tgoop.com/aaea12/24289
Last Update:
«فمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وعصى مع ذلك، فوالله لا ضاع له ما أسلف من خير ولا ضاع عنده ما أسلف من شر، وليوضعن كل ما عمله يوم القيامة في ميزان يرجحه مثقال ذرة، ثم ليجازين بأيهما غلب. هذا وعد الله الذي لا يخلف الميعاد.
فأمر تعالى من نفر ليتفقه في الدين بان ينذر قومه، ولم ينهه عن ذلك إن عصى، بل أطلق الأمر عاماً، وقال تعالى: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه}، فمن رام أن يصد عن هذه السبيل بالاعتراض الذي قدمنا، فهو فاسق صاد عن سبيل الله، داعية من دواعي النار، ناطق بلسان الشيطان، عون لإبليس على ما يحب، إذ لا ينهى عن باطل ولا يأمر بالمعروف ولا يعمل خيراً. وقد بلغنا عن مالك انه سئل عن مسألة فأجاب فيها، فقال له قائل: يا أبا عبد الله، وأنت لا تفعل ذلك، فقال: يا ابن أخي ليس في الشر قدرة.
فخذوا حذركم من إبليس وأتباعه في هذا الباب، ولا تدعوا الأمر بالمعروف وإن قصرتم في بعضه، ولا تدعوا النهي عن منكر وإن كنتم تواقعون بعضه، وعلموا الخير وإن كنتم لا تأتونه كله، واعترفوا بينكم وبين ربكم بما تعلمونه بخلاف ما تعلمونه، واستغفروا الله تعالى منه دون أن تعلنوا بذكر فاحشة وقعت منكم، فإن الإعلان بذلك من الكبائر؛ فلعل أحدنا يستحي من ربه تعالى إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وهو يعلم من نفسه خلاف ما يقول يكون ذلك سبب إقلاعه ومقته لنفسه، ولعل الاعتراف الله تعالى والاستغفار المردد له يوازي ما يقصر فيه، فيحط عنا تعالى ربنا ذو الجلال».
ابن حزم
BY قناة | عمرو الحداد
Share with your friend now:
tgoop.com/aaea12/24289