tgoop.com/aalmakki/9975
Last Update:
🔊 خَطَأُ ابنُ خُلدُونٍ فِي اعتِقَادهِ أنَّ الإنْسَانَ أَصلُهُ قِردٌ! وَكَلاَمُ بَعضِ الأَئمَّةِ فِي أنَّ البَّربَرَ - الأَمَازِيغَ - عَرَبٌ أَقْحَاحٌ ⛔
الحمدُ لله ، ﻭﺍﻟﺼَّﻼﺓُ ﻭﺍﻟﺴَّﻼﻡُ ﻋﻠﻰ ﺭﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠﻪِ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟِﻪِ ﻭﺻَﺤﺒِﻪِ ﺃجمعين ، ومَن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ .
- أﻣَّﺎ بَعْدُ -
لا يخفى على من عَرَفَ شيئاً من التاريخ أنَّ مَنْ يسمَّونهم بالبربر والأمازيغ ... إلخ ، في الحقيقة هم عَرَبٌ أقحَاحٌ من حِمْيَرِ اليمن ، أَتَوا من اليمن بعد انهيار سَدِّ مأربٍ ، وهذا ما رَجَّحَهُ جماعةٌ من العُلماء ، وهو قول شيخنا ربيعٌ - حَفِظهُ اللهُ - وقد أخطأ ابن خُلدونٍ في دعواه أنهم جنس غير جنس العرب ، ولا ننسى حرص المحتل الفرنسي الصليبي عند احتلاله لبعض دول الشمال الأفريقي على زرع هذا التفريق الخبيث ، وإِذكاءِ العداوة والبغضاء بين الأمازيغ وغيرهم من إخوانهم ، ومن نعم الله علي أن وفَّقني أيام كنت في السجن ، للوقوف على كلام بعض الأئمة في هذا الشأن ، وترجَّح عندي أنه الصواب ، وأنَّ ابن خلدون - عفا اللهُ عنه - أخطأ فيما ذهب إليه من أنهم جنسٌ غير جنس العرب ، ولم يكن هذا خطؤه فقط ، بل عنده حتى أخطاء عقديَّةٌ أخرى منها : إنكارهُ لآحاديث المهدي وطعنه وتهكمه ، بأئمة الحديث الذين رووا هذه الآحاديث! هذا فضلاً عن الأخطاء التاريخية ؛ ومن باب الفائدة التي حقَّها أن تكتب بماء الأحداق بل بماء السلسبيل ، وَأُنَبِّهُ عليها إخواني لأهميتها ، هي أنَّ ابن خلدون أوَّل من قَرَّرَ عقيدةَ : (أنَّ الإنسان أصلُهُ قِردٌ!) ، كما في مقدِّمتهِ المشهورة ، وليس هو داروين اليهودي كما اشتُهِر عنه ، واللهُ أعلمُ ، فابنُ خُلدونٍ سَبقَ داروين بخمسةِ قُرُونٍ تقريباً في كلامه عن تَطَوُّرِ المخلوقات والتي يُسَمُّونَها بِنَظريةِ : (النُّشُوءِ والإرتقَاءِ وتشعُّبها) وهي العلاقة بين الإنسان والقردة! فقد قال في أول فصلٍ من مقدمته المشهورة : ” ... فنقول : اعلم أرشدنا الله وإياك ، أنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على هيئة من الترتيب والإحكام ، وربط الأسباب بالمسببات ، واتصال الأكوان بالأكوان ، واستحالة بعض الموجودات إلى بعض ، لا تنقضي عجائبه في ذلك ولا تنتهي غاياته ، وأبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني ، وأولاً عالم العناصر المشاهدة كيف تدرج صاعداً من الأرض إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار متصلاً بعضها ببعض ، وكل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعداً وهابطاً ، ويستحيل بعض الأوقات ، والصاعد منها ألطف مما قبله إلى أن ينتهي إلى عالم الأفلاك وهو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضهما ببعض على هيئة لا يدرك الحس منها إلا الحركات فقط ، وبها يهتدي بعضهم إلى معرفة مقاديرها وأوضاعها ، وما بعد ذلك من وجود الذوات التي لها هذه الآثار فيها ؛ ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج ، آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش ، وما لا بذر له ، وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ، ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده ، واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه ، وانتهى في تدريج التكوين إلى الانسان صاحب الفكر والروية ، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك ، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل ، وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده ، وهذا غاية شهودنا ؛ ثم إنا نجد في العوالم على اختلافها آثاراً متنوعة : ففي عالم الحس آثار من حركات الأفلاك والعناصر ، وفي عالم التكوين آثار من حركة النمو والإدراك ، تشهد كلها بأن لها مؤثراً مُبايناً للأجسام ، فهو روحاني ويتصل بالمكونات لوجود اتصال هذا العالم في وجودها ، وذلك هو النفس المدركة والمحركة ، ولا بد فوقها من وجود آخر يعطيها الإدراك والحركة ، ويتصل بها أيضاً ، ويكون ذاته إدراكاً صرفاً وتعقلاً محضاً ، وهو عالم الملائكة ، فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للانسلاخ من البشرية الى الملكية لتصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات في لمحة من اللمحات ، وذلك بعد أن تكمل ذاتها الروحانية بالفعل كما نذكره بعد ، ويكون لها اتصال بالأفق الذي بعدها ، شأن الموجودات المرتبة كما قدمناه ، فلها في الاتصال جهتا العلو والسفل : فهي متصلة بالبدن من أسفل منها ومكتسبة به المدارك الحسية التي تستعد بها للحصول على التعقل بالفعل ومتصلة من جهة الأعلى منها بأفق الملائكة ومكتسبة به المدارك العلمية والغيبية ، فإن عالم الحوادث موجود في تعقلاتهم من غير زمان ، وهذا ما قدمناه من الترتيب المحكم في الوجود باتصال ذواته وقواه بعضها ببعض ... “ اﻫـ .
• انظر : (المقدمة له) (٢٠٧/١ - ٢٠٨) تحقيق عبد الله الدرويش الطبعة الاولى سنة ٢٠٠٤ دار يعرب دمشق .
BY فَوَاَئِدُ أَبِي عَبْدِ الرَّحمَنِ المَكِّيِّ العِلْمِيَّةِ
Share with your friend now:
tgoop.com/aalmakki/9975