tgoop.com/ShamaeloftheProphet/1510
Last Update:
لما تجلى لنفوس أهل البصائر عظمة النبي صلى الله عليه وسلم، ووقرت في قلوبهم هيبته وجلاله، صرفوا وجوه مراداتهم إليه، وعكفوا على محبته واتباعه، فتبددت عنهم غياهب الحيرة، وارتقوا منازل اليقين.
فإذا الإيمان به ليس محض اعتقادٍ يتراءى في الأذهان، بل هو روح تسرّب إلى الأعماق، فيلطفها وينقيها، ويضيء ظلمتها بنور الهداية. ومن ذلك النور تخرج النفس من ظلمات الجهل إلى ميادين العلم، وتعرج في مدارج الإحسان، حتى تبلغ مقامات العارفين، حيث لا مراد إلا رضاه، ولا غاية إلا اتباع هداه.
فترى العبد إذا أقبل على استمداد النور منه صلى الله عليه وسلم، انكشفت له الحجب، فتشابهت مراتب الدنيا عليه، ولم يلتفت إلى زخرفها ولا مباهجها، بل أصبح كل مطلوب له هو ذكره، وكل مقصود هو الصلاة عليه، إذ فيهما تُفتح أبواب الخيرات، وتتفاضل الرتب، وتُنال السعادة الأبدية.
ولما كانت النفوس على اختلافٍ في قبولها وتهيئها، تفاوت أهل الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم في منازلهم. فمنهم من وقف على ظاهر الاتباع، ومنهم من غاص في أسرار المحبة، ومنهم من فُتح له باب الإحسان، فأصبح يرى النبي صلى الله عليه وسلم قائدًا وسراجًا ينير له دروب السير إلى الله، فلا يخطو خطوة إلا على أثره، ولا ينطق كلمة إلا وفق هديه، وكأنما أضحى قلبه مرآة صافية تعكس أنوار المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فمن بلغ هذه الدرجة، كان حقيقًا أن يستغني عن الدنيا بما فيها، إذ صارت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم له كنزًا لا ينفد، وشجرة وارفة الظلال تُظلّه من لهيب الفتن، وتؤويه في دار السلام.
..
BY شِيَمُ النَّبيِّ ﷺ
Share with your friend now:
tgoop.com/ShamaeloftheProphet/1510