tgoop.com/Qutooff/31658
Last Update:
(1) أمي متوفية من 7 سنوات، والدي يريد الزواج الآن ودا حقه واحنا مبسوطين لكدا، لكن بيقول تيجي تعيش معانا، احنا شباب 22 سنة والتاني 20، بقوله إنه غلط في السن دا نختلط بيها وكل شخص محتاج يلبس مرتاح في بيته على الأقل هي، هو شايف إن دا طبيعي.
ج/ بمجرد العقد على أبيكم ستصير زوجته مَحرمًا لكم، ويَحرم عليكم الزواج بها على التأبيد، حتى لو طَلَّقها أبوكم فيما بعد، تبقى محرما لكم أبد الدهر ..
هذا المعنى يَسلُب الطمع فيها بقدر كبير، وهذا له أثر نفسي على الإنسان بحيث تخف معه وطأة الميل المعروف الذي يكون بين الرجل والمرأة مِن غير المحارم، ولو أنَّ الشرع يُبيح الزواج منها ولو بعد طلاقها من أبيك لبقي هذا الطمع موجودا، ولظَلَّ خطر أثره قائمًا، وهذا أمر نَفْسي بَحت، بل الشهوة كلها أمر نفسي، يُحرِّكُه ويؤثر فيه العقل والتفكير والمادة التي يُملِيها العقل على النفس تفسيرا لمحسوسات الإنسان، برهان هذا أنك قد تجد خيالا مِن بعيد أو قريب تظنه امرأة فتتأثر به بشكل ما، فإذا تَبَيَّنَ أنه رجلٌ ذَهَبَ ذلك الأثر كأن لم يكن، وصار شيئا مُضحكا.
ويشهد لهذا ما يحكى في بعض كتب الأدب: أن الفرزدق أراد امرأة شريفة على نفسها فامتنعت عليه، فتهددها بالهجاء والفضيحة، فاستغاثت بزوجته وقصت عليها القصة، فقالت لها زوجته: واعِدِيه ليلة ثُم أعلميني. ففعلتْ، وجاءت زوجتُه فدخلت مع المرأة، فلَمَّا دخل الفرزدق البيت أَمَرت الجارية فأطفأت السراج، وغادرت تلك المرأة الشريفة المكان، ودخل الفرزدق المكان وفيه زوجته يظنها تلك المرأة، وليل ذلك الزمان ليل بحق قد تختلط فيه الشخوص، فواقع الفرزدق المرأة وهو لا يشك أنها تلك المرأة الشريفة، فلما فرغ قالت له زوجته: يا عدو الله يا فاسق! فعرف نغمتها، واكتشف أنه خُدع، فقال لها: وأنت هي! يا سبحان الله؛ ما أطيبك حراما وأردأك حلالا!
الحاصل: أنه لا حرج في الأصل مِن إقامتكم مع زوجة أبيكم في بيت واحد، هي لكم كسائر المحارم، كالأم والأخت والعمة والخالة والبنت وبنت الأخ وبنت الأخت ونحو هؤلاء، ثم من وجد تجاهها غير هذا فحكمه على خلاف الأصل، وعليه حينئذ أن يمتَنع عن الخلوة بها، وأن يغض من بصره عنها، وأن يتخذ من التدابير ما يمنع ما يُحرِّكه نحو الحرام، وليبادر بتعجيل خروجه من البيت، واستقلاله في المعيشة.
وفقكم الله وسددكم وأعانكم.
____
(2) رائع يا مولانا! الموضوع نفسي بحـت، كأن الله كبح شهوة الرجل تجاه محارمه بالتأبيد فلا يلتفت إليهنّ.
ج/ نعم يمكن أن نقول هذا، لكن حين تنتكس فطرة الإنسان، ويخفت نور تعظيم الشريعة في نفسه، ويستسيغ هذا الفعل القبيح من جراء مشاهدة أفلام زنا المحارم ونحوها، يتغير الأمر شيئا فشيئا، فلذلك تجد أبا يتحرش بابنته، وأخا ينظر لأخته نظرة مريبة، والعكس، وما ذلك إلا لأن الفطرة انتكست وتشوهت بسبب ما دخل على العقل والنفس من مفاهيم خاطئة أثمرت مشاعر منحرفة بقصد أو بغير قصد، تجعل أمر إقامة العلاقة مع فتاة من محارمك أمرا ممكنا محتملا، فلأجل هذا تحركت الشهوة.
وهذا الكلام يستغربه غاية الاستغراب من هو في غفلة عن هذا الدنس، بل لا يكاد يصدق أن أبا يشتهي ابنته، أو أختا تشتهي أخاها، ولو حكى ذلك أحد له ما صدَّقه، وظنه وهما أو كذبا وزروا.
وأنا أضرب لكم مثلا آخر لتفهموا أثر الخيال والوهم على النفس، وأثر ذلك على تحريك الشهوة: يصاحب الشاب الفتاة عبر وسائل التواصل دهرا دون أن يراها، ويرسم لها خيالا في ذهنه، ولو غير معيَّن، إلا أنه يتصور في خياله شيئا حسنا يقع منه موقعا حسنا في هذا الجانب، حتى يحركه ذلك ويؤثر فيه تأثيرا عظيما، وهو لم يرها أصلا، ثم إذا رآها ربما لا يعبأ بها، بل ينقلب كل ذلك إلى ضده، فأين ما كان؟!
إنما كان الوهم والخيال وأثره على النفس وعلى الشهوة تبعا..
وقد ذكر نحو هذا ابن حزم في «طوق الحمامة»، قال: «مِن غريب أصول العشق أن تَقَع المحبة بالوصف دون المعاينة، وهذا أمر يُترقَّى مِنه إلى جميع الحب، فتكون المراسلة والمكاتبة والهَم والوجد والسهر على غير الإبصار ... فيكون سببًا للحب واشتغال البال..
قال: وهذا كله قد وقع لغير ما واحد، ولكنه عندي بنيان هارٍ على غير أُس، وذلك أنَّ الذي أفرغ ذهنه في هوى مَن لَمْ يَرَ لا بد له إذ يخلو بفكره أن يُمثِّل لنفسه صورة يتوهمها، وعيناً يقيمها نصب ضميره، لا يتمثل في هاجسه غيرها، قد مال بوهمه نحوها، فإن وَقَعت المعاينة يومًا ما فحينئذ يتأكد الأمر أو يبطل بالكلية!».
والحمد لله، والعلم عند الله، وسبحان الله العظيم وبحمده.
الشيخ القاسم الأزهري
BY قطوف - علّموا الناس الخير
Share with your friend now:
tgoop.com/Qutooff/31658