قَوله تَعَالَىٰ : ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللّٰهُ ﴾

قَالَ قوام السنة الأَصبهاني رحمه الله :

فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِيْنَ أَنْ يَعْرِفُوا أَسْمَاءَ اللّٰهِ وَتَفْسِيْرَهَا ، فَيُعَظِّمُوا اللّٰهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ " .

[ بَيَانُ المَحَجَّةِ (١٣٤/١) ]

المرء مع من أحب لكن بشروط :

قال الحسن البصري -رحمه الله- :

ابنَ آدم لا تغتر بقول من يقول: المرء مع من أحب؛ إنه من أحب قوما اتبع آثارهم، ولن تلحق بالأبرار حتى تتبع آثارهم، وتأخذ بهديهم، وتقتدي بسنتهم، وتصبح وتمسي وأنت على منهجهم، حريصا على أن تكون منهم، فتسلك سبيلهم، وتأخذ طريقهم، وإن كنت مقصرا في العمل،
فإنما ملاك الأمر أن تكون على استقامة.

[استنشاق نسيم الأنس لابن رجب ص٨٧]

قاعدة عند أهل الحديث

قال قتادة بن دعامة :

إن الرجل إذا ابتدع بدعة ، ينبغي ‌لها ‌أن ‌تُذكر حتى يُحذر .

شرح أصول الاعتقاد للالكائي ص ١٥٤
والحلية ٣٣٥/٢ سند جيد

والذي يقول لك معذور، مجتهد، متأول، جانب الصواب في هذه المسألة مغفور له، زلة في بحر حسناته؛ كل هذا الكلام ارمه بالحش وبل عليه.

من الأسباب التي تعين على الخشوع في الصلاة : النظر إلى موضع السجود

روى أحمد في الناسخ والمنسوخ عن التابعي ابن سيرين رحمه الله: «أن النبي ﷺ كان يقلب بصره إلى السماء، فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فطأطأ رأسه. وفي رواية أخرى فجعل رسول الله ﷺ ينظر حيث يسجد.

وروى سعيد بن منصور في سننه عن ابن سيرين رحمه الله قال : كانوا يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاهُ، لأنه أخشع، وأكف لنظره .

وقال النخعي: كان يستحب أن يقع الرجل
بصره في موضع سجوده.
وفسر قتادة الخشوع في الصلاة بذلك.

‏قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : الخشوع في الصلاة أن ينظر إلى موضع سجوده ، ولا يجاوز إلى غيره في الصلاة، وينبغي له أن يقبل على صلاته ، فإن في الصلاة شغلاً .

[ زاد المسافر ٢/٢٠٥ ]

قال ابن المنذر رحمه الله: والنظر إلى
موضع السجود أسلم وأحرى أن لا يلهو
المصلي بالنظر إلى ما يشغله عن صلاته،
وهذا قول عوام أهل العلم غير مالك ..

[الأوسط في السنن لابن المنذر ٣/٢٧٣]

خالف تُعْرَف أو نافق تجد ألف مرافق ؟!

كثير من المتحاملين على أهل الحديث والأثر - يقولون هؤلاء أصحاب شهرة إنما يردون بكلامهم في ذم الفرق الضالة والتحذير من البدع والعلماء الذين زلوا في العقيدة يردون بذلك الشهرة ومعرفة الناس لهم بالمختصر : خالف تُعْرَف

نحن نخالف من؟! ونطلب المعرفة عند من ؟!

فإذا تقصدون أننا نخالف المتقدمين فهذا كذب بل نحن نتبع آثارهم ونتمسك بما كانوا عليه وهذه كتبهم -كتب السنة- ندعو إليها ونتمسك بما فيها حرفياً، وإذا تقصدون أننا نخالف المعاصرين فليس هم الميزان الذي يعرف به الحق من الباطل وليس من خالفهم بما أحدثوه بالدين بمذموم بل هذه تعتبر منقبة ، والمخالف هو من خالف الرعيل الأول وهو من يستحق الذم

والناظر إلى حال من يدعو إلى السنة اليوم يجد أن سهام الطعن والذم والتحقير تأتيه من كل حدب وصوب، كما قال يونس بن عبيد: ليس شيء أغرب من السنة وأغرب منها من يَعْرِفُهَا. فعن أي شهرة وعن أي معرفة تتحدثون فكلهم يكرهه ويؤذيه لمخالفة طريقته لطريقتهم ومقصوده لمقصودهم ومباينته لِما هم عليه.

وأبو اعرفوني - هو المنافق الذي لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ويسكت عن ما أحدثه الناس من البدع؛ وبهذا يلتف حوله الجميع لأنه يوافقهم على باطلهم ويداهنهم على حساب دينه ، فمن هو المخالف الذي يريد المعرفة والشهرة ؟!

الخوف من سلب التوحيد والإيمان

‏قال مُجيب بن موسى : كنت عديل سفيان الثوري إلى مكة فكان يكثر البكاء فقلت له:
يا أبا عبدالله، بكاؤك هذا خوفاً من الذنوب؟
قال: فأخذ عوداً من المحمل فرمى به
وقال: لذنوبي أهون علي من هذا،
ولكني أخاف أن أسلب التوحيد .

[ أخبار أصبهان ٢٩٥/٢ ]

قال زهير بن نعيم الباني الزاهد : ما أكبر همي ذنوبي ، إنما أخاف ما هو أعظم عليّ من الذنوب وهو أن أسلب التوحيد، وأموت على غيره .

[قوت القلوب ص ٣٨٨ ]

الاستواء في كلام العرب هو العلو والارتفاع

ذكر النضر بن شميل -وكان ثقة مأمونًا جليلًا في علم الديانة واللغة- قال:

حدثني الخليل -وحسبك بالخليل بن أحمد الفراهيدي- قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح، فسلمنا فرد علينا السلام

وقال لنا: استووا فبقينا متحيرين ولم ندر ما قال؟
فقال لنا أعرابي إلى جنبه: إنه أمركم أن ترتفعوا،

قال الخليل: هو من قول الله عز وجل: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان﴾ فصعدنا إليه.

[اجتماع الجيوش الإسلامية ١٤٦/٢]

بابٌ وفاةُ النبيِّ ﷺ

أعظم مصيبة حصلت في مثل هذا اليوم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصاب أحدكم مصيبة، فليذكر مصيبته بي، فإنها من أعظم المصائب .

[رواه الدارمي ٨٥ ]

قال أنس بن مالك رضي الله عنه:

ما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله ﷺ .

[ السنة للبغوي ٣٨٣٤ ]

وقال رضي الله عنه: فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا عن النبي صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا.

[صحيح ابن ماجه ١٣٢٢ ]

فإذا ذكرت مصيبة ومصابها
فاذكر مصابك بالنبي محمد

في مثل هذا اليوم توفي رسول الله ﷺ الثاني عشر من ربيع الأول- ما أعظمها من مصيبة .

الترغيب في المشي إلى المساجد في الظلام

المنافقون يقولون للمؤمنين يوم القيامة:
﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾

وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة.

رواه أبو داود ٥٦١ ، والترمذي ٢٢٣١

وهذا الحديث له شواهد كثيرة من حديث أبي هريرة وحديث أبي الدرداء وحديث سهل بن سعد الساعدي

وجاء في رواية: (من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقي الله عز وجل بنور يوم القيامة).

ولعل من أسباب انقطاع النور عن المنافقين يوم القيامة هو ثقل صلاة العشاء الفجر عليهم، فقد قال رسول الله ﷺ: «إن أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا» .

كَم هِيَ مُخِيفَةٌ سُرعَةُ الأيٌَامِ ؟!

قال يحيى بن معين رحمه الله (١٥٨هــ) :

الدنيا كالحُلُم ، لقد حججتُ قبل خمسين سنة ماشياً من بغداد إلى مكة ، كأنها أمس !

[ السير ٨٨/١١ ]

ماذَا عَسَانا نقُول !!

من أهون الهجر لأهل البدع ترك الترحم عليهم

أهل البدع يجب ألا يترحم عليهم لأن الترحم عليهم رفع من شأنهم وتأييد لبدعهم ووسيلة إلى ترويج بدعتهم للناس، فيكون ترك الترحم نوع من أنواع الهجر للبدعة وأهلها وإن كانوا أمواتًا

فقد ترك رسول الله ﷺ الترحم على من ترك الحمد بعد العطاس عقوبة له لمجرد النسيان ‏وترك الصلاة على من قتل نفسه حتى لا يجترئ أحد على هذا الفعل، فترك إظهار الترحم على المسلم المشهور بفسقه فيه مصلحة شرعية كبيرة حتى لا يقتدي به غيره وكذلك يدخل من باب الزجر، فكيف بالترحم على أهل البدع!

فمن باب أولى ترك الترحم على أهل البدع والإجماع العملي قائم عند السلف في ترك الثناء والترحم على أهل البدع وكثير منهم صرح به : قال أبو بكر المرُّوذي : أتيت أبا عبدالله أحمد بن حنبل ليلة في جوف الليل فقال لي : يا أبا بكر بلغني أن نعيمًا كان يقول : لفظي بالقرآن مخلوق ، فإن كان قاله فلا غفر اللَّه له في قبره .

مع مكانة نعيم بن حماد وكثرة رده على الجهمية وموته في سجونهم وهو بريء من هذه التهمة قال أحمد -إن كان قال- فلا رحمه الله في قبره فهذا ليس ترك للترحم فقط بل الدعاء بعدم الرحمة، وترك الترحم فيه مصلحة للمبتدع نفسه كما قال بشر بن الحارث :كن خيرا لأهل البدع منهم لأنفسهم، تمنع الناس عنهم لا تُكثر آثامهم.

الذي يترحم على أهل البدع لم يطبق أقل القليل من أحكام الهجر لأهل البدع وكفى به خذلان أن يكون غاش لنفسه وللمسلمين وللمبتدعة أنفسهم جاء في كتاب الغنية: على المؤمن اتباع السنة ..
وألا يكاثر أهل البدع....ولا يترحم عليهم إذا ذكروا، بل يباينهم، ويعاديهم في الله عزّ وجل .

عن سفيان بن عيينة عن عبيد بن أبي بكرة قال كان يقال:

إذا دخل الرجل المسجد يوم الجمعة فليقل:

اللهم اجعلني أفضل من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأنجح من سألك وطلب إليك.

قال: وكان يقال: أفضل الناس في يوم الجمعة أكثرهم صلاة على النبي ﷺ .

[ مصنف عبدالرزاق ٥٤٨٨ ]

الفراغ مفسدة وسبب كل آفة

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

إنِّي لأُبغضُ الرجلَ أن أَراهُ فارغا ليس في شَيءٍ من عملِ الدُّنيا ولا عملِ الآخرة .

[ الزهد لأحمد بن حنبل ٨٧٩ ]

كان السلف حريصين على إغلاق أبواب الفتن

قال حكام بن سلم كنت عند سفيان الثوري فجائته امرأة فقالت :
إني أريد أن اسألك عن شيء ؟
فقال لها : أجيفي الباب ثم تكلمي من وراءه .

[ مناقب الامام سفيان الثوري ص٣٦ ]

هذا من باب سد أسباب الفتنة الذي لو فتح صعب إغلاقه حتى لو كنت حريص، كما هو حال الكثير من المنسبين للدعوة يفتح على نفسه أبواب فتنة النساء فلا يجد نفسه إلا في قعر الحضيض وليس هو بالقادر على الخروج ...

حدث عبد الله بن المبارك عن أشياخ أهل الشام :

من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولًا لم ينجُ آخرًا وإن كان جاهدًا.

قال ابن القيم : فما استعين على التخلص من الشر بمثل البعد عن أسبابه ومظانه.

[ عدة الصابرين ص ٦٣ ]

قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ }

قال رافع بن خَديج رضي الله عنه:
أَمْرُ رسول الله ﷺ على الرَّأس والعين.
[سنن النسائي ٣٨٦٨]

قال الأوزاعي رحمه الله : إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره، فإن رسول الله ﷺ كان مبلغاً عن الله تعالى .
[أصول الاعتقاد ٣/ ٤٧٨]

وقال مالك رحمه الله: ما منا إلا راد ومردود
عليه إلا صاحب هذا القبر . وأشار إلى قبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الشافعي رحمه الله: متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب.
[آداب الشّافعيّ ٦٧]

قال الإمام أحمد : نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسولﷺ في ثلاثة وثلاثين موضعا .
[الصارم المسلول ص٥٨]

لن : تفيد النفي المؤكد لا المؤبد

استدل أهل البدع مثل الزمخشري وغيره على أن "لن " تفيد النفي المؤبد وكان غرضهم من هذا نفي أن الله يُرى يوم القيامة فقالوا قال الله لموسى عليه السلام {لن تراني} على أن "لن" تفيد التأبيد.

قال مالك ووكيع: إذا استدلَّ عليك أهل الاهواء بأول الآية والحديث فاستدلَّ عليهم بآخره!، وسنستدل على بطلان مقولتهم بنفس الآية

فنقول يلزمهم إثبات أن الله هو الذي كلم موسى بصوته، ولم يخلق كلاماً وصوتا في الشجرة فكلمت موسى، فإذا قالوا نعم الله هو المتكلم بصوته فهذا دليل على فساد معتقدهم؛ إذ الله عزّ وجل تعالى عما يقولون عندهم لا يتكلم والقرآن ليس كلامه فلا نحتاج أن نناقشهم بالثانية وهي إثبات رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة

وإذا قالوا ليس الله هو المتكلم بل الشجرة هي من تكلمت بعد أن خلق الله كلاما وصوتا فيها فتكون هي من كلمت موسى وليس الله، فنقول فهذا لا ينفي الرؤية يوم القيامة إذ الذي كلم موسى عندهم هي الشجرة كما يزعمون؛ فقد بطلت حجتهم فلا عبرة بأن لا ترى الشجرة يوم القيامة فليس هي بإله يعبد حتى يشتاق المؤمنون لرؤيتها يوم القيامة. يتبع....

ردود أهل السنة والعربية على شبهات وتلبيسات أهل التعطيل من الجهمية والأشعرية كثيرة وقوية ولله الحمد ومما قالوا بالرد عليهم :

-قول أخو يوسف عليه السلام:{فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي} فهنا أثبت أنه لن يبرح أي أكد أنه لن يخرج من هذه الأرض إلا أن يأذن له أبوه أو يحكم الله فأين التأبيد؟!

-ومن الشواهد أيضاً قوله تعالى : { لن تنالوا البر حتى تتفقوا مما تحبون } ، ومفهوم الآية ؛ أنهم إذا أنفقوا ما يحبون من الأموال ، ينتهي هذا النفي ، وينالون البر إن شاء الله .¹

-ومن الاستدلات أن أحكام الدنيا تخلف عن الآخرة، قال تعالى: {ولن يتمنوه أبداً} يعني الموت في الدنيا فجاء ب (لن) وأكدها أيضاً بلفظة (أبداً) ومع ذلك يقولون وهم في جنهم: {يامالك ليقضِ علينا ربك} فختلف قولهم في الدنيا بعدم تمني الموت إلى طلب والدعاء أن يقضي الله عليهم فيموتوا ، وهذا يفيد أن" لن " تستخدم للنفي المؤكد لا المؤبد .

وقد قال ابن مالك في الكافية الشافية:
ومن رأى النفي بلن مؤبدا ...
فقوله اردد وسواه فاعضدا

¹ اعتراضات الأصبهاني على النحويين ص١٥٤