tgoop.com/SOLIDER_313I/80378
Last Update:
إليكم مقال: من أصلح باطنه أصلح الله له الأحوال...
بقلم: يقين محمد
كان لسقراط جار طبيب، استنكر على الملك تسمية سقراط، بالطبيب الأول.
فسأله الملك عن طريقة يثبت فيها أنه أكفأ من سقراط، حتى ينقل اللقب إليه.
فقال الطبيب:
سأسقيه السم، ويسقيني، ومن يعالج نفسه يكون صاحب اللقب.
وافق سقراط، وحدد الملك موعد
النزال بعد أربعين يومًا.
أحضر سقراط ثلاثة من الرجال الأشداء، وأمرهم بسكب الماء في أوعية، ودقه كل يوم على مسمع الطبيب.
وفي يوم الواقعة
شرب سقراط سم جاره الطبيب، فاصفر لونه وأصابته الحمى، ولكنه عالج نفسه بعد ساعة، ثم ناول سقراط خصمه قارورة السم، التي ظل الرجال يدقونه أربعين يوما على مسامعه، فلما شربه خر ميتا!
عندها قال سقراط للملك:
لم أسقه إلا ماء عذبًا، وسأشرب منه أمامك!
أنا لم أقتله يا سيدي الملك، لقد قتله وهمه وخوفه!
من هُنا نستنتج أن الخوف يُميت صاحبه. فإذا لم يبنِ الإنسان ذاته سيبقى طوال الزمن لا يدرك الانتصار في أي شيء يخوضه.
علميًا: تبلغ سرعة الغزال 90 كلم في الساعة، بينما تبلغ سرعة الأسد 58 كلم في الساعة.
ومع ذلك تقع الغزلان فريسة للأسود!
لا شيء يفسر هذا سوى الخوف، الأسود لا تفترس إلا الغزلان التي تمكن منها الخوف!
إن هذا الأمر يقول لك بأن ماتعيشه في داخلك من هواجس سيكون مترجمًا في واقعك يظهر على حركاتك وعلاقاتك بالمجتمع. فإذا صرت أسير للهواجس الوهمية الباطنية، وتغافلت عن الحقيقة للأسف الشديد أقول سيصير قربك من النار أقرب فأقرب والعكس أقوى من الصحة، فمن يتوكل على الله تفتح له الأبواب المغلقة ولا يهاب المحن والشدائد.
ومن الأمور التي تؤدي بالإنسان إلى الخوف والوقوع في موجات الوسوسة والهواجس النفسية، هو الحرص على فهم المعلومة فالبعض يعلم جيداً أنه لن يطبق جميع ماتعلمه، ورغم ذلك نراه يدون كل ما يسمعه في المحاضرات من تفاصيل الى درجة الهوس ظنا منه أن هذا الأمر يساعد على الفهم، ولو سألته عما حفظه منها لما تذكر منه حرفاً، بل حتى أنه لا يعود إلى قراءة ملاحظته التي دونها،
إن الفائدة من تدوين الملاحظات هو فقط إذا كنت ستراجع ذلك المكتوب وتستفيد منه.
أما الاستكثار من العلم والأسئلة لا لسبب وبلا فائدة سيزيد العطش، البعض يرى كل شيء واضحاً ومفهوماً، ولكن رغم ذلك يسأل ويستفسر هكذا بلا هدف، شخص كهذا سينتهي به المطاف للوقوع في الشكوك العقائدية، فقد فتح باب الطمع والحرص لإبليس لينفذ منه، فيلقي إبليس شبهة في قلبه، ومن منطلق الحرص والخوف من الخسارة في الآخرة يبقى في حالة يرثى لها من الخوف والاضطراب والتعب، بل يسلبه التفكير النوم أيضاً.
لذلك كانت من توصيات بعض الأنبياء -عليهم السلام- والأولياء وأمثالهم أن إذا تعلمت معلومة، فاجتهد في تطبيقها، بل وينصح الشيخ بهجت بقراءة صفحة واحدة فقط كل يوم من كتاب أخلاقي، فأين نكدس هذه العلوم؟ ولأي غرض؟ لجمعها فقط؟ هذه العلوم للعمل وليست كالأموال، بقاؤها يتحقق بتوظيفها لا باستجماعها والاستكثار منها، الآن اتضحت العلة المسببة للهواجس، فعلى المبتلى أن يترك كل ما ذكر آنفاً ليصل للاستقرار.(بوارق الملكوت - السير إلى الله)
بعد ذلك لا بأس بذكر حقيقة أخرى لو كان الإنسان يهتم ببناء نفسه يوميًا بشكل عميق لا كإنسان ضئيل وسطحي، وفي كل مرة تراه يطمح لحياة تملك مقومات الصلاح والسعادة، لن يؤدي به ذلك لا إلى الخوف ولا إلى غيره، فالعبرة أن المهزوم من الداخل لا ينتصر مهما كان لديه من الأسباب، والمنتصر من الداخل سينتصر فعلا مهما طال الزمن."
BY ..
Share with your friend now:
tgoop.com/SOLIDER_313I/80378