tgoop.com/Mohammed_Khalafallah/4241
Last Update:
من مظاهر غياب المفاهيم القرآنية في حياتنا اليوم هو حالة الاستغراب من الأحداث السياسية الكبرى المفاجئة، حيث صار بعض الناس يستبعد ذلك تماماً ويبدأ في الولوج للطريق الأسهل والأكسل دائماً لتفسير الأحداث وهو نظرية المؤامرة، فلابد أن يكون هناك يد خفية مادية حركت الأحجار على رقعة الشطرنج، لابد أن يكون وراء الحدث قوى عظمى لها مصالح...إلخ
وطبعاً مبدأ المؤامرة صحيح وموضوعي وواقع لا ينكره عاقل، لكن الولع بالمؤامرة في كل حدث بلا بينة ولا برهان قد يؤدي لخلل في توحيد الربوبية بأن الله خالق ومدبر وقادر وعزيز ذو انتقام وينصر أولياءه المستضعفين، وأن له سننا كونية لا يفهمها إلا من تشبع وارتوى من حياض المعين القرآني.
إن قصص هلاك الطغاة الظالمين كثيرة في القرآن من فرعون إلى قارون إلى النمرود إلى ثمود إلى عاد، والملاحظ أن النص القرآني كثيرا يركز على نقطة أن نهايتهم كانت غير متوقعة، فهي تأتي بغتة وهم لا يشعرون، وتأتي ضحى وهم يلعبون، وتأتي بياتا وهم نائمون، وهكذا من التعبيرات التي تفوق التحليل المادي الطبيعي، وهذه دلالة على سنة الله الكونية التي لا يؤمن بها من أوغل في المؤامرة؛ وهي عامل المفاجأة وعدم القدرة على الاستيعاب.
بل حتى نظام نبي الله سليمان - عليه السلام - الذي وهب الله له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده حينما خرّ ميتا لم تدرك الجن - رغم كيدها وقدراتها - موته حتى جاءت دابة الأرض تأكل منسأته فسقط فعلموا للتو!
فرعون الذي تجبر وملأ الأرض زمجرة وكبرا وعلوا جعل الله هلاكه في غلام تربى في حجره فالتقطه ليكون لهم عدوا وحزنا، هل كان فرعون يتصور أن ذلك التابوت الملقى على البحر يحمل عوامل سقوطه؟
إن سنة الله الكونية في نصره لعباده تأتي بغتة فجأة مدهشة غير متوقعة في كثير من الأحيان، فهل يستوعب المحللون هذا البعد اللا مادي ؟
إننا مأمورن بالعمل واستمراريته، فجدوى العمل وجوده واستمراريته، ثم لحظة النصر أمر إلهي لا يكاد يتوقعه أحد من الناس، فحتى الرسل استيأسوا قبل أن يأتي الفرج.
ثم إن الله إذا جاء أمره هيأ له أسبابه، فترى الأمور بطريقة غير مفهومة تلتهب وتتواءم مع بعضها لتيسير جريان سنته النافذة، فتأمل كيف اصطرعت روسيا مع أوكرانيا، وفُتحت جبهة طوفان الأقصى ودخلت لبنان في الخط، ثم تهيأ فتح دمشق في ١١ يوماً بما لا يكاد يستوعبه متابع، وما زالت الأيام حبلى بالكثير، ولكن يبقى أن تعمل وترجو ثواب الله.
BY قناة | محمد خلف الله
Share with your friend now:
tgoop.com/Mohammed_Khalafallah/4241