tgoop.com/NaeemEreksosi/1073
Last Update:
الآن الخطاب هو للنبي ﷺ ، مع أنه لن يكون مدافعاً عن الخائنين، ولكن وجه الخطاب له، لأن الأمر عندما يكون على غاية الأهمية والخطورة يوجه الخطاب للنبي ﷺ ويكون المُراد أمته،
يقول الإمام الشوكاني في تفسيره:
قوله تعالى: (وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) ، دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم بأنه محق.
فكل من يدافع عن آخر ولا يعلم أنه محق يدخل في هذه الآية الخطيرة، ثم أن ربنا أكد هذا المعنى ورسخه فقال: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ) ، يختانون(يخونون)، ولكن جاء الفعل بهذه الصيغة يختان لوصف المبالغة في الخيانة، وقول الله تعالى: ولا تجادل، المخاطب هو كل من يسمع هذه الآية، وكل من يقرأ هذه الآية الخطاب له، وليُنفِّرك الله تعالى من أن تدافع عن إنسان سيء ومؤذٍ قال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا)
معنى ذاك أنت تدافع عن من لا يحبه الله تعالى، هذه الآية تجعل الإنسان لا يدافع عن من يبغضه الله تعالى، فإن دافع إنسان عن مبطل صار مثله وشريكه وسرى إليه بغض الله سبحانه و تعالى له، ثم أن ربنا عز وجل قال لكي يظهر العواقب ويظهر النتائج القبيحة لمن ناصر الباطل:
*هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا*
معنى الآية: أي إن استطعتم الآن في الدنيا أن تخدعوا ضعاف العقول.
الذي يحرص على المال، من أجل المال يسيء إلى إنسان مظلوم؟؟!!، ولقد حذرنا النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه وأبو داود في سننه وغيرهم عن سيدنا المستورد بن شداد رضي الله تعالى عنه قال عليه الصلاة والسلام:
*من أكل برجلٍ مسلم أكلة، فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن كُسيَ برجلٍ مسلم ثوباً، فإن الله يكسوه مثله من جهنم*
أي إن أوقع الإنسان المظلوم وشهد عليه زوراً وبهتاناً، فسينال هذه العقوبة الشديدة في جهنم.
فالأصل في المسلم أن يحرص على الحق ويقول كلمة العدل، قال تعالى:
*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا*
فلا تشهد بالباطل من أجل قريبك أو جارك أو صديقك، لأنك بذلك تكون خالفت أهم مقاصد شريعة الإسلام وهي الحرص على الحق والحرص على العدل.
لذلك، الذي يخشى الله سبحانه و تعالى لا يمكن أن يغرَّه متاعٌ في الدنيا قليل، ولا أموال الدنيا كلها، والذي يخشى الوقوف بين يدي الله تعالى يوم القيامة، لا يجادل عن نفسه حتى بالباطل ويعترف بالحق إن كان هو مسيء ومفسد، ويقول: أنا أخطأت ووقعت في هذا الأمر، وقد فعل هذا وكان حريصاً جداً أن لا يقع في غضب الله تعالى وسخط الله هو سيدنا كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه، في قصة تخلفه في غزوة تبوك، حيث تخلف عن الغزوة، لما رجع النبي عليه الصلاة والسلام من غزوة تبوك جاءه المنافقون يقدمون أعذارهم، فكان يقبل علانيتهم ويترك سرائرهم إلى الله سبحانه وتعالى، ثم جاء كعب بن مالك وجلس بين يدي رسول الله ﷺ ، قال: يا رسول الله، والله لو قعدت بين يدي ملك من ملوك الأرض لقدرت أن أخرج من سخطه إني أوتيت جدلاً، ولكن أخاف إن حدثتك حديث كذب ترضى به عني ليوشكنَّ الله أن يسخطك عليَّ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليَّ فيه، إني لأرجو فيه عفو الله، والله ما كان لي من عذر ، والله ما كنت قط أقوى، ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال النبي ﷺ : أما هذا فقد صدق، وهذا إشارة بأن الذين كانوا قبله قد كذبوا، فبصدقه أنزل الله تعالى توبته، ونزلت التوبة كذلك قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة، قال تعالى:
*وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*
الإنسان يعرف حقيقة نفسه، قد يعتذر ويجادل ولكنه يعرف في حقيقة نفسه أنه مبطل، قال الله عز وجل:
*بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ*
فهو يتمحَّل الأعذار حتى يقنع من حوله بأنه ليس مخطئاً ولا ابنه مخطئاً، ولكنه بقرارة نفسه يعلم إن كان مخطئاً أو كان مسيئاَ أو مؤذياً أو مفسداً، وسيفضحه الله تعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة، يعني إن انطلى الأمر على الناس في الدنيا، فالدنيا زائلة، ولكن يوم تبلى السرائر وتظهر الحقائق لا يستطيع أحد أن يخاصم ولا أن يجادل بالباطل لأنه في ذلك اليوم يُفضح الناس على رؤوس الخلائق.
BY 🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘
Share with your friend now:
tgoop.com/NaeemEreksosi/1073