tgoop.com/T_alhodhod/15738
Last Update:
تسألني: "النَّاس تقذفني وأنا بريء فكيف أُبَرِّر؟"
فأجيبك: "البريء لا يُبَرِّر، فالتبرير في مثل هذه الأمور لا يُغَيِّر شيئًا."
ثم إن هؤلاء الذين يقذفونك اليوم، هناك أنفسهم من اتَّهَمُوا أطهرَ الناس وأعفَّهم بالإمس، وما أشبه اليوم بالأمس.
خُذْ مثلاً:
- السيدة مريم عليها السلام: اُتُهمَتْ بالفاحشة، لكنها التزمت الصمت بأمر الله، حتى أنطق الله سيدنا عيسى عليه السلام ليُبَرِّئَها.
- السيدة عائشة رضي الله عنها: اُتُهمَتْ في حادثة الإفك، فلم تُبَرِّر، حتى أنزل الله بَراءَتها في كتابه الكريم.
- سيدنا يوسف عليه السلام: اُتُهم ظلمًا، ولم يُبَرِّر، حتى أنطق الله غُلامًا في المهد ليشهد ببَراءته.
ولو أن هؤلاء الأطهارَ بَرَّروا لأنفسهم، ما نفعهم ذلك؛ فالله كفيلٌ بالحق!
لكن!
رغم تبرئة الله لهم، لم تهدأ أقوالُ الناس:
- يوسفُ عاد إلى السجن بذات التهمة.
- وعائشةُ، رغم أن الله برَّأها في كتابه، ما زالَ بعضُ الأفَّاكين يطعنون في عِرْضِها حتى اليوم.
- وحتى مريم عليها السلام: لم تَسْلَمْ من افتراءاتهم، فلا يزال بعضهم يدَّعي باطلًا أن لها علاقة بجبريل عليه السلام! مُسْتَدِلِّينَ بتأويلات مُحَرَّفة لقول الله تعالى:
{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا... لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} (مريم: 17–19).
ويُفَسِّرون "رُوحَنَا" بأنه جبريل ويريد منها أمر سوء – حاشا لله – ثم يَجْعَلون من هذا المَلَكِ الكريم وسيلةً للافتراءات الفاجرة!
فإذا كان الأنبياء والصالحون – وهم أقرب الخلق إلى الله – لم يَسْلَموا من ألسنة الناس، فماذا تتوقع أنت؟!
لكن احْذَر:
ليس الصمت عن كل اتهام حكمةً، ولا عدم الرد على كل افتراء ضعفًا.
فإن كان الكلام نُصْرَةً للحق ودفعًا للظلم، فهو واجب.
أما إن كان مجرد مجاراة للغو والجدل العقيم، فالإعراض عنه أولى، كما قال الله تعالى:
{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (المؤمنون: 3).
فلا تجعل وقتك طعمةً لكل افتراء، ولا تنشغل بردّ كل شائعة، فالحقيقة لا تُطمس، وإن صمتت الألسن نطق الواقع، وإن غاب الإنصاف شهد الله، وهو أصدق الشاهدين.
{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
- عبدالودود الهُدهُد
BY • هُدنة | عبدالودود الهُدهُد
Share with your friend now:
tgoop.com/T_alhodhod/15738