tgoop.com/NNBBBBBD/2994
Last Update:
من النادر أن تجد مادة شديدة الرصانة في المحتوى الفكري لكنها مع ذلك تأسر فؤادك بمحتواها الذي يلامس قلبك لما تستشعره من صدق وتجربة المتحدث، ولعل من أهم اللقاءات التي ينطبق عليها هذا الوصف هي محاضرة جيفري لانج Jeffrey Lang عن "الغاية/الهدف من الحياة The Purpose of Life" في الإسلام التي تستعرض لرحلة انتقال جيفري من الإلحاد إلى الإيمان عبر تجربة صادقة ومنفتحة وعقل ناقد مع القرآن الكريم.
قصة هداية جيفري هي من أعظم قصص الهداية بالقرآن في هذا العصر، وهي شاهد عصري يوضح كيف أن صفحة من القرآن (قصة الخلق في سورة البقرة) قادرة، ليس فقط على الإجابة على مشكلة الشر الشخصية التي كانت تؤرق جيفري عندما كان ملحداً، ولكنها قادرة كذلك على إنتاج تصور فلسفي كامل عن "الغاية من الخلق والحياة" و"أهم خصائص تكريم الإنسان في التصور القرآني" و"فلسفة الحياة والموت" في القرآن. حقيقة، استمتعت جداً بالاستماع لاستنباطات وحوارات جيفري الصادقة مع القرآن.
أعجبني كذلك صدق الرجل مع نفسه في تحديد مشكلته مع تصور الإله الخالق الحكيم (قصة نشأته وطريقة تعامل والده معه ومع والدته). كان يمكن لجيفري، بروفيسور الرياضات الأمريكي، أن ينتقد القرآن وفكرة الإيمان بالخالق بسفسطة الأرقام وإمكانية الخلق مع العدم بالصدفة والاحتمالات وغيرها، وهو ضليع جداً في هذا الأمر بحكم تخصصه في الرياضات، لكن الرجل كان صادقاً مع نفسه وبحث فيها عن السبب والدافع الرئيسي الذي جعله يلحد ابتداءً (مع أنه نشأ في بيئة مسيحية)، ثم قرر مواجهة هذا الدافع وعرضه على القرآن طلباً للإجابة وباحثاً عن الحقيقة.
وُفق جيفري لإلقاء هذه المحاضرة بطريقة فريدة جمعت بين الصرامة المنهجية والانفتاح النفسي مع الجمهور عبر سرد قصة نشأته ومشاكله مع والده ذات الخصوصية الشديدة، مع قدرة عالية على المزاح والتلطف مع الجمهور برمي النكات والطرائف، وأخيراً التأثر الشديد حتى تسحب أن الرجل يتمالك دموعه في المواطن ذات الصلة. هذا المزيج، أحسب أنه يصعب على إنسان تصنعه دون أن يلاحظ هذا التصنع، وقد أضفى هذا الإلقاء إخراجاً جميلاً ولطيفاً على المحتوي المميز والفريد لمحاضرة جيفري.
عندما أكملت استماع المحاضرة، لم يخطر في بالي إلى أبيات من شعر أحمد بخيت عندما قال:
"اذهب لخوفك فيك وحدك عاريًا من أيما كبرٍ وأية ذلة
يمضي الرماد إلى الرماد ودائما قمر يضيء ونحن بضع أهله
فاسمعْ عدوَّك فيكَ.. واسمعْ آدماً لترى تريدُ عناقَهُ.. أمْ قتلَهْ"
والله أعلم وأحكم!
-خالد الفيل
BY شهد| أنا قادمة ايها الضوء
Share with your friend now:
tgoop.com/NNBBBBBD/2994