فقه السلف رضي الله عنهم: ما جاء عن ربيعة قال: "المروءة في السفر: بذل الزاد، وقلة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير مساخط الله عز وجل". [لطائف المعارف (ص407)]، فذَكر قلة الخلاف هنا للمعنى الذي ذكرناه من طول الصحبة والاجتماع الحاصل في السفر.
ومن شواهد الوحي العظيمة في هذا المعنى قوله تعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم في أجمع آية في مكارم الأخلاق: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف: 199].
والمعنى: خذ ما عفا وتيسَّر من أخلاق الناس ولا تشدد عليهم.
وهذا كما ترى يشمل كل وقت، وهو في حال الخصومة والخلاف آكد كما هو ظاهر.
ومن قواعد المعاشرة العظيمة التي تتابع الأفاضل من أهل العلم والأدب على الحث عليها والوَصاة بها: أن تعاشر الناس بالخير والبذل والإحسان مع الإغضاء عما يكون منهم من الأذى والمكروه، وعدم توقع المكافأة وردِّ الجميل. ولا يطيب العيشُ إلا بذلك.
ولست أَرثي أحدا رِثائي من جلس يراقب الناس: فلان زرته ولم يزُرني، وفلان رأى رسالتي ولم يرد عليَّ، وفلان لم يعزِّني، وفلان لم يبارك لي، وخامس وسادس... في سلسلة لا تنتهي من تصنيم النفوس وتقديسها.
ولله ما أحسن قول الإمام العارف الرباني ابن تيمية فيما ينقله عنه تلميذه ابن القيم في "المدارج" (2/198): "العارف لا يرى له على أحد حقا، ولا يشهد له على غيره فضلا؛ فلذلك لا يعاتِب ولا يطالِب ولا يضارِب".
وهذه منزلة لا تتطاول إليها رقابُ أكثر الخلق.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، اللهم آمين.
بسام بن خليل الصفدي
الأربعاء 15 رجب 1446
https://www.tgoop.com/DBasam

BY بسام بن خليل الصفدي




Share with your friend now:
tgoop.com/DBasam/3131

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Earlier, crypto enthusiasts had created a self-described “meme app” dubbed “gm” app wherein users would greet each other with “gm” or “good morning” messages. However, in September 2021, the gm app was down after a hacker reportedly gained access to the user data. More>> Some Telegram Channels content management tips Channel login must contain 5-32 characters Deputy District Judge Peter Hui sentenced computer technician Ng Man-ho on Thursday, a month after the 27-year-old, who ran a Telegram group called SUCK Channel, was found guilty of seven charges of conspiring to incite others to commit illegal acts during the 2019 extradition bill protests and subsequent months.
from us


Telegram بسام بن خليل الصفدي
FROM American