د.نور النومان | استشارية تربوية ونفسية.

سؤال ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي نور أنا أحبك في الله ولا تتخيلي مقدار انتفاعي من قلمك جزاك الله عني كل خير ، أنا أشعر بحزن وقهر يسيطر علي كلما اذكرت حوادث تحرش (.... تفاصيل خاصة ....) حصلت معي في الطفولة حيث كنت أجهل معنى التحرش ، كيف اتعامل مع ذلك ، افيديني مشكورة

====

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا ومرحبا بك حبيبتي وأختي الغالية
أسأل الله أن يجمعني بحبك في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله

طبعا حزنت جدا لما رويتيه من تفاصيل مؤلمة بسن صغيرة جدا من محاولات اغتصاب وتحرش ، وكم تتكرر على سماعي مثل حادثتك للأسف ..

حيث يتساهل بعض الأهالي بترك بناتهنن مع أولاد بالغين بمفردهن أو حتى رجال متزوجين من القريبات ، تجدينهم يتركون ورود يانعة بين أيدي ملوثة لا تعرف لشيء قدره ، أو حتى يتركن مع محارم يبدو عليهم الفسق وملامحهم تسكنها الشياطين ، ويذهبون للنوم أو التسوق أو حتى السفر ، وهذا محض جهل وخذلان ، فكلنا يعلم مقدار الغريزة الموجودة عند اليافعين البالغين والرجال عموما، وهم ليسوا ملائكة كما يحاول بعض الأهل إيهام أنفسهم ، حتى الأقارب من غير المحارم ليس عندهم مسؤولية كافية لردع أنفسهم أحياناً ، والمحارم المغيبين عقولهم ببحر الشهوات لا يؤتمنون ..

هذه الحقائق يعلمها غالبية الناس - إن لم يكن كلهم - بقرارة نفسه ، ومنذ عصر الجرائد قرأنا ما تقشعر له الأبدان من حوادث تحرش واغتصاب مؤلمة من الأقارب والجيران بل وحتى المحارم ، و الأهل عليهم مسؤولية كبيرة و لا يجوز معاملة أطفالهم أو طفلاتهن على أنهم غرض بسيذ يودعونه كأمانه مع من هب و دب ، وأجزم أن مثل نوعيات هذه الأهل - غفر الله لهم -لا يتركون أموالهم عند من يتركون عندهم أولادهم وبناتهم كأمانة ..

على كل حال ، ما حدث ويحدث هو جزء من ابتلاء يقع على البعض ، ولا يترتب عليه إلا الصبر والاحتساب والترفع عن الشعور بالذنب والعار والدونية ..

فالابتلاء هذا يأتي ليرفع درجاتك غاليتي ، وأعلم أن بعض الناس يستنكر مثل هذه المعلومة لكنه واقع الحال ، فمن هذا الذي لم يتعرض لابتلاءات شتى في حياته ، وهل يوجد ابتلاء لا يحمل معه دروس ومعاني وعبر ؟

من راجع مدونات بعض الغربيين سنجد عندهم خواطر وقصائد عن الدروس المميزة التي وجدوها عند تعرضهم للانكسار والإحباط والإيذاء ، وبعضهم يصف محطات انكساره وقهره بأنها خير معلم . . فما بالك بالسلف والصالحين وصبرهك على أصعب أنواع الابتلاءات والإيذاء والإفك المبين؟

ومن هنا عليك أن تتعلمي أن تتعاطفي مع نفسك ، وتحتسبي الأجر والثواب من رب كريم و جبار للخواطر و ووردو ومنتقم لن يضيع حقك ..

وإياك الخوض بمشاعر احتقار لذاتك أو اتهام لتلك الطفلة التي لم يسمع بصوتها الخائف و المرتجف مخلوق ، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على قلة وعي وأمانة بالمحيطين بها -أصلح الله حالهم -

أعجبني أنك بدأت تردين ذلك المعتدي الخبيث ، ولم تعودي تخافين منه ، أريد لمشاعر الخوف ان تتبدل بداخلك لقوة مصدرها الله الملك الحق ، وجسدك لا يحق لمخلوق لمسه دون أذن وعلى غير وجه حق ، تصرفي على هذا الأساس حتى لو وصل بك الحال لأن تؤذيه و أكثر فيكفيك عذاب سنين ..

كما أريد منك أن تفكري بهدوء وتحاولي أن تجدي شخص أمين تبوحي له بأنه يحاول التحرش بك، وقد تكتفين بذلك إن لم تشعري بالثقة ، كما أريد منك عدم مخالطته لا هو ولا غيره وعودي نفسك على قلة الاختلاط بالاجانب ..

و أنصحك بقراءة قصة أمنا عائشة رضي الله بحادثة الإفك ، وإن كانت لم تتعرض للتحرش أو الاغتصاب ، لكنها اتهمت في شرفها وهي بريئة ، وبرئها الله بقرآن يتلى عبر مئات السنين ..

وقراءة السور و الآيات التي تحمل اسم الله المنتقم والحق لتتعرفي على الله حق معرفة ، ولا تسمحي لمشاعر القلق والخوف أن تشوه لك صفات الله سبحانه وتعالى .. فتظنين جهلا أنه انتقم منك لسوء فيك - حاشاه- ..

ونهاية إشغلي نفسك بكل ما ينفعك ، وأحبي ذاتك الملهمة للتوحيد التي إن أريق منها قطرة دم بغير وجه حق كانت عند الله جل جلاله أعظم من حرمة الكعبة .. وتجاهلي كل ذكرى لتلك الواقعة لكي لا تصبح مدخل للشيطان يؤرقك ويكدر حياتك ..

أصلح الله بالك وحالك وحفظك وبنات المسلمين من كل سوء

نور النومان

www.tgoop.com/PsychologistNourNouman/2169

11.0K viewsedited  Apr 17, 2024 at 14:59

سؤال ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي نور أنا أحبك في الله ولا تتخيلي مقدار انتفاعي من قلمك جزاك الله عني كل خير ، أنا أشعر بحزن وقهر يسيطر علي كلما اذكرت حوادث تحرش (.... تفاصيل خاصة ....) حصلت معي في الطفولة حيث كنت أجهل معنى التحرش ، كيف اتعامل مع ذلك ، افيديني مشكورة

====

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا ومرحبا بك حبيبتي وأختي الغالية
أسأل الله أن يجمعني بحبك في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله

طبعا حزنت جدا لما رويتيه من تفاصيل مؤلمة بسن صغيرة جدا من محاولات اغتصاب وتحرش ، وكم تتكرر على سماعي مثل حادثتك للأسف ..

حيث يتساهل بعض الأهالي بترك بناتهنن مع أولاد بالغين بمفردهن أو حتى رجال متزوجين من القريبات ، تجدينهم يتركون ورود يانعة بين أيدي ملوثة لا تعرف لشيء قدره ، أو حتى يتركن مع محارم يبدو عليهم الفسق وملامحهم تسكنها الشياطين ، ويذهبون للنوم أو التسوق أو حتى السفر ، وهذا محض جهل وخذلان ، فكلنا يعلم مقدار الغريزة الموجودة عند اليافعين البالغين والرجال عموما، وهم ليسوا ملائكة كما يحاول بعض الأهل إيهام أنفسهم ، حتى الأقارب من غير المحارم ليس عندهم مسؤولية كافية لردع أنفسهم أحياناً ، والمحارم المغيبين عقولهم ببحر الشهوات لا يؤتمنون ..

هذه الحقائق يعلمها غالبية الناس - إن لم يكن كلهم - بقرارة نفسه ، ومنذ عصر الجرائد قرأنا ما تقشعر له الأبدان من حوادث تحرش واغتصاب مؤلمة من الأقارب والجيران بل وحتى المحارم ، و الأهل عليهم مسؤولية كبيرة و لا يجوز معاملة أطفالهم أو طفلاتهن على أنهم غرض بسيذ يودعونه كأمانه مع من هب و دب ، وأجزم أن مثل نوعيات هذه الأهل - غفر الله لهم -لا يتركون أموالهم عند من يتركون عندهم أولادهم وبناتهم كأمانة ..

على كل حال ، ما حدث ويحدث هو جزء من ابتلاء يقع على البعض ، ولا يترتب عليه إلا الصبر والاحتساب والترفع عن الشعور بالذنب والعار والدونية ..

فالابتلاء هذا يأتي ليرفع درجاتك غاليتي ، وأعلم أن بعض الناس يستنكر مثل هذه المعلومة لكنه واقع الحال ، فمن هذا الذي لم يتعرض لابتلاءات شتى في حياته ، وهل يوجد ابتلاء لا يحمل معه دروس ومعاني وعبر ؟

من راجع مدونات بعض الغربيين سنجد عندهم خواطر وقصائد عن الدروس المميزة التي وجدوها عند تعرضهم للانكسار والإحباط والإيذاء ، وبعضهم يصف محطات انكساره وقهره بأنها خير معلم . . فما بالك بالسلف والصالحين وصبرهك على أصعب أنواع الابتلاءات والإيذاء والإفك المبين؟

ومن هنا عليك أن تتعلمي أن تتعاطفي مع نفسك ، وتحتسبي الأجر والثواب من رب كريم و جبار للخواطر و ووردو ومنتقم لن يضيع حقك ..

وإياك الخوض بمشاعر احتقار لذاتك أو اتهام لتلك الطفلة التي لم يسمع بصوتها الخائف و المرتجف مخلوق ، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على قلة وعي وأمانة بالمحيطين بها -أصلح الله حالهم -

أعجبني أنك بدأت تردين ذلك المعتدي الخبيث ، ولم تعودي تخافين منه ، أريد لمشاعر الخوف ان تتبدل بداخلك لقوة مصدرها الله الملك الحق ، وجسدك لا يحق لمخلوق لمسه دون أذن وعلى غير وجه حق ، تصرفي على هذا الأساس حتى لو وصل بك الحال لأن تؤذيه و أكثر فيكفيك عذاب سنين ..

كما أريد منك أن تفكري بهدوء وتحاولي أن تجدي شخص أمين تبوحي له بأنه يحاول التحرش بك، وقد تكتفين بذلك إن لم تشعري بالثقة ، كما أريد منك عدم مخالطته لا هو ولا غيره وعودي نفسك على قلة الاختلاط بالاجانب ..

و أنصحك بقراءة قصة أمنا عائشة رضي الله بحادثة الإفك ، وإن كانت لم تتعرض للتحرش أو الاغتصاب ، لكنها اتهمت في شرفها وهي بريئة ، وبرئها الله بقرآن يتلى عبر مئات السنين ..

وقراءة السور و الآيات التي تحمل اسم الله المنتقم والحق لتتعرفي على الله حق معرفة ، ولا تسمحي لمشاعر القلق والخوف أن تشوه لك صفات الله سبحانه وتعالى .. فتظنين جهلا أنه انتقم منك لسوء فيك - حاشاه- ..

ونهاية إشغلي نفسك بكل ما ينفعك ، وأحبي ذاتك الملهمة للتوحيد التي إن أريق منها قطرة دم بغير وجه حق كانت عند الله جل جلاله أعظم من حرمة الكعبة .. وتجاهلي كل ذكرى لتلك الواقعة لكي لا تصبح مدخل للشيطان يؤرقك ويكدر حياتك ..

أصلح الله بالك وحالك وحفظك وبنات المسلمين من كل سوء

نور النومان

BY د.نور النومان | استشارية تربوية ونفسية.