EYADQUNAIBI Telegram 3656
حالة الطوارئ !
د. إياد قنيبي

كثير ممن يهتم لأمر أمته في أيامنا يعيش حالة طوارئ مستمرة.. بحيث لا يستمر في عمل طويل النفَس بحضور ذهن وقناعة بما يفعل..لأنه يحس دائماً مع رؤية الأخبار الفاجعة أنه "يجب عمل شيء بسرعة"، "الوضع لا يتحمل"، "الطوفان آتٍ"...
فإذا دخل الجامعة ليتخصص في علمٍ أحس في قرارة نفسه أنه "يضيع وقته"..
وإذا سجل في دورة شرعية، أو قرأ كتاباً في تربية الأبناء أحس أنه "يتهرب من مسؤوليته تجاه أمته"..
وإذا لعب مع أولاده أحس بــ"الخيانة لأبناء المسلمين المنكوبين"...

وهكذا...أكثر الوقت لا قناعة لديه بما يفعل.
ويُنَفِّس عن أحاسيسه هذه بأن يَشْغل نفسه بالأخبار ولو انشغالاً غير نافع...يتابع، يتحسر، يسب، يغضب، ثم...لا شيء!

والنتيجة: حالة الطوارئ هذه تنعكس على نفسيته وتعامله مع والديه و زوجته وأبنائه ومع الناس عموما، وعلى إخفاقه في دراسته أو عمله، بل وعلى دينه وعلاقته بربه..ليس صاحب نفسية منشرحة مطْمئِنة..وإذا كان صاحب مظهر ملتزم نفر الناس عن الالتزام!

ويُترك النجاح والتفوق لغيره ممن أفكارهم مشوشة تجاه القضايا الحاسمة في حياة الأمة كحاكمية الإسلام و وجوب الانحياز إليه في حربه مع استعباد النظام الدولي للعباد، بل وحتى أساسيات الإسلام كالوجود الإلهي وصحة النبوات والقرآن...ممن أفكارهم مشوشة أو قد حسموا أمرهم في الاتجاه الخاطئ تماماً! أو اختاروا الانحياز للنظام الدولي وأذنابه...ويصبح هؤلاء هم قدوات المجتمع "الناجحين" في تعريف الناس والمؤثرين فيه..ويحتاجهم صاحب "حالة الطوارئ" في دراسته، وتوظيفه وعلاجه، ويقرأ أبناؤه رواياتهم ويتابعون نتاجهم ويتأثرون بشخصياتهم !

نعم..لا بد أن تهتم لأمر أمتك..لكن حول همك هذا إلى هِمة، حول حزنك إلى قوة دافعة، حول شعورك بالمسؤولية إلى ترفع عن الغفلة.. واحتسب الأجر وخدمة الإسلام في كل علمٍ تتعلمه، وكل بسمة تبتسمها في وجوه الناس وإن كنت متألماً، وفي كل لعب تلعبه مع أولادك لتقوي علاقتك بهم وتأثيرك عليهم وتنشئهم أصحاء نفسياً..وفي إعطاء كل ذي حق حقه...

واعلم أن المعركة طويلة..تحتاج نفَساً طويلاً، وعملاً مشاريعياً، وبناءً بطيئاً، وأنك تحتاج لهذا كله نفسية متوازنة، فلا تحرقها بـ"حالة الطوارئ".

لن يتركك أعداؤك، وسينهشون من جسدك ويرمون الحجارة على بنائك، ويضعون العراقيل في طريقك، ويحرصون على تعريضك وأمتك لقوس أزمات لتيأس وتستسلم عن المحاولة..

لا تدعهم يغلبونك! بل اصبر..وسيجعل مكرهم لصالحك (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون)...
وتكون أنت بإذن الله أداة من ادوات الله تعالى لإنفاذ قضائه الغالب: (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

من كتاب: بشائر



tgoop.com/EyadQunaibi/3656
Create:
Last Update:

حالة الطوارئ !
د. إياد قنيبي

كثير ممن يهتم لأمر أمته في أيامنا يعيش حالة طوارئ مستمرة.. بحيث لا يستمر في عمل طويل النفَس بحضور ذهن وقناعة بما يفعل..لأنه يحس دائماً مع رؤية الأخبار الفاجعة أنه "يجب عمل شيء بسرعة"، "الوضع لا يتحمل"، "الطوفان آتٍ"...
فإذا دخل الجامعة ليتخصص في علمٍ أحس في قرارة نفسه أنه "يضيع وقته"..
وإذا سجل في دورة شرعية، أو قرأ كتاباً في تربية الأبناء أحس أنه "يتهرب من مسؤوليته تجاه أمته"..
وإذا لعب مع أولاده أحس بــ"الخيانة لأبناء المسلمين المنكوبين"...

وهكذا...أكثر الوقت لا قناعة لديه بما يفعل.
ويُنَفِّس عن أحاسيسه هذه بأن يَشْغل نفسه بالأخبار ولو انشغالاً غير نافع...يتابع، يتحسر، يسب، يغضب، ثم...لا شيء!

والنتيجة: حالة الطوارئ هذه تنعكس على نفسيته وتعامله مع والديه و زوجته وأبنائه ومع الناس عموما، وعلى إخفاقه في دراسته أو عمله، بل وعلى دينه وعلاقته بربه..ليس صاحب نفسية منشرحة مطْمئِنة..وإذا كان صاحب مظهر ملتزم نفر الناس عن الالتزام!

ويُترك النجاح والتفوق لغيره ممن أفكارهم مشوشة تجاه القضايا الحاسمة في حياة الأمة كحاكمية الإسلام و وجوب الانحياز إليه في حربه مع استعباد النظام الدولي للعباد، بل وحتى أساسيات الإسلام كالوجود الإلهي وصحة النبوات والقرآن...ممن أفكارهم مشوشة أو قد حسموا أمرهم في الاتجاه الخاطئ تماماً! أو اختاروا الانحياز للنظام الدولي وأذنابه...ويصبح هؤلاء هم قدوات المجتمع "الناجحين" في تعريف الناس والمؤثرين فيه..ويحتاجهم صاحب "حالة الطوارئ" في دراسته، وتوظيفه وعلاجه، ويقرأ أبناؤه رواياتهم ويتابعون نتاجهم ويتأثرون بشخصياتهم !

نعم..لا بد أن تهتم لأمر أمتك..لكن حول همك هذا إلى هِمة، حول حزنك إلى قوة دافعة، حول شعورك بالمسؤولية إلى ترفع عن الغفلة.. واحتسب الأجر وخدمة الإسلام في كل علمٍ تتعلمه، وكل بسمة تبتسمها في وجوه الناس وإن كنت متألماً، وفي كل لعب تلعبه مع أولادك لتقوي علاقتك بهم وتأثيرك عليهم وتنشئهم أصحاء نفسياً..وفي إعطاء كل ذي حق حقه...

واعلم أن المعركة طويلة..تحتاج نفَساً طويلاً، وعملاً مشاريعياً، وبناءً بطيئاً، وأنك تحتاج لهذا كله نفسية متوازنة، فلا تحرقها بـ"حالة الطوارئ".

لن يتركك أعداؤك، وسينهشون من جسدك ويرمون الحجارة على بنائك، ويضعون العراقيل في طريقك، ويحرصون على تعريضك وأمتك لقوس أزمات لتيأس وتستسلم عن المحاولة..

لا تدعهم يغلبونك! بل اصبر..وسيجعل مكرهم لصالحك (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون)...
وتكون أنت بإذن الله أداة من ادوات الله تعالى لإنفاذ قضائه الغالب: (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

من كتاب: بشائر

BY د. إياد قنيبي


Share with your friend now:
tgoop.com/EyadQunaibi/3656

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Deputy District Judge Peter Hui sentenced computer technician Ng Man-ho on Thursday, a month after the 27-year-old, who ran a Telegram group called SUCK Channel, was found guilty of seven charges of conspiring to incite others to commit illegal acts during the 2019 extradition bill protests and subsequent months. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? With the administration mulling over limiting access to doxxing groups, a prominent Telegram doxxing group apparently went on a "revenge spree." Over 33,000 people sent out over 1,000 doxxing messages in the group. Although the administrators tried to delete all of the messages, the posting speed was far too much for them to keep up. Choose quality over quantity. Remember that one high-quality post is better than five short publications of questionable value.
from us


Telegram د. إياد قنيبي
FROM American