SHEIKHFATHIALMOUSLI Telegram 924
#الفائدة :(714)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

كيف ينتقل الداعية من مرحلة التأصيل والتنظير إلى مرحلة التنزيل والتطبيق

قد يتصف كثير من الدعاة بالحكمة العلميّة ؛ فيكلم -تنظيراً أو تفصيلاً - بالكلام النافع واللفظ الجامع ؛ لكن عندما يتعامل مع الواقع لا يوفق إلى القول الصائب أو الحكم الراجح ؛ لعدم اتصافه بالحكمة العملية ؛ فالكلام في المفاهيم والتصورات شيء ، والكلام في الواقع والجزئيات شيء آخر …

وهذا النوع من الدعاة موفق في التنظير والتأصيل لا في التنزيل والتطبيق ؛ فلا يلزم من القدرة على التنظير وجود ملكة في التطبيق ؛ كما لا يلزم من الكلام في الواقع أن يكون المتكلم مؤصلاً في فهم الواجب ؛ فقد يجتمعان وقد يفترفان ، واجتماعها صفة كمال وشرط في بعض الأحوال ؛ كما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) ؛ فجمع له التأصيل والتنزيل معاً .

ولنضرب مثالاً للتوضيح والتبيين:
في التعامل مع الواقع المعاصر عند وقوع الحوادث والنوازل والاختلاف والتنازع : نرى تنظيرا عاماً أو أحكاماً مطلقة إما بالحث على الفعل أو بالحث على الترك ؛ بمعنى : إما أيقال : بوجوب الحرص على اجتماع الكلمة وتوحيد الصفوف وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع ، أو بالقول بوجوب الصدع بالحق وعدم التأخير في بيان الحقيقة وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع .
وكل قائل بأحد الأصلين له حظ من الحكمة في مجالها العلمي التنظيري لا في مجالها العملي التطبيقي .
ولهذا يتحول التنظير والجدل فيه إلى تنازع واختلاف بسبب غياب الحكمة العملية التي هي عنوان ( فقه التنزيل ).
ولعل سائلا يسأل -وهو في رغبة وتشوف الى النتيجة - : أين صورة التنزيل في هذا المثال ؟

والجواب : أن يقال :

إن الطريقة العملية التي بينها القرآن في التعامل مع الحوادث والوقائع عند الاشتباه أو عند التحصين والبناء هي النظر إلى الأصلحيّة والمناسبة ؛ بمعنى نفعل في كل وقت ومع كل واقعة وحدث الأصلح في ذلك الوقت أو الأنسب في كل واقعة أو حادثة ؛ فيفعل فيها بحسب المقامات ، وهي ثلاثة :

الأول:
بيان الحق والأمر بالواجب والنهي عن المنكر إذا كان هدا هو الأصلح وكان الفاعل مستطيعا ويترتب على فعله مصلحة راجحة ….
الثاني:
وهو المهم والدقيق : ويطبق عندما لا يكون بالضرورة المصلحة في بيان الحق وإنما المصلحة في منع الاختلاف على الحق والسعي في الصلح بين المتخاصمين ؛ إذ قد تكون مفسدة إزالة الفُرقة راجحة على مصلحة تحرير الحق وبيانه؛ لجواز تأخير بيان هذا النوع من الحق .
فليس بالضرورة في كل وقت ومع كل حادثة أو قضية أن يأمر الداعية بالحق وأنما قد تكون مهمته ( الإصلاح بين المتنازعين ) .
والثالث:
وعندنا يتعذر عليه الآمرين السابقين ، أو أن المصلحة تكون في الترك والسكوت لا في الأمر ولا في المبادرة إلى الإصلاح ؛ فيطالب العبد حينئذٍ بالسكوت أو بالترغيب العام بالخير والتحذير العام من الشر ويجتهد في تأليف قلوب الناس على ذلك ؛ فيكون سكوته وسعيه في الترغيب والترهيب وتأليف قلوب الناس على الخير صدقة يتصدق بها الإنسان على نفسه ؛ لأن مفهوم الصدقة عام شامل لكل خير ولو كان في سعي العبد في كفّ شر نفسه بالسكوت عن الغير ؛ كما جاء في الحديث : ( قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عن بَعْضِ العَمَلِ؟ قالَ: تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فإنَّها صَدَقَةٌ مِنْكَ علَى نَفْسِكَ ) .

إذن الحكمة العملية أن تصدع بالحق وتأمر بالمعروف تارةً ، وأن تجتهد في الإصلاح بين المتنازعين تارةً ثانية ، وأن تلتزم السكوت وعدم الخوض والتقليل من الشر فتكون لك صدقة تارةً ثالثة ؛ كما قال تعالى : { لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } .
ومن هذا البيان والتأصيل يظهر لنا أمرين :
الأول:
الأمة تحتاج إلى التأصيل الدقيق والتنزيل الحكيم .
والأمر الثاني:
أن الانتقال من الحكمة العلمية إلى الحكمة العملية ، ومن التنظير إلى التطبيق ، ومن التأصيل إلى التنزيل متوقف على التدبر الدقيق لكتاب الله تعالى والاهتداء بمعانيه ومقاصده وكلياته .


👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tgoop.com/Sheikhfathialmousli



tgoop.com/Sheikhfathialmousli/924
Create:
Last Update:

#الفائدة :(714)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

كيف ينتقل الداعية من مرحلة التأصيل والتنظير إلى مرحلة التنزيل والتطبيق

قد يتصف كثير من الدعاة بالحكمة العلميّة ؛ فيكلم -تنظيراً أو تفصيلاً - بالكلام النافع واللفظ الجامع ؛ لكن عندما يتعامل مع الواقع لا يوفق إلى القول الصائب أو الحكم الراجح ؛ لعدم اتصافه بالحكمة العملية ؛ فالكلام في المفاهيم والتصورات شيء ، والكلام في الواقع والجزئيات شيء آخر …

وهذا النوع من الدعاة موفق في التنظير والتأصيل لا في التنزيل والتطبيق ؛ فلا يلزم من القدرة على التنظير وجود ملكة في التطبيق ؛ كما لا يلزم من الكلام في الواقع أن يكون المتكلم مؤصلاً في فهم الواجب ؛ فقد يجتمعان وقد يفترفان ، واجتماعها صفة كمال وشرط في بعض الأحوال ؛ كما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) ؛ فجمع له التأصيل والتنزيل معاً .

ولنضرب مثالاً للتوضيح والتبيين:
في التعامل مع الواقع المعاصر عند وقوع الحوادث والنوازل والاختلاف والتنازع : نرى تنظيرا عاماً أو أحكاماً مطلقة إما بالحث على الفعل أو بالحث على الترك ؛ بمعنى : إما أيقال : بوجوب الحرص على اجتماع الكلمة وتوحيد الصفوف وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع ، أو بالقول بوجوب الصدع بالحق وعدم التأخير في بيان الحقيقة وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع .
وكل قائل بأحد الأصلين له حظ من الحكمة في مجالها العلمي التنظيري لا في مجالها العملي التطبيقي .
ولهذا يتحول التنظير والجدل فيه إلى تنازع واختلاف بسبب غياب الحكمة العملية التي هي عنوان ( فقه التنزيل ).
ولعل سائلا يسأل -وهو في رغبة وتشوف الى النتيجة - : أين صورة التنزيل في هذا المثال ؟

والجواب : أن يقال :

إن الطريقة العملية التي بينها القرآن في التعامل مع الحوادث والوقائع عند الاشتباه أو عند التحصين والبناء هي النظر إلى الأصلحيّة والمناسبة ؛ بمعنى نفعل في كل وقت ومع كل واقعة وحدث الأصلح في ذلك الوقت أو الأنسب في كل واقعة أو حادثة ؛ فيفعل فيها بحسب المقامات ، وهي ثلاثة :

الأول:
بيان الحق والأمر بالواجب والنهي عن المنكر إذا كان هدا هو الأصلح وكان الفاعل مستطيعا ويترتب على فعله مصلحة راجحة ….
الثاني:
وهو المهم والدقيق : ويطبق عندما لا يكون بالضرورة المصلحة في بيان الحق وإنما المصلحة في منع الاختلاف على الحق والسعي في الصلح بين المتخاصمين ؛ إذ قد تكون مفسدة إزالة الفُرقة راجحة على مصلحة تحرير الحق وبيانه؛ لجواز تأخير بيان هذا النوع من الحق .
فليس بالضرورة في كل وقت ومع كل حادثة أو قضية أن يأمر الداعية بالحق وأنما قد تكون مهمته ( الإصلاح بين المتنازعين ) .
والثالث:
وعندنا يتعذر عليه الآمرين السابقين ، أو أن المصلحة تكون في الترك والسكوت لا في الأمر ولا في المبادرة إلى الإصلاح ؛ فيطالب العبد حينئذٍ بالسكوت أو بالترغيب العام بالخير والتحذير العام من الشر ويجتهد في تأليف قلوب الناس على ذلك ؛ فيكون سكوته وسعيه في الترغيب والترهيب وتأليف قلوب الناس على الخير صدقة يتصدق بها الإنسان على نفسه ؛ لأن مفهوم الصدقة عام شامل لكل خير ولو كان في سعي العبد في كفّ شر نفسه بالسكوت عن الغير ؛ كما جاء في الحديث : ( قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عن بَعْضِ العَمَلِ؟ قالَ: تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فإنَّها صَدَقَةٌ مِنْكَ علَى نَفْسِكَ ) .

إذن الحكمة العملية أن تصدع بالحق وتأمر بالمعروف تارةً ، وأن تجتهد في الإصلاح بين المتنازعين تارةً ثانية ، وأن تلتزم السكوت وعدم الخوض والتقليل من الشر فتكون لك صدقة تارةً ثالثة ؛ كما قال تعالى : { لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } .
ومن هذا البيان والتأصيل يظهر لنا أمرين :
الأول:
الأمة تحتاج إلى التأصيل الدقيق والتنزيل الحكيم .
والأمر الثاني:
أن الانتقال من الحكمة العلمية إلى الحكمة العملية ، ومن التنظير إلى التطبيق ، ومن التأصيل إلى التنزيل متوقف على التدبر الدقيق لكتاب الله تعالى والاهتداء بمعانيه ومقاصده وكلياته .


👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://www.tgoop.com/Sheikhfathialmousli

BY قناة فوائد الشيخ فتحي الموصلي




Share with your friend now:
tgoop.com/Sheikhfathialmousli/924

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

End-to-end encryption is an important feature in messaging, as it's the first step in protecting users from surveillance. Matt Hussey, editorial director of NEAR Protocol (and former editor-in-chief of Decrypt) responded to the news of the Telegram group with “#meIRL.” Channel login must contain 5-32 characters During a meeting with the president of the Supreme Electoral Court (TSE) on June 6, Telegram's Vice President Ilya Perekopsky announced the initiatives. According to the executive, Brazil is the first country in the world where Telegram is introducing the features, which could be expanded to other countries facing threats to democracy through the dissemination of false content. So far, more than a dozen different members have contributed to the group, posting voice notes of themselves screaming, yelling, groaning, and wailing in various pitches and rhythms.
from us


Telegram قناة فوائد الشيخ فتحي الموصلي
FROM American