tgoop.com/aapp2233/18525
Last Update:
أقسام التجريد
تَتنوَّعُ أقْسامُ التَّجريدِ تبَعًا للأداةِ الَّتي يكونُ بها؛ فمنْها: 1- التَّجريدُ بواسطةِ (مِن) التَّجريديَّة: كقولِ الشَّاعِرِ: الطويل تَرى منهمُ الأُسْدَ الغِضابَ إذا سَطَوا وتَنظُرُ منهم في اللِّقاءِ بُدورَا فالمَعْنى: تَراهم أسُودًا غِضابًا إذا سَطَوا على غيرِهم، وتَراهم في غيرِ ذلك بُدورًا لجَمالِهم وضِيائِهم. فجعَل الشَّاعرُ منهم ما يُوصَفُ بأنَّه أَسَدٌ عندَ السَّطوةِ، وما يُوصَفُ بأنَّه بَدرٌ عندَ اللِّقاءِ، والمَوْصوفُ بذلك هم على الحَقيقةِ، غيرَ أنَّه بالَغَ في وصْفِهم بذلك حتَّى انْتَزع منهم ما يُوصَفُ بذلك.
2- التَّجريدُ بواسِطةِ (الباءِ التَّجريديَّةِ): كقَولِهم: "لَئِن سألتَ فُلانًا لَتَسألَنَّ به البَحرَ"؛ فأصْلُ الكَلامِ: لَئن سألتَ فُلانًا فقد سألَتَ بحْرًا، شبَّه المَسؤولَ بالبَحرِ بجامِعِ السَّعَةِ والكَرمِ، غيَر أنَّه جرَّد مِنَ المَوْصوفِ بذلك وانْتَزع منه ما يُوصَفُ بأنَّه بحرٌ، واسْتخدَم في ذلك الباءَ التَّجريديَّةَ.
3- التَّجريدُ بواسِطةِ (في): كقَولِه تعالى: ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ فإنَّ جَهنَّمَ هي دارُ الخُلْدِ، لكنَّه انْتَزع منها دارًا أخرى جعَلها مُعَدَّةً في جَهنَّمَ لأجْلِ الكفَّارِ؛ تَهويلًا لأمرِها ومُبالَغةً في اتِّصافِها بالشِّدَّةِ. 4- التَّجريدُ بواسِطةِ الكِنايةِ: ومنْها قولُ الأعْشَى: يا خيْرَ مَن يَركَبُ المَطِيَّ ولا يَشرَبُ كأسًا بكفِّ مَنْ بَخِلا يُريدُ الشَّاعرُ مدْحَ المَمدوحِ بالكَرمِ؛ وذلك أنَّه أرادَ وصْفَه بأنَّه يَشرَبُ الكأسَ بكَفِّ جَوادٍ، فانْتَزع مِنَ المَمدوحِ جوادًا يَشرَبُ هو الكأسَ بكَفِّه عن طَريقِ الكِنايةِ؛ لأنَّه إذا نفَى عنه الشُّربَ بكَفِّ البَخيلِ فقد أثْبَت له الشُّربَ بكفِّ كَريمٍ، ومَعْلومٌ أنَّه يَشرَبُ بكفِّ نفْسِه، فهُو ذلك الكَريمُ. 5- التَّجريدُ بغيرِ واسِطةٍ: كقولِ الشَّاعِرِ: فلَئِنْ بَقيتُ لأرْحلَنَّ بغَزوةٍ تَحوي الغَنائِمَ أو يَموتُ كَريمُ أراد بالكَريمِ نفْسَه، فكأنَّه انْتَزع مِن نفْسِه ما يُوصَفُ بالكَرمِ؛ مُبالَغةً في كَرمِ نفْسِه، ولِهذا لم يقُلْ: "أو يَموتُ". وقيل: إنَّ تَقديرَ البيْتِ: "أو يموتُ منِّي كَريمٌ"، وعليه يكونُ التَّجريدُ هنا بـ "مِن" التَّجريديَّةِ، غيرَ أنَّه لا حاجَةَ إلى هذا التَّقْديرِ؛ لحُصولِ التَّجريدِ بدُونِه. 6- التَّجريدُ عن طَريقِ خِطابِ المَرْءِ لنفْسِه: وهُو أنْ يَنْتزِعَ المُتكلِّمُ مِن نفْسِه شخْصًا مِثلَه في الصِّفةِ فيُخاطِبَه، كقولِ الأعْشى: ودِّعْ هُرَيرةَ إنَّ الرَّكبَ مُرْتَحِلُ وهل تُطيقُ وَداعًا أيُّها الرَّجُلُ فحَديثُ الشَّاعرِ هنا يُخاطِبُ به نفْسَه، وقولُه: "أيُّها الرَّجلُ" يَعودُ في الحَقيقةِ على نفْسِه، انْتَزع منها شَخْصًا يُخاطِبُه بهذا الكَلامِ.
وهذا النَّوعُ مِنَ التَّجريدِ له فائِدتانِ: الأُولى: طلَبُ التَّوسُّعِ في الكَلامِ؛ فإنَّه إذا كان ظاهِرُه خِطابًا لغيرِك وباطِنُه خِطابًا لنفْسِك، فإنَّ ذلك مِن بابِ التَّوسُّعِ، وهو شيءٌ اخْتصَّتْ به اللُّغةُ العَربيَّةُ دُونَ غيرِها مِنَ اللُّغاتِ. والفائِدةُ الثَّانيةُ -وهِي الأبْلَغُ- أنَّ المُخاطَبَ يَتمكَّنُ مِن إجْراءِ الأوْصافِ المَقْصودةِ مِن مدْحٍ أو غيرِه على نفْسِه؛ إذْ يكونُ مُخاطِبًا بها غيرَه؛ ليكونَ أعْذَرَ وأبْرأَ مِنَ العُهدَةِ
فيما يقولُه غيرَ مَحجورٍ عليه .
BY لغة الضاد والأضداد للرخصة المهنية .
Share with your friend now:
tgoop.com/aapp2233/18525