tgoop.com/Seiar_Al_Nubala/474
Last Update:
(168)
الأوزاعــي
عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد.
شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، أبو عمرو الأوزاعي.
كان يسكن بمحلة الأوزاع، وهي العقيبة الصغيرة ظاهر باب الفراديس بدمشق، ثم تحول إلى بيروت مرابطًا بها إلى أن مات.
قال ضمرة بن ربيعة: الأوزاع: اسم وقع على موضع مشهور بربض دمشق، سمي بذلك لأنه سكنه بقايا من قبائل شتى، والأوزاع: الفرق تقول: وزعته أي: فرقته.
وقيل: كان مولده ببعلبك.
ولد سنة ثمان وثمانين.
كان خيرًا، فاضلًا، مأمونًا، كثير العلم والحديث والفقه، حجة، هو أول من دون العلم بالشام.
قال الخريبي: كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه.
قال العباس بن الوليد: فما رأيت أبي يتعجب من شيء في الدنيا تعجبه من الأوزاعي. فكان يقول: سبحانك تفعل ما تشاء؛ كان الأوزاعي يتيمًا فقيرًا في حجر أمه، تنقله من بلد إلى بلد، وقد جرى حكمك فيه أن بلغته حيث رأيته، يا بني عجزت الملوك أن تؤدب أنفسها وأولادها أدب الأوزاعي في نفسه، ما سمعت منه كلمة قط فاضلة إلا احتاج مستمعها إلى إثباتها عنه، ولا رأيته ضاحكًا قط حتى يقهقه، ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد أقول في نفسي: أترى في المجلس قلب لم يبكِ؟
قال الأوزاعي: مات أبي وأنا صغير، فذهبت ألعب مع الغلمان، فمر بنا فلان -وذكر شيخًا جليلًا من العرب- ففر الصبيان حين رأوه، وثبت أنا، فقال: ابن من أنت؟ فأخبرته. فقال: يا ابن أخي يرحم الله أباك. فذهب بي إلى بيته، فكنت معه حتى بلغت، فألحقني في الديوان، وضرب علينا بعثًا إلى اليمامة، فلما قدمناها ودخلنا مسجد الجامع وخرجنا، قال لي رجل من أصحابنا: رأيت يحيى بن أبي كثير معجبًا بك يقول: ما رأيت في هذا البعث أهدى من هذا الشاب. قال: فجالسته فكتبت عنه أربعة عشر كتابًا أو ثلاثة عشر فاحترق كله.
▪️زهده وعبادته:
قال الوليد بن مسلم: رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ويخبرنا عن السلف: أن ذلك كان هديهم فإذا طلعت الشمس قام بعضهم إلى بعض فأفاضوا في ذكر الله، والتفقه في دينه.
قال الوليد بن مزيد: كان الأوزاعي من العبادة على شيء ما سمعنا بأحد قوي عليه، ما أتى عليه زوال قط إلا وهو قائم يصلي.
كان الوليد بن مسلم يقول: ما رأيت أكثر اجتهادًا في العبادة من الأوزاعي.
عن ضمرة بن ربيعة قال: حججنا مع الأوزاعي سنة خمسين ومائة، فما رأيته مضطجعًا في المحمل في ليل ولا نهار قط، كان يصلي فإذا غلبه النوم استند إلى القتب.
عن محمد بن عبد الوهاب قال: كنا عند أبي إسحاق الفزاري فذكر الأوزاعي فقال: ذاك رجل كان شأنه عجبًا، كان يسأل عن الشيء عندنا فيه الأثر فيرد، والله الجواب كما هو في الأثر، لا يقدم منه ولا يؤخر.
عن صدقة بن عبد الله يقول: ما رأيت أحدًا أحلم، ولا أكمل، ولا أحمل فيه حمل من الأوزاعي.
قدم أبو مرحوم من مكة على الأوزاعي فأهدى له طرائف، فقال له: إن شئت قبلت منك، ولم تسمع مني حرفًا، وإن شئت فضم هديتك، واسمع.
ولي الأوزاعي القضاء ليزيد بن الوليد، فجلس مجلسًا، ثم استعفى، فأعفي.
▪️من أقواله:
(كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته).
(عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم).
قال بقية بن الوليد: قال لي الأوزاعي: (يا بقية لا تذكر أحدًا من أصحاب نبيك إلا بخير. يا بقية العلم ما جاء عن أصحاب محمد -صلى الله عليه، وسلم-، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم).
(لا يجتمع حب علي وعثمان -رضي الله عنهما-إلا في قلب مؤمن).
(من أخذ بنوادر العلماء، خرج من الإسلام).
(ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب الورع).
(إن المؤمن يقول قليلًا، ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يتكلم كثيرًا، ويعمل قليلًا).
(كان يقال: ويل للمتفقهين لغير العبادة، والمستحلين الحرمات بالشبهات).
(إذا أراد الله بقوم شرًا، فتح عليهم الجدل، ومنعهم العمل).
(لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء، فإن فعل فقد خانهم).
عن محمد بن الأوزاعي قال: قال لي أبي: (يا بني! لو كنا نقبل من الناس كل ما يعرضون علينا لأوشك أن نهون عليهم).
(من أطال قيام الليل هون الله عليه وقوف يوم القيامة).
(من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن عرف أن منطقه من عمله قل كلامه).
وعظ الأوزاعي فقال في موعظته:
أيها الناس! تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، فإنكم في دارٍ الثواء فيها قليل، وأنتم مرتحلون وخلائف بعد القرون الذين استقالوا من الدنيا زهرتها، كانوا أطول منكم أعمارًا، وأجد أجسامًا، وأعظم آثارًا، فجددوا الجبال، وجابوا الصخور، ونقبوا في البلاد مؤيدين ببطش شديد، وأجسام كالعماد، فما لبثت الأيام والليالي أن طوت مدتهم، وعفت آثارهم، وأخوت منازلهم، وأنست ذكرهم: {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} [مريم: 98]
BY سِيَر أعلام النُّبلاء
Share with your friend now:
tgoop.com/Seiar_Al_Nubala/474