tgoop.com/T_alhodhod/15733
Last Update:
أمي امرأة عظيمة، لم تتعلّم حرفًا في حياتها،
لكنّي فخور بها وبما فعلته من أجلي.
هي السبب الأكبر في رحلتي نحو تحقيق ذاتي.
أتذكر نفسي ذات يوم، شارد الذهن، تائه كأي شاب يتخرّج من الثانوية ويحاول أن يحدّد مصيره.
كنت أفكّر في مستقبلي، وأمامي ثلاث خيارات:
إما أن ألتحق بالجامعة مثل بعض زملائي المتفوّقين في المدرسة، الذين اختاروا هذا الطريق، لكن ظروفي المادية كانت عائقًا أمامي، ولم أكن في وضع يسمح لي بذلك.
أو أن أعمل في ورشة كالكثيرين من أبناء قريتي، وأقتنع بأن الدراسة "لا تُؤكل خبزًا" كما يقال.
أو أن أتوجّه إلى المعسكر وأتجنّد، كما فعل بعض شباب القرية الذين بدأت أحوالهم تتحسّن بفضل الرواتب التي يتقاضونها.
أما أنا، فكان حلمي وطموحي هو أن أتعلّم وأدرس.
وأمي كانت أكثر من يعرف ذلك.
لكن الوضع بدا شبه مستحيل.
وفي لحظة ضعف، أخبرتُ أمي بأنني سأذهب إلى المعسكر،
وتساقطت الدموع من عينيّ.
عندما رأتني أمي على ذلك الحال، انهمرت دموعها هي الأخرى أيضاً.
ثم قالت لي بعطف وحزم: "ادرس، خذ راتب أبيك وادرس."
كان راتب أبي بسيطًا، لا يتجاوز 20 ألفًا، بالكاد يكفي لسدّ بعض حاجات البيت الأساسية.
فقلتُ: "لا، لا أستطيع أن آخذ راتبه."
لكنها أصرّت وقالت: "خذ المال ولا تتردّد، إخوتك سيساعدونني في المصاريف. وإذا احتجت شيئًا، لن يقصّروا معك."
كانت تلك الكلمات أكبر حافز في حياتي.
بدأت الدراسة في الجامعة، واجتهدت بكل ما لديّ من قوة.
راتب أبي البسيط كان حافزي الأول،
مع أنّه لم يكن يكفي لشيء.
لكنّ إخوتي لم يقصّروا معي أبدًا، فدعموني كلما احتجت،
وعملتُ أيضًا حتى أكملتُ تلك المرحلة بجدارة قاهرًا الظروف الصعبة.
واليوم، وأنا في بداية تحقيق طموحي،
فالفضل كل الفضل بعد الله يعود لأمي.
لذلك، أقول لها: شكرًا يا أعظم أم في الدنيا.
وشكرًا لكل أم تؤمن بأبنائها وتدعمهم ليكونوا أنفسهم، لا نسخًا من الآخرين.
- عبدالودود الهدهد
BY • هُدنة | عبدالودود الهُدهُد
Share with your friend now:
tgoop.com/T_alhodhod/15733