SHEIKHFATHIALMOUSLI Telegram 922
#الفائدة :(713)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

أخلاق الكبار بعد الهزيمة العسكرية كما بيّنها القرآن

أدقّ مرحلة تمر بها الأمة هي مرحلة ما بعد الهزيمة العسكرية والإنكسارات النفسية … فهذه مرحلة مهمة وخطيرة تُكشف فيها معادن الرجال، وتُمتحن بها القيم والأخلاق، ويُختبر بها أصحاب الدين والمروءات .

ولقد بيّن القرآن الاخلاق الكاملة والصفات الجامعة للمؤمنين بعد وقوع الهزائم العسكرية والإنكسارات النفسية في معركة أحد ، وهي المعركة التي خالف فيها نفرٌ من المسلمين أوامر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تسببت هذا المخالفة بضرر كبير وخطب عسير على الإسلام والمسلمين .

وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وذهبت كل طائفة تداوي جراحها ، وذهب المسلمون يدفنون بأيديهم أكابر الصحابة رضي الله عنه وقد بلغت القلوب الحناجر في مشهد عظيم ، ترى أن الذين كانوا سببا في الهزيمة ينظرون ويترقبون كيف سيعاملهم النبي صلى الله عليه وسلم على صنيعهم ؟! .

وفي هذا الموضع العظيم وفي هذا الحدث الكبير نزل القرآن في بيان فقه المناصحة والمعالجة لا أسلوب الغلظة والمعاقبة ؛ فقال تعالى في سورة آل عمران : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } .

وهنا حقائق مهمة - في الآية - في مجال الأخلاق القرآنية بعد الهزيمة العسكرية ، وهي :

الحقيقة الأولى:
أن أسلوب اللين بمعناه الشرعي هو أكمل وسيلة وفضيلة لمعاجلة الأخطاء والتعامل مع الهفوات والزلات …
واللين الشرعي : هو الذي يكون بلا ضعف ولا مجاملة ولا مبالغة ؛ فهو لين الهدف منه تصحيح الأفكار ، والوعي في التعامل مع الأحداث ، والإعانة على القيام بمصالح الدين والدنيا ؛ لهذا قال صاحب التحرير والتنوير في تفسير الآية : ( فكان لينه [ صلى الله عليه وسلم ] رحمةً من الله بالأمة في تنفيذ شريعته بدون تساهل وبرفق وإعانة على تحصيلها ) .

فاللين في معناه الشرعي هو أسلوب من أساليب المعاجلة التربوية النفسية ؛ فلا يلزم من اللين في الشرع الضعف ؛ بل هو عنوان الحكمة والقوة والرفق .

الحقيقة الثانية
: الأمة بعد الهزيمة العسكرية لا تنتفع في هدايتها واجتماع كلمتها وترميم حصونها وتضميد جراحها إلا من أصحاب القلوب الصافية الرقيقة الرحيمة كما وصفها ابن القيم صاحبها : ( فيرى الحق والهدى بصفائه ، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة برقته ) ؛ أما أصحاب القلوب الحجرية القاسية أو أصحاب القلوب المائية الضعيفة ؛ فهؤلاء لا يصلحون لا للتربية ولا للتنقية ولا يكون دورهم نافعا في معالجة النوازل والفتن الواقعة ؛ لهذا بيّن القرآن هذا المعنى : { وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } .
فحري بصاحب القلب الحجري بعد الهزيمة العسكرية أن يصمت ، مثلما حري بصاحب القلب المائي أن يكف عن التنظير .

الحقيقة الثالثة:
وهي جبر الخواطر بأهل المصيبة ومن كان سبباً في الهزيمة العسكرية والإنكسارات النفسية جبراً لا يفضي إلى كسر معالم الهدى ولا إلى رفع منار الضلالة ، وقد بيّنه القرآن بياناً شافياً : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } …. يقول العلامة ابن سعدي في تفسير الآية : ( أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من تقصير في حقه صلى الله عليه وسلم ، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله ، فيجمع بين العفو والإحسان ) .

الحقيقة الرابعة
: الاهتداء بالحق والهدى حتى يتحول النزاع إلى اجتماع … لهذا تحول الخلاف في معركة أحد إلى اجتماع … وربما تحول الاجتماع في زماننا إلى خلاف !! .

والحقيقة الخامسة
: وهي تحويل الهزيمة إلى نصر … وكان المنطلق لهذا التغيير والتحويل هو اعتماد أسلوب المشاورة والمناصحة في بحث قضايا الامة بلا مكابرات حزبية ولا مهاترات منفعية ومن غير مزايدات سياسية ؛ لهذا ختمت الآية : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمر } .

ثم يأتي السبب الشرعي الأكبر والأعظم ، وهو الاعتماد على الله تعالى والتوكل عليه : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } .

فالامة - اليوم - بعد هذه الانكسارات والتحديات تحتاج إلى اللين لتعالج به أزماتها ، وتحتاج إلى أصحاب القلوب الصافية الرقيقة لتصحيح واقعها ، وتحتاج إلى جبر الخواطر لتداوي جراحها ، وتحتاج إلى الاجتماع على قدواتها لتدفع عدوها ، وتحتاج إلى توظيف الهزيمة لصالحها حتى تكون منطلقا إلى النصر والتمكين .
والله من وراء القصد .

👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tgoop.com/Sheikhfathialmousli



tgoop.com/Sheikhfathialmousli/922
Create:
Last Update:

#الفائدة :(713)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

أخلاق الكبار بعد الهزيمة العسكرية كما بيّنها القرآن

أدقّ مرحلة تمر بها الأمة هي مرحلة ما بعد الهزيمة العسكرية والإنكسارات النفسية … فهذه مرحلة مهمة وخطيرة تُكشف فيها معادن الرجال، وتُمتحن بها القيم والأخلاق، ويُختبر بها أصحاب الدين والمروءات .

ولقد بيّن القرآن الاخلاق الكاملة والصفات الجامعة للمؤمنين بعد وقوع الهزائم العسكرية والإنكسارات النفسية في معركة أحد ، وهي المعركة التي خالف فيها نفرٌ من المسلمين أوامر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تسببت هذا المخالفة بضرر كبير وخطب عسير على الإسلام والمسلمين .

وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وذهبت كل طائفة تداوي جراحها ، وذهب المسلمون يدفنون بأيديهم أكابر الصحابة رضي الله عنه وقد بلغت القلوب الحناجر في مشهد عظيم ، ترى أن الذين كانوا سببا في الهزيمة ينظرون ويترقبون كيف سيعاملهم النبي صلى الله عليه وسلم على صنيعهم ؟! .

وفي هذا الموضع العظيم وفي هذا الحدث الكبير نزل القرآن في بيان فقه المناصحة والمعالجة لا أسلوب الغلظة والمعاقبة ؛ فقال تعالى في سورة آل عمران : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } .

وهنا حقائق مهمة - في الآية - في مجال الأخلاق القرآنية بعد الهزيمة العسكرية ، وهي :

الحقيقة الأولى:
أن أسلوب اللين بمعناه الشرعي هو أكمل وسيلة وفضيلة لمعاجلة الأخطاء والتعامل مع الهفوات والزلات …
واللين الشرعي : هو الذي يكون بلا ضعف ولا مجاملة ولا مبالغة ؛ فهو لين الهدف منه تصحيح الأفكار ، والوعي في التعامل مع الأحداث ، والإعانة على القيام بمصالح الدين والدنيا ؛ لهذا قال صاحب التحرير والتنوير في تفسير الآية : ( فكان لينه [ صلى الله عليه وسلم ] رحمةً من الله بالأمة في تنفيذ شريعته بدون تساهل وبرفق وإعانة على تحصيلها ) .

فاللين في معناه الشرعي هو أسلوب من أساليب المعاجلة التربوية النفسية ؛ فلا يلزم من اللين في الشرع الضعف ؛ بل هو عنوان الحكمة والقوة والرفق .

الحقيقة الثانية
: الأمة بعد الهزيمة العسكرية لا تنتفع في هدايتها واجتماع كلمتها وترميم حصونها وتضميد جراحها إلا من أصحاب القلوب الصافية الرقيقة الرحيمة كما وصفها ابن القيم صاحبها : ( فيرى الحق والهدى بصفائه ، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة برقته ) ؛ أما أصحاب القلوب الحجرية القاسية أو أصحاب القلوب المائية الضعيفة ؛ فهؤلاء لا يصلحون لا للتربية ولا للتنقية ولا يكون دورهم نافعا في معالجة النوازل والفتن الواقعة ؛ لهذا بيّن القرآن هذا المعنى : { وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } .
فحري بصاحب القلب الحجري بعد الهزيمة العسكرية أن يصمت ، مثلما حري بصاحب القلب المائي أن يكف عن التنظير .

الحقيقة الثالثة:
وهي جبر الخواطر بأهل المصيبة ومن كان سبباً في الهزيمة العسكرية والإنكسارات النفسية جبراً لا يفضي إلى كسر معالم الهدى ولا إلى رفع منار الضلالة ، وقد بيّنه القرآن بياناً شافياً : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } …. يقول العلامة ابن سعدي في تفسير الآية : ( أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من تقصير في حقه صلى الله عليه وسلم ، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله ، فيجمع بين العفو والإحسان ) .

الحقيقة الرابعة
: الاهتداء بالحق والهدى حتى يتحول النزاع إلى اجتماع … لهذا تحول الخلاف في معركة أحد إلى اجتماع … وربما تحول الاجتماع في زماننا إلى خلاف !! .

والحقيقة الخامسة
: وهي تحويل الهزيمة إلى نصر … وكان المنطلق لهذا التغيير والتحويل هو اعتماد أسلوب المشاورة والمناصحة في بحث قضايا الامة بلا مكابرات حزبية ولا مهاترات منفعية ومن غير مزايدات سياسية ؛ لهذا ختمت الآية : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمر } .

ثم يأتي السبب الشرعي الأكبر والأعظم ، وهو الاعتماد على الله تعالى والتوكل عليه : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } .

فالامة - اليوم - بعد هذه الانكسارات والتحديات تحتاج إلى اللين لتعالج به أزماتها ، وتحتاج إلى أصحاب القلوب الصافية الرقيقة لتصحيح واقعها ، وتحتاج إلى جبر الخواطر لتداوي جراحها ، وتحتاج إلى الاجتماع على قدواتها لتدفع عدوها ، وتحتاج إلى توظيف الهزيمة لصالحها حتى تكون منطلقا إلى النصر والتمكين .
والله من وراء القصد .

👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tgoop.com/Sheikhfathialmousli

BY قناة فوائد الشيخ فتحي الموصلي




Share with your friend now:
tgoop.com/Sheikhfathialmousli/922

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) Other crimes that the SUCK Channel incited under Ng’s watch included using corrosive chemicals to make explosives and causing grievous bodily harm with intent. The court also found Ng responsible for calling on people to assist protesters who clashed violently with police at several universities in November 2019. Hashtags Add the logo from your device. Adjust the visible area of your image. Congratulations! Now your Telegram channel has a face Click “Save”.! 1What is Telegram Channels?
from us


Telegram قناة فوائد الشيخ فتحي الموصلي
FROM American