tgoop.com/Dr_alkhader/2331
Last Update:
⬅️ *س/ بعضهم يقول: نحن نرى أن البلاد التي تقل فيها مهور النساء تكون نسبة الطلاق مرتفعة؛ لأنه يقول سيأتي ببدلها بسهولة ويسر. أليس الأفضل هو رفع المهر أو على الأقل وضع دفع مؤخّر في حالة أنه يطلق بدون سبب شرعي؟*
ج/ أخي الكريم اعلم رعاك الله أن قلة المهور ليست هي السبب في الطلاق، بل إن تيسير المهر وعدم المغالاة فيه من أسباب الوفاق والمحبة بين الزوجين واستجلاب البركة في الزواج؛ ولذلك رغّب الإسلام في تيسيره وعدم المغالاة فيه ففي المتفق عليه عنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد الصحابة لما أراد منه أن يدفع مهراً عند الزواج: *«التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»*، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟»* قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ؟ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هذا الجبل"*، وروى ابن حبان بسند صحيح عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *"خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ"*، وروى أحمد بسند صحيح عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: *«إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا، ..»*.
فالمهر ليس ثمناً للمرأة وإنما هو رمز احترام وتكريم لها، والمغالاة في المهور تجعل الزواج محفوفاً بالهمّ والعناء والضائقة المالية على الزوج من بداية زواجه وتحمّل الديون بل وتؤدي لتعطيل الزواج وقلة الإقبال عليه مما يجر إلى فساد الأخلاق والوقوع في الحرام وتفكك الأسر وخواء البيوت وعنوسة الفتيات وغير ذلك من المصائب؛ مما يستلزم أن يسير الجميع على سنة التيسير، ثم من وسّع الله عليه إذا جاءت عنده وسّع عليها كما يريد قال تعالى: *{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}* [الطلاق: 7]، دون أن يصبح ذلك من مراسيم الزواج التي يُذَم من خالفها، والتي لا نجني منها إلا وضع البذور الشائكة في طريق الأبناء والبنات في مستقبل أمرهم.
وإن الاعتقاد بأن غلاء المهر أو اشتراط ضمانات مالية يحمي المرأة من الطلاق اعتقاد غير صحيح فالضمانات المالية لا تحقق السعادة الزوجية، ولكن حسن الاختيار وحصول الرغبة التامة بمن يريد الزواج بها؛ ولذلك أباح له الإسلام رؤية وجهها وكفيها في حضور محرم لها، أما كثرة المهر فلن تجلب الرغبة ولن تمنع غير الراغب في المرأة من طلاقها بل ربما آذاها وضارها وظلمها واضطهدها واتهمها بما ليس فيها حتى تفتدي منه وتطلب الخلع وتدفع المهر الذي سلَّمه كما يحصل في كثير من الأماكن، وربما أبقاها في عصمة نكاحه تفكيراً فيما دفع ولكن يبقيها لا متزوجة ولا مطلقة، فالمحبة والرغبة هي التي تستدعي القيام بالحقوق لا المهر الكثير، والمشروع هو تزويج مرضي الدين والخلق إن أحبَّ المرأة أمسكها بمعروف وإن أبغضها سرَّحها بإحسان.
ويحسن في هذا المقام توجيه نصيحة للأشخاص الذين يستهينون بأمر الطلاق بأن يتقوا الله في أنفسهم ويعلموا أن النكاح ميثاق غليظ وأن يستوصوا بالنساء خيراً؛ فإنهم أخذوهن بأمان الله واستحلوا فروجهن بكلمة الله وقد قال تعالى: *{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}* [النساء: 19]، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *« لاَ يَفْرَكْ* أي: يبغض *مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ»* . أَوْ قَالَ: *«غَيْرَهُ»*.
وإن التلاعب بالطلاق والاستهانة بأمره تلاعب بكتاب الله وهو يُعرّض لغضب الله ويستجلب سخطه ففي سنن النسائي بسند حسن عن مَحْمُود بْن لَبِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانًا ثُمَّ قَالَ: *«أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟»*.
فالحذر من مخالفة الشرع في أي أمر ومن ذلك النكاح والطلاق.
وفق الله الجميع.
🖋د. بندر الخضر
___
http://www.tgoop.com/dr_alkhader
BY قناة د. بندر الخضر البيحاني
Share with your friend now:
tgoop.com/Dr_alkhader/2331