tgoop.com/Mohammed_Khalafallah/4240
Last Update:
هناك سؤال صار يدور في ذهني كثيرا بحكم أني أدرس العلوم الشرعية التراثية أغلب وقتي:
هل صارت العلوم الشرعية اليوم دراسات استشراقية؟ أي أن الدارس لها يقرأ مثلا ربع الأقضية والجنايات وربع النكاح والطلاق من مختصر خليل أو زاد المستقنع أو أبي شجاع أو أي متن فقهي في المذاهب الأربعة المعتمدة ثم لا يجد أي أثر لتلك الأحكام في واقع حياته اليوم، بل يُحكم بالأقضية المدنية وفلسفات الغرب واتفاقيات الأمم المتحدة والنظام العالمي من سيداو وحقوق الطفل ووو ؟
هل قراءة تلك الأبواب مجرد قراءة نظرية للفائدة المعرفية البحتة ؟
هل هذه الأبواب من العلوم الشرعية نتعامل معها كأي نص أدبي أو تاريخي عفا عليه الزمن؛ نحترمه ونقدسه، ثم هو لا علاقة له بتفكيرنا وحياتنا وواقعنا ؟
ما فائدة العلم وقتها ؟
أو بصورة أدق:
ما الفرق بين دراسة العلوم الشرعية كعبادة، والدراسات الاستشراقية التي يكون فيها الطالب قارئا متقنا للعلوم الشرعية لكن لا أثر لهذه العلوم في حياته أبدا!
ما هي قيمتك كعالم بالشريعة الإسلامية إذا كان لا فرق بينك وبين أي مبشر ديني أو مقدم نصائح في الحياة أو مدرب روحي في اليوغا أو الكابلا يحدث الناس في مشتركات ومواعظ عامة، لا تمس أصل تغيير عقيدة وفكر الإنسان في الحياة ؟
العلمانية الدينية هي الصورة الأكثر تناقضا من بين كل العلمانيات الأخرى، فلا هي أقصت الدين كليا من الحياة كما تفعل العلمانية، ولا هي التزمت أوامر الشرع وسياسة العلم الديني بجعله مشتبكا مع الحياة فصاروا كرهبان النصارى يجعلون الدين شأنا فرديا وخلاصا روحيا فقط!
هذا السؤال يبرز فقط في أزمنة الضعف، وإلا أي قراءة في تاريخ الصحابة والتابعين ستجد أن الأفاضل والعلماء كانوا هم أهل الشأن والسياسة والتأثير في الفضاء العام، فما كان أبوبكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي منعزلين منزوين عن واقع أمتهم، بل كانوا رؤوس الحضارة، وفرسان الحلقة، ومقارعي الفرس والروم والجبهات الداخلية من خوارج وشيعة ومنافقين ومرتدين.
لابد وأنت تسلك طريق طلب العلم الشرعي أن تفهم أن العلم إنما يراد به العمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وأن أول من تُسعّر بهم النار عالم بالشرع، وأن أكثر منافقي أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم قراؤها، وأن القرآن حجة لك أو عليك، وأن الرفعة عند الله ليست بكثرة المعلومات المجردة، بل بكثرة العلم المحقق في قلبك وحياتك وواقع أمتك:" وجعلني مباركا أينما كنت"، وأن الإسلام رسالة تمكين وصعود ورفعة وعلو وليست رسالة شخصية فردية، رسالة واقعية مشتبكة مع الحياة وليست نصا تاريخا معرفيا مدرجا بين أرفف المكتبة.
وللحديث بقية، ولكن هذه زفرة أسف لعلها تلاقي مسمعا...
BY قناة | محمد خلف الله
Share with your friend now:
tgoop.com/Mohammed_Khalafallah/4240