tgoop.com/Mohammed_Khalafallah/4238
Last Update:
رغم أن المغرب من أكثر البلاد الإسلامية التي ينتشر فيها الفقه التراثي والتعليم العتيق، فهي بلاد المالكية بامتياز، وقد قيل: مذهب مالك شرق في الحجاز وغربت شمسه بالمغرب، كما رجح بعضهم مدرستَه في المذهب على المصرية والحجازية والعراقية، وفي هذا يقول النابغة الغلاوي في نظمه:
ورجحوا ما شهر المغاربة * والشمس بالمشرق ليست غاربة
وكما قال عبدالله الشنقيطي في مراقي السعود:
هذا وحين قد رأيت المذهبا * رجحانه له الكثير ذهبا
وما سواه مثل عنقا مُغرِب * في كل قطر من نواحي المَغرِب
وإن كان المقصود عموم المغرب الإسلامي في بلاد غرب مصر، وليس خصوص قطر المغرب اليوم، فالمغرب وليبيا والجزائر وموريتانيا وتونس هي بلاد المالكية، حيث مجالس القيروان والزيتونة ومحاضر الصحراء وتضاريس سوس.
رغم ذلك تستطيع العلمانية التوغل في أخص خصائص الفقه الإسلامي وهو باب الأسرة، فاستطاعت التعديل والتغيير بما يصادم إجماع المسلمين من كل المذاهب الفقهيّة وليس فقط مشهور مذهب المالكية.
قوانين الأحوال الشخصية التي احترمها المحتل لما جاء بلاد المسلمين فتركها كما هي، وبدأ العبث في قوانين أخرى تمس الجنايات وفلسفة القضاء، وعبث في التعليم والاقتصاد بما يضمن دولة تكون مخرجاتها علمانية حتى لو رحل عنها هو، إلا أنه ترك أمر الأحوال الشخصية كما هو في أغلب القوانين ليتحاكم بها الناس داخلياً، رغم ذلك استطاعت الأنظمة العلمانية الوطنية الآن الوصول للعبث بهذه الخصيصة الفقهية لتتماشى ومتطلبات النظام الدولي واتفاقيات سيداو وفلسفة الغرب حول المرأة والطفل؛ ليزيد الشرخ أكثر من عزوف الشباب عن الزواج وشيوع الزواج المدني وتقنين المفاهيم النسوية .. إلى غير ذلك من الأمور.
الملفت في عملية تعديل مدونة الأسرة المغربية أنها تمت عبر فصيل ديني مشيخي مكتمل الأركان ليعطي صبغة شرعيّة تبررية لهذه القوانين! نعم كما كان يفعل الأسد في دمشق عبر البوطي وحسونة، كذلك في المغرب هناك لفيف ديني يقدم التبرير اللازم لهذه التعديلات، والملفت أكثر في الأمر أن هذا اللفيف المشيخي تجده طوال العام يحدثك عن ضرورة المذهبية وغلق باب الاجتهاد المطلق، فإذا ما حصل تماس مع متطلبات الدولة الحديثة ولوثة الحداثة الليبرالية نزعوا جُبّة المذهبية ولبسوا بدلة وكرفتة الحداثة الشحرورية وكان لابد من الاجتهاد المطلق الخارق لإجماع الأمة المستقر!
الشاهد من ذلك أن العلمانية لا تستطيع الحركة بدون ظهير ديني تسويغي، وإلا لرفضها عامة الناس، وهنا تكون الحمولة شديدة على كاهل العلماء أن يبينوا كلمة الحق عند سلطان جائر، ولكن حركة التاريخ تقول أن هذا المعدن قليل جداً في الأمة من طينة ابن حنبل وابن تيمية والنووي والعز بن عبدالسلام، فالكثير ستجده منشغلاً بمعارك آمنة يخوضها مع بعض الغلمان في قضايا فرعية تفسيقاً ومكايدةً وقالوا وقلنا مغيباً عن قضيته الكبرى، يريد تربية عياله - كما يقال - وتحديث الناس في مظاهر عامة لا تتقاطع مع مصالحه الخاصة ملبساً ذلك العجز لبوس الحكمة والنظرة العميقة.
وسنة الله الكونية أن الحق إذا لم يقل تمدد الباطل واستشرى في الناس، بل صار هو الأصل، وهكذا تتم عملية تغيير الدين، وكذلك تظل سنة الله أن هناك طائفة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، عارفين بالكيد الكبار وقوّالين بالحق نافين عن الدين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وتحريف الغالين.
BY قناة | محمد خلف الله
Share with your friend now:
tgoop.com/Mohammed_Khalafallah/4238