tgoop.com/NaeemEreksosi/1072
Last Update:
جلسة الصفا
13 شعبان 1437
20 أيار 2016
لفضيلة الشيخ
محمد نعيم عرقسوسي
بعنوان
*(8-2) من كواشف الكبر*
* الدفاع عن الباطل* (20)
بسم الله الرحمن الرحيم
مرَّ معنا في الدرس الماضي أن من الكبر أن يجادل الإنسان في الباطل ليدحض الحق ويحرص على أن تكون له الغلبة ولو بغير حق، وهذا الأمر بيَّنه الله تعالى في محكم تنزيله فقال عز وجل:
*إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ*
إذن، هذا نص صريح بأن الذي يجادل في الباطل هو بسبب الكبر.
وكما مرَّ معنا ما يجره هذا الجدال في الباطل من عداوات وخصومات وتفرقة بين أفراد الأمة وإلى آخر ما هنالك، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:
*إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم*
أي الشديد الخصومة والمماحكة والجدال بالباطل، و كلمة الألد مأخوذة من لديدي الوادي وهما جانباه.
إذن أصل الكبر هو رفض الحق، ومرَّ معنا حديث النبي عليه الصلاة والسلام:
*من خاصم في باطل وهو يعلم، لم يزل في سخط الله وهو يعلم حتى ينزع*
ينزع: يترك.
هذا الحديث يشمل كل من يدافع عن المبطل المفسد ، يدافع عنه بحمية وعصبية، فيدخل فيه الأب الذي يدافع عن ابنه المذنب، ويبرر سوء فعله وسوء صنيعه، فيدخل في خصومة مع الجيران ومع أصحابه من أجل أن يدافع عن ولده السيء.
ويشمل هذا الحديث الأم التي تدافع عن ولدها حيث تكون العاطفة هي التي تتحكم بها، فتدافع عن ولدها دفاعاً أعمى لأنه ولدها ولا تعود إلى الحق والإنصاف، والله تعالى أمرنا دائماً أن نقف عند الحق، قال تعالى: *وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى* ، فلا يجوز لك أن تنصر قريبك بالباطل لأنه قريبك، ولا يجوز أن يدافع الأخ عن أخيه بالباطل، أو الشريك عن شريكه، أو المدير عن موظفه، وغير ذلك من الصور التي يقع فيها مثل هذا الخوض والجدال والدفاع عن المبطل بحمية أو عصبية أو مصلحة مادية تكون هي وراء هذا الأمر.
وحين قلنا أن هذا الحديث يشمل المحامي كذلك، لا نقصد أن الأمر محصورٌ فيه، ولكن ذكرناه لأنه أكثر الناس تعرضاً لهذا الأمر، لأن الناس يوكلونه في الدفاع عنهم، أصلاً، أصل مهنته هو الدفاع عن موكليه، والناس فيهم البر وفيهم الفاجر، فيهم الصالح وفيهم الطالح، ومهنة المحاماة أصلها البحث عن العدل لإحقاق الحق وإبطال الباطل، فإذا عكس الأمر، يكون الإنسان قد وقع في الخطر الشديد، لذلك جاء تحذير النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث لئلا ينحرف أحد عن الصواب و لئلا يحيد عن سبيل الحق والعدل والذي به صلاح الأمة وصلاح العباد وصلاح البلاد.
طبعاً يدخل فيه كذلك شاهد الزور، الذي يشهد زوراً وبهتاناً فيكون عوناً للمبطل على باطله، ويدخل أيضاً في هذا الحديث المسيء على إساءته والمفسد على فساده، والمبطل على باطله.
ويدخل فيه الذي يتوسط بجاهه ومنزلته لتبرئة مفسدٍ حقاً أو مسيء، والنبي ﷺ قال:
*لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها*
فلم يُجز النبي عليه الصلاة والسلام لأحد أن يتوسط لمن كان مبطلاً حقاً
لذلك إذا أعطاك الله جاه أو منزلة، إياك أن تتوسط لمجرم أو مسيء، فبهذا الحديث يحذر النبي عليه الصلاة والسلام على نطاق واسع كيلا يكون أحد منا عوناً لمبطل على باطله بأي صورة من الصور، والله ذكر عن سيدنا موسى عليه السلام:
*قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ*
بما أنعمت عليَّ من علم وقوة معرفة ، لن أكون معيناً للمجرمين.
فإذا أنعم الله تعالى عليك بالجاه والمنزلة فإيَّاك أن تكون ظهيراً ومعيناً للمجرمين.
ولمَّا كانت هذه القضية في غاية الأهمية، الله تعالى حذر منها في كتابه، وهذه الحادثة هي سبب نزول الآيات التي سنذكرهاـ خلاصة القصة أن ثلاثة أشخاص من بني أبيرق سرقوا دقيقاً ودرعاً من بيت جيرانهم، جارهم اسمه رفاعة بن زيد، ويروى أنهم طلبوا من النبي ﷺ أن يدافع عنهم، فنزلت الآيات من الله عز وجل لأن الأمر على غاية الأهمية ولأن أهم شيء في الحياة إحقاق الحق، فنزلت هذه الآيات
نبرئ اليهودي وتفضح أمر هؤلاء وتطلع النبي عليه الصلاة والسلام على حقيقة الأمر، قال الله تعالى:
*إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا،وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا،وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا*
BY 🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘
Share with your friend now:
tgoop.com/NaeemEreksosi/1072