🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘

417

جلسة الصفا

6 جمادى الأولى 1446
8 تشرين الثاني 2024

لفضيلة الشيخ
محمد نعيم عرقسوسي

بعنوان:
*من فضائل الدعوة إلى الله تعالى*

بسم الله الرحمن الرحيم

قد عرفنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هو دعوة إلى الإصلاح الذي يُراد به صلاح الأمة والبلاد و سلامتهما من الانحرافات والطامات والموبقات التي تأتي على الأمة بالانهيار والانحدار والاختلال.

ونُبيِّن اليوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو كذلك دعوة إلى الله تعالى، لأن المعروف هو الدين القويم ، والصراط المستقيم ، والأخلاق الفاضلة، وهو مما أمر الله تعالى به، ولأن المنكر هو المعاصي والخروج عن أحكام الله تعالى وتجاوز حدود الله تعالى وهو ما نهى الله تعالى عنه.

فالدعوة إلى الله تعالى هي أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، وهذا ما وصف الله تعالى به نبيه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فقال تعالى في وصفه:
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ)

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو رسالة الدعوة إلى الله تعالى.

والدعوة إلى الله تعالى وظيفة من اصطفاهم الله عز وجل من الأنبياء والمرسلين، قال تعالى:
(اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
إن أفضل منازل الخلق عند الله تعالى، منزلةُ الرسالة والنبوة .

وجعل الله تعالى القيام بالدعوة إلى الله شعار أتباع النبي ﷺ كذلك، فقال تعالى:
(قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)

ذكر الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية:
أن الله تعالى أمر رسوله أن يخبر الناس أن سبيله، أي طريقته ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة ويقين وبرهان، كذلك وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله ﷺ على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي، فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسول الله ﷺ ، وهو على بصيرة.

قال الشيخ عبد الحميد بن باديس: فالمسلمون أفرادا وجماعات عليهم أن يقوموا بالدعوة إلى الله تعالى، وأن تكون دعوتهم وفقاً لدعوته ﷺ وتبعاً له.

ومما يدل على عظيم منزلة الدعوة إلى الله تعالى أنها من صفات أحسن الناس قولاً، قال الله تعالى:
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

قال العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى:
فلا شيء أحسن ممن دعا إلى الله تعالى، ولا أكثر ثواباً من عمله.

وروى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية:
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ)
فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله في دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال إنني من المسلمين، هذا خليفة الله.

وقال ابن القيم:
والدعوة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال وأعظمها نفعاً في الدنيا والآخرة، وهي أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها، وهي أعظم من الذكر و الصلاة والصيام وسائر العبادات، لأن نفعها شامل مُتَعَدٍّ.

وروى الإمام الترمذي عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى قال: عالم عامل معلم، يدعى كبيراً في ملكوت السموات.

وقال ابن القيم: الذين يدعون إلى دين الله وعبادته ومعرفته ومحبته، هم خواص خلق الله تعالى وأفضلهم عند الله تعالى منزلة وأعلاهم نوراً.

ومما يدل على سمو قدر الدعوة وعظيم منزلتها كذلك أن من دعاء عباد الرحمن الذين يلهجون به ويداومون عليه قولهم:
(وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
ذكر المفسرون أن سبب دعائهم هذا، كي يكونوا قدوة لغيرهم فيكتسبوا أجر من سيقتدي بهم.
يفسر هذا قولُ النبي ﷺ:
من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيء .

فهذا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم.
كل ما فعله هؤلاء من الخير فلأبي بكر الصديق مثل أجورهم، يعني:
عندما تبرع عثمان بتجهيز جيش العسرة
وعندما بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما اشترى بئر رومة، إلى غير ذلك من الأعمال العظيمة، في كل ذلك يكون لأبي بكر أجر في ذلك.

و تذكروا أعمال عبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وكيف فتحوا البلاد ونشروا فيها الإسلام، فكل هذه الفتوحات وكل تبرعات ابن عوف لأبي بكر الصديق فيها نصيب من الأجر.

www.tgoop.com/NaeemEreksosi/1082

490 viewsNov 16 at 18:28

417

جلسة الصفا

6 جمادى الأولى 1446
8 تشرين الثاني 2024

لفضيلة الشيخ
محمد نعيم عرقسوسي

بعنوان:
*من فضائل الدعوة إلى الله تعالى*

بسم الله الرحمن الرحيم

قد عرفنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هو دعوة إلى الإصلاح الذي يُراد به صلاح الأمة والبلاد و سلامتهما من الانحرافات والطامات والموبقات التي تأتي على الأمة بالانهيار والانحدار والاختلال.

ونُبيِّن اليوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو كذلك دعوة إلى الله تعالى، لأن المعروف هو الدين القويم ، والصراط المستقيم ، والأخلاق الفاضلة، وهو مما أمر الله تعالى به، ولأن المنكر هو المعاصي والخروج عن أحكام الله تعالى وتجاوز حدود الله تعالى وهو ما نهى الله تعالى عنه.

فالدعوة إلى الله تعالى هي أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، وهذا ما وصف الله تعالى به نبيه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فقال تعالى في وصفه:
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ)

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو رسالة الدعوة إلى الله تعالى.

والدعوة إلى الله تعالى وظيفة من اصطفاهم الله عز وجل من الأنبياء والمرسلين، قال تعالى:
(اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
إن أفضل منازل الخلق عند الله تعالى، منزلةُ الرسالة والنبوة .

وجعل الله تعالى القيام بالدعوة إلى الله شعار أتباع النبي ﷺ كذلك، فقال تعالى:
(قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)

ذكر الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية:
أن الله تعالى أمر رسوله أن يخبر الناس أن سبيله، أي طريقته ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة ويقين وبرهان، كذلك وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله ﷺ على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي، فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسول الله ﷺ ، وهو على بصيرة.

قال الشيخ عبد الحميد بن باديس: فالمسلمون أفرادا وجماعات عليهم أن يقوموا بالدعوة إلى الله تعالى، وأن تكون دعوتهم وفقاً لدعوته ﷺ وتبعاً له.

ومما يدل على عظيم منزلة الدعوة إلى الله تعالى أنها من صفات أحسن الناس قولاً، قال الله تعالى:
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

قال العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى:
فلا شيء أحسن ممن دعا إلى الله تعالى، ولا أكثر ثواباً من عمله.

وروى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية:
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ)
فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله في دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال إنني من المسلمين، هذا خليفة الله.

وقال ابن القيم:
والدعوة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال وأعظمها نفعاً في الدنيا والآخرة، وهي أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها، وهي أعظم من الذكر و الصلاة والصيام وسائر العبادات، لأن نفعها شامل مُتَعَدٍّ.

وروى الإمام الترمذي عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى قال: عالم عامل معلم، يدعى كبيراً في ملكوت السموات.

وقال ابن القيم: الذين يدعون إلى دين الله وعبادته ومعرفته ومحبته، هم خواص خلق الله تعالى وأفضلهم عند الله تعالى منزلة وأعلاهم نوراً.

ومما يدل على سمو قدر الدعوة وعظيم منزلتها كذلك أن من دعاء عباد الرحمن الذين يلهجون به ويداومون عليه قولهم:
(وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
ذكر المفسرون أن سبب دعائهم هذا، كي يكونوا قدوة لغيرهم فيكتسبوا أجر من سيقتدي بهم.
يفسر هذا قولُ النبي ﷺ:
من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيء .

فهذا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم.
كل ما فعله هؤلاء من الخير فلأبي بكر الصديق مثل أجورهم، يعني:
عندما تبرع عثمان بتجهيز جيش العسرة
وعندما بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما اشترى بئر رومة، إلى غير ذلك من الأعمال العظيمة، في كل ذلك يكون لأبي بكر أجر في ذلك.

و تذكروا أعمال عبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وكيف فتحوا البلاد ونشروا فيها الإسلام، فكل هذه الفتوحات وكل تبرعات ابن عوف لأبي بكر الصديق فيها نصيب من الأجر.

BY 🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘