AALMAKKI Telegram 9975
🔊 خَطَأُ ابنُ خُلدُونٍ فِي اعتِقَادهِ أنَّ الإنْسَانَ أَصلُهُ قِردٌ! وَكَلاَمُ بَعضِ الأَئمَّةِ فِي أنَّ البَّربَرَ - الأَمَازِيغَ - عَرَبٌ أَقْحَاحٌ

الحمدُ لله ، ﻭﺍﻟﺼَّﻼ‌ﺓُ ﻭﺍﻟﺴَّﻼ‌ﻡُ ﻋﻠﻰ ﺭﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠﻪِ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟِﻪِ ﻭﺻَﺤﺒِﻪِ ﺃجمعين ، ومَن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ .

- أﻣَّﺎ بَعْدُ -

لا يخفى على من عَرَفَ شيئاً من التاريخ  أنَّ مَنْ يسمَّونهم بالبربر والأمازيغ  ... إلخ ، في الحقيقة هم عَرَبٌ أقحَاحٌ من حِمْيَرِ اليمن ، أَتَوا من اليمن بعد انهيار سَدِّ مأربٍ ، وهذا ما رَجَّحَهُ جماعةٌ من العُلماء ، وهو قول شيخنا ربيعٌ - حَفِظهُ اللهُ - وقد أخطأ ابن خُلدونٍ في دعواه أنهم جنس غير جنس العرب ، ولا ننسى حرص المحتل الفرنسي الصليبي عند احتلاله لبعض دول الشمال الأفريقي على زرع هذا التفريق الخبيث ، وإِذكاءِ العداوة والبغضاء بين الأمازيغ وغيرهم من إخوانهم ، ومن نعم الله علي أن وفَّقني أيام كنت في السجن ، للوقوف على كلام بعض الأئمة في هذا الشأن ، وترجَّح عندي أنه الصواب ، وأنَّ ابن خلدون - عفا اللهُ عنه - أخطأ فيما ذهب إليه من أنهم جنسٌ غير جنس العرب ، ولم يكن هذا خطؤه فقط ، بل عنده حتى أخطاء عقديَّةٌ أخرى منها : إنكارهُ لآحاديث المهدي وطعنه وتهكمه ، بأئمة الحديث الذين رووا هذه الآحاديث! هذا فضلاً عن الأخطاء التاريخية ؛ ومن باب الفائدة التي حقَّها أن تكتب بماء الأحداق بل بماء السلسبيل ، وَأُنَبِّهُ عليها إخواني لأهميتها ، هي أنَّ ابن خلدون أوَّل من قَرَّرَ عقيدةَ : (أنَّ الإنسان أصلُهُ قِردٌ!) ، كما في مقدِّمتهِ المشهورة ، وليس هو داروين اليهودي كما اشتُهِر عنه ، واللهُ أعلمُ ، فابنُ خُلدونٍ سَبقَ داروين بخمسةِ قُرُونٍ تقريباً في كلامه عن تَطَوُّرِ المخلوقات والتي يُسَمُّونَها بِنَظريةِ : (النُّشُوءِ والإرتقَاءِ وتشعُّبها) وهي العلاقة بين الإنسان والقردة! فقد قال في أول فصلٍ من مقدمته المشهورة : ” ... فنقول : اعلم أرشدنا الله وإياك ، أنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على هيئة من الترتيب والإحكام ، وربط الأسباب بالمسببات ، واتصال الأكوان بالأكوان ، واستحالة بعض الموجودات إلى بعض ، لا تنقضي عجائبه في ذلك ولا تنتهي غاياته ، وأبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني ، وأولاً عالم العناصر المشاهدة كيف تدرج صاعداً من الأرض إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار متصلاً بعضها ببعض ، وكل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعداً وهابطاً ، ويستحيل بعض الأوقات ، والصاعد منها ألطف مما قبله إلى أن ينتهي إلى عالم الأفلاك وهو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضهما ببعض على هيئة لا يدرك الحس منها إلا الحركات فقط ، وبها يهتدي بعضهم إلى معرفة مقاديرها وأوضاعها ، وما بعد ذلك من وجود الذوات التي لها هذه الآثار فيها ؛ ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج ، آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش ، وما لا بذر له ، وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ، ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده ، واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه ، وانتهى في تدريج التكوين إلى الانسان صاحب الفكر والروية ، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك ، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل ، وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده ، وهذا غاية شهودنا ؛ ثم إنا نجد في العوالم على اختلافها آثاراً متنوعة : ففي عالم الحس آثار من حركات الأفلاك والعناصر ، وفي عالم التكوين آثار من حركة النمو والإدراك ، تشهد كلها بأن لها مؤثراً مُبايناً للأجسام ، فهو روحاني ويتصل بالمكونات لوجود اتصال هذا العالم في وجودها ، وذلك هو النفس المدركة والمحركة ، ولا بد فوقها من وجود آخر يعطيها الإدراك والحركة ، ويتصل بها أيضاً ، ويكون ذاته إدراكاً صرفاً وتعقلاً محضاً ، وهو عالم الملائكة ، فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للانسلاخ من البشرية الى الملكية لتصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات في لمحة من اللمحات ، وذلك بعد أن تكمل ذاتها الروحانية بالفعل كما نذكره بعد ، ويكون لها اتصال بالأفق الذي بعدها ، شأن الموجودات المرتبة كما قدمناه ، فلها في الاتصال جهتا العلو والسفل : فهي متصلة بالبدن من أسفل منها ومكتسبة به المدارك الحسية التي تستعد بها للحصول على التعقل بالفعل ومتصلة من جهة الأعلى منها بأفق الملائكة ومكتسبة به المدارك العلمية والغيبية ، فإن عالم الحوادث موجود في تعقلاتهم من غير زمان ، وهذا ما قدمناه من الترتيب المحكم في الوجود باتصال ذواته وقواه بعضها ببعض ... “ اﻫـ .

• انظر : (المقدمة له) (٢٠٧/١ - ٢٠٨) تحقيق عبد الله الدرويش الطبعة الاولى سنة ٢٠٠٤ دار يعرب دمشق .



tgoop.com/aalmakki/9975
Create:
Last Update:

🔊 خَطَأُ ابنُ خُلدُونٍ فِي اعتِقَادهِ أنَّ الإنْسَانَ أَصلُهُ قِردٌ! وَكَلاَمُ بَعضِ الأَئمَّةِ فِي أنَّ البَّربَرَ - الأَمَازِيغَ - عَرَبٌ أَقْحَاحٌ

الحمدُ لله ، ﻭﺍﻟﺼَّﻼ‌ﺓُ ﻭﺍﻟﺴَّﻼ‌ﻡُ ﻋﻠﻰ ﺭﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠﻪِ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟِﻪِ ﻭﺻَﺤﺒِﻪِ ﺃجمعين ، ومَن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ .

- أﻣَّﺎ بَعْدُ -

لا يخفى على من عَرَفَ شيئاً من التاريخ  أنَّ مَنْ يسمَّونهم بالبربر والأمازيغ  ... إلخ ، في الحقيقة هم عَرَبٌ أقحَاحٌ من حِمْيَرِ اليمن ، أَتَوا من اليمن بعد انهيار سَدِّ مأربٍ ، وهذا ما رَجَّحَهُ جماعةٌ من العُلماء ، وهو قول شيخنا ربيعٌ - حَفِظهُ اللهُ - وقد أخطأ ابن خُلدونٍ في دعواه أنهم جنس غير جنس العرب ، ولا ننسى حرص المحتل الفرنسي الصليبي عند احتلاله لبعض دول الشمال الأفريقي على زرع هذا التفريق الخبيث ، وإِذكاءِ العداوة والبغضاء بين الأمازيغ وغيرهم من إخوانهم ، ومن نعم الله علي أن وفَّقني أيام كنت في السجن ، للوقوف على كلام بعض الأئمة في هذا الشأن ، وترجَّح عندي أنه الصواب ، وأنَّ ابن خلدون - عفا اللهُ عنه - أخطأ فيما ذهب إليه من أنهم جنسٌ غير جنس العرب ، ولم يكن هذا خطؤه فقط ، بل عنده حتى أخطاء عقديَّةٌ أخرى منها : إنكارهُ لآحاديث المهدي وطعنه وتهكمه ، بأئمة الحديث الذين رووا هذه الآحاديث! هذا فضلاً عن الأخطاء التاريخية ؛ ومن باب الفائدة التي حقَّها أن تكتب بماء الأحداق بل بماء السلسبيل ، وَأُنَبِّهُ عليها إخواني لأهميتها ، هي أنَّ ابن خلدون أوَّل من قَرَّرَ عقيدةَ : (أنَّ الإنسان أصلُهُ قِردٌ!) ، كما في مقدِّمتهِ المشهورة ، وليس هو داروين اليهودي كما اشتُهِر عنه ، واللهُ أعلمُ ، فابنُ خُلدونٍ سَبقَ داروين بخمسةِ قُرُونٍ تقريباً في كلامه عن تَطَوُّرِ المخلوقات والتي يُسَمُّونَها بِنَظريةِ : (النُّشُوءِ والإرتقَاءِ وتشعُّبها) وهي العلاقة بين الإنسان والقردة! فقد قال في أول فصلٍ من مقدمته المشهورة : ” ... فنقول : اعلم أرشدنا الله وإياك ، أنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على هيئة من الترتيب والإحكام ، وربط الأسباب بالمسببات ، واتصال الأكوان بالأكوان ، واستحالة بعض الموجودات إلى بعض ، لا تنقضي عجائبه في ذلك ولا تنتهي غاياته ، وأبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني ، وأولاً عالم العناصر المشاهدة كيف تدرج صاعداً من الأرض إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار متصلاً بعضها ببعض ، وكل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعداً وهابطاً ، ويستحيل بعض الأوقات ، والصاعد منها ألطف مما قبله إلى أن ينتهي إلى عالم الأفلاك وهو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضهما ببعض على هيئة لا يدرك الحس منها إلا الحركات فقط ، وبها يهتدي بعضهم إلى معرفة مقاديرها وأوضاعها ، وما بعد ذلك من وجود الذوات التي لها هذه الآثار فيها ؛ ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج ، آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش ، وما لا بذر له ، وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ، ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده ، واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه ، وانتهى في تدريج التكوين إلى الانسان صاحب الفكر والروية ، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك ، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل ، وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده ، وهذا غاية شهودنا ؛ ثم إنا نجد في العوالم على اختلافها آثاراً متنوعة : ففي عالم الحس آثار من حركات الأفلاك والعناصر ، وفي عالم التكوين آثار من حركة النمو والإدراك ، تشهد كلها بأن لها مؤثراً مُبايناً للأجسام ، فهو روحاني ويتصل بالمكونات لوجود اتصال هذا العالم في وجودها ، وذلك هو النفس المدركة والمحركة ، ولا بد فوقها من وجود آخر يعطيها الإدراك والحركة ، ويتصل بها أيضاً ، ويكون ذاته إدراكاً صرفاً وتعقلاً محضاً ، وهو عالم الملائكة ، فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للانسلاخ من البشرية الى الملكية لتصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات في لمحة من اللمحات ، وذلك بعد أن تكمل ذاتها الروحانية بالفعل كما نذكره بعد ، ويكون لها اتصال بالأفق الذي بعدها ، شأن الموجودات المرتبة كما قدمناه ، فلها في الاتصال جهتا العلو والسفل : فهي متصلة بالبدن من أسفل منها ومكتسبة به المدارك الحسية التي تستعد بها للحصول على التعقل بالفعل ومتصلة من جهة الأعلى منها بأفق الملائكة ومكتسبة به المدارك العلمية والغيبية ، فإن عالم الحوادث موجود في تعقلاتهم من غير زمان ، وهذا ما قدمناه من الترتيب المحكم في الوجود باتصال ذواته وقواه بعضها ببعض ... “ اﻫـ .

• انظر : (المقدمة له) (٢٠٧/١ - ٢٠٨) تحقيق عبد الله الدرويش الطبعة الاولى سنة ٢٠٠٤ دار يعرب دمشق .

BY فَوَاَئِدُ أَبِي عَبْدِ الرَّحمَنِ المَكِّيِّ العِلْمِيَّةِ


Share with your friend now:
tgoop.com/aalmakki/9975

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The channel also called on people to turn out for illegal assemblies and listed the things that participants should bring along with them, showing prior planning was in the works for riots. The messages also incited people to hurl toxic gas bombs at police and MTR stations, he added. Ng was convicted in April for conspiracy to incite a riot, public nuisance, arson, criminal damage, manufacturing of explosives, administering poison and wounding with intent to do grievous bodily harm between October 2019 and June 2020. "Doxxing content is forbidden on Telegram and our moderators routinely remove such content from around the world," said a spokesman for the messaging app, Remi Vaughn. Deputy District Judge Peter Hui sentenced computer technician Ng Man-ho on Thursday, a month after the 27-year-old, who ran a Telegram group called SUCK Channel, was found guilty of seven charges of conspiring to incite others to commit illegal acts during the 2019 extradition bill protests and subsequent months. Hui said the messages, which included urging the disruption of airport operations, were attempts to incite followers to make use of poisonous, corrosive or flammable substances to vandalize police vehicles, and also called on others to make weapons to harm police.
from us


Telegram فَوَاَئِدُ أَبِي عَبْدِ الرَّحمَنِ المَكِّيِّ العِلْمِيَّةِ
FROM American