ABO7EEAN Telegram 1723
•|| من آداب شُّراح الكتب .

قال الخواجة الطوسي تـ672هـ في [ شرح الإشارات والتنبيهات ] ( 1 / 112 ) : [ وَمن شَرط الشَّارِحين أَن يبذلوا النُّصْرَة لما قد التزموا شَرحه بِقدر الْإِمْكَان والاستطاعة وَأَن يذبوا عَمَّا قد تكفلوا إيضاحه بِمَا يذب بِهِ صَاحب تِلْكَ الصِّنَاعَة ليكونوا شارحين غير ناقضين ومفسرين غير معترضين . اللَّهُمَّ إِلَّا إِذا عثروا على شَيْء لَا يُمكن حمله على وَجه صَحِيح فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَن ينبهوا عَلَيْهِ بتعريض أَو تَصْرِيح مُتَمَسِّكِينَ بذيل الْعدْل والإنصاف متجنبين عَن الْبَغي والاعتساف ، فَإِن إِلَى الله الرجعى وَهُوَ أَحَق بِأَن يخْشَى ] .

•قلت :
ومن النماذج العملية ما حكاه الفقيه المتفنن ابن حجر الهيتمي المكي تـ974هـ في [ الثبت ] (411-412 ) -عن شرح ناصر الدين اللقاني تـ958هـ على [ مختصر ابن الحاجب ]- ، فقال : [ ولما قرأت من شرحه لـ مختصر ابن الحاجب على شيخنا المحقق ناصر الدين اللقاني ، وكان يحضر ذلك الدرس من الفضلاء كثيرون تقر بهم العيون ، كان الشيخ يميل إلى مساعدة الماتن الذي هو ابن الحاجب ؛ لأنه مالكي مثله .
وكذلك المالكية من الحاضرين فيتكلفون لرد ما يورده العضد عليه .
وكنت أسعى في توجيه إيراد العضد وتوضيحه ، وأنه أعني العضد غير متعصب ، ولا متحامل على ابن الحاجب ، وأما بقية أهل الدرس من الحنفية والحنابلة فتارةً يكونون مع المالكية ، وتارة يكونون مع الشافعية ] .

توجيه كلام الأئمة من أعظم الآداب بشرط الإمكان ؛ وإلا كان تكلفاً زائفاً ، وعرضاً زائلاً .
فـ كلام المصنفين تعرض عليه أحوال بين الخطأ والإصابة ، وتأويل كل غلط وارد -دون مراعاة الجواز- غير مستساغ ، وحقيقٌ بـ فاعله أن ينسب إلى إقليد التعصب ، وارتضاع إكسير الهوى ، ومن رام هذا القدر جرى في كل أحواله مالم يتدارك نفسه .

ومذاهب الناس في التوجيه بين طرفي نقيض ؛ فـ (متشدد) يمنع حمل الكلام الناس على أحسن الأوضاع ، ومتساهل يفرط بالحق بين جنبات الباطل -ولكل أنصاره-، والحق تدبيره ما دام ممكناً ، ويأتيك بسطه لاحقاً .

عود :
الألفة ترفع الكلفة ؛ إذ التقارب المذهبي يحجب الأبصار عن العيوب ؛ كـ الأعشى في حالك الظلمة ، فإن وجدها تكلف دفعها وتعسف .
والنقود القويمة من مسارات تكميل ما شيده واضع التصنيف ، ولولاه لـ زاف كثير من العلم وضاع ؛ كما قال محمود شاكر تـ1418هـ في [ المتنبي ] ( 467 ) : [ جودة العلم لا تتكون إلا بجودة النقد ، ولولا النقد لبطل كثير علم ، ولاختلط الجهل بالعلم اختلاطا لا خلاص منه ولا حيلة فيه ] .

فإن عدل في نقده عن مسلك العدل بالعذل ، أو اكتفى بـ النقود دون توضيح مقاصد الواضع ومراده ، وتجنب التماس المعاذير -الممكنة- فـ أحق ما تسمي به الشرح : (الجرح) أو -إن شئت- (الشرخ) !
وفعل هذا طائفة ؛ كـ الخواجة الطوسي تـ672هـ في [ شرح الإشارات ] ( 1 / 112 ) حيث حكى عن بعض الظرفاء وصف شرح الفخر الرازي تـ606هـ بـ (الجرح) .
والأمير غياث الدين الشيرازي تـ948هـ في [ إشراق هياكل النور لكشف ظلمات شواكل الغرور ] ( 29-30 ) وصف الشارح جلال الدين الدواني تـ908هـ بـ(الجارح) في كتابه [شواكل الحور شرح هياكل النور] .

وكتب : محمود أبو حيان .
————————
رابط القناة -لمن شاء مطالعة المقالات- :
https://www.tgoop.com/abo7eean



tgoop.com/abo7eean/1723
Create:
Last Update:

•|| من آداب شُّراح الكتب .

قال الخواجة الطوسي تـ672هـ في [ شرح الإشارات والتنبيهات ] ( 1 / 112 ) : [ وَمن شَرط الشَّارِحين أَن يبذلوا النُّصْرَة لما قد التزموا شَرحه بِقدر الْإِمْكَان والاستطاعة وَأَن يذبوا عَمَّا قد تكفلوا إيضاحه بِمَا يذب بِهِ صَاحب تِلْكَ الصِّنَاعَة ليكونوا شارحين غير ناقضين ومفسرين غير معترضين . اللَّهُمَّ إِلَّا إِذا عثروا على شَيْء لَا يُمكن حمله على وَجه صَحِيح فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَن ينبهوا عَلَيْهِ بتعريض أَو تَصْرِيح مُتَمَسِّكِينَ بذيل الْعدْل والإنصاف متجنبين عَن الْبَغي والاعتساف ، فَإِن إِلَى الله الرجعى وَهُوَ أَحَق بِأَن يخْشَى ] .

•قلت :
ومن النماذج العملية ما حكاه الفقيه المتفنن ابن حجر الهيتمي المكي تـ974هـ في [ الثبت ] (411-412 ) -عن شرح ناصر الدين اللقاني تـ958هـ على [ مختصر ابن الحاجب ]- ، فقال : [ ولما قرأت من شرحه لـ مختصر ابن الحاجب على شيخنا المحقق ناصر الدين اللقاني ، وكان يحضر ذلك الدرس من الفضلاء كثيرون تقر بهم العيون ، كان الشيخ يميل إلى مساعدة الماتن الذي هو ابن الحاجب ؛ لأنه مالكي مثله .
وكذلك المالكية من الحاضرين فيتكلفون لرد ما يورده العضد عليه .
وكنت أسعى في توجيه إيراد العضد وتوضيحه ، وأنه أعني العضد غير متعصب ، ولا متحامل على ابن الحاجب ، وأما بقية أهل الدرس من الحنفية والحنابلة فتارةً يكونون مع المالكية ، وتارة يكونون مع الشافعية ] .

توجيه كلام الأئمة من أعظم الآداب بشرط الإمكان ؛ وإلا كان تكلفاً زائفاً ، وعرضاً زائلاً .
فـ كلام المصنفين تعرض عليه أحوال بين الخطأ والإصابة ، وتأويل كل غلط وارد -دون مراعاة الجواز- غير مستساغ ، وحقيقٌ بـ فاعله أن ينسب إلى إقليد التعصب ، وارتضاع إكسير الهوى ، ومن رام هذا القدر جرى في كل أحواله مالم يتدارك نفسه .

ومذاهب الناس في التوجيه بين طرفي نقيض ؛ فـ (متشدد) يمنع حمل الكلام الناس على أحسن الأوضاع ، ومتساهل يفرط بالحق بين جنبات الباطل -ولكل أنصاره-، والحق تدبيره ما دام ممكناً ، ويأتيك بسطه لاحقاً .

عود :
الألفة ترفع الكلفة ؛ إذ التقارب المذهبي يحجب الأبصار عن العيوب ؛ كـ الأعشى في حالك الظلمة ، فإن وجدها تكلف دفعها وتعسف .
والنقود القويمة من مسارات تكميل ما شيده واضع التصنيف ، ولولاه لـ زاف كثير من العلم وضاع ؛ كما قال محمود شاكر تـ1418هـ في [ المتنبي ] ( 467 ) : [ جودة العلم لا تتكون إلا بجودة النقد ، ولولا النقد لبطل كثير علم ، ولاختلط الجهل بالعلم اختلاطا لا خلاص منه ولا حيلة فيه ] .

فإن عدل في نقده عن مسلك العدل بالعذل ، أو اكتفى بـ النقود دون توضيح مقاصد الواضع ومراده ، وتجنب التماس المعاذير -الممكنة- فـ أحق ما تسمي به الشرح : (الجرح) أو -إن شئت- (الشرخ) !
وفعل هذا طائفة ؛ كـ الخواجة الطوسي تـ672هـ في [ شرح الإشارات ] ( 1 / 112 ) حيث حكى عن بعض الظرفاء وصف شرح الفخر الرازي تـ606هـ بـ (الجرح) .
والأمير غياث الدين الشيرازي تـ948هـ في [ إشراق هياكل النور لكشف ظلمات شواكل الغرور ] ( 29-30 ) وصف الشارح جلال الدين الدواني تـ908هـ بـ(الجارح) في كتابه [شواكل الحور شرح هياكل النور] .

وكتب : محمود أبو حيان .
————————
رابط القناة -لمن شاء مطالعة المقالات- :
https://www.tgoop.com/abo7eean

BY •|[ كُنَّاشَةُ المَنْهُومِ المُسْتَهَامِ ]|•




Share with your friend now:
tgoop.com/abo7eean/1723

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

A vandalised bank during the 2019 protest. File photo: May James/HKFP. Read now Telegram Channels requirements & features Co-founder of NFT renting protocol Rentable World emiliano.eth shared the group Tuesday morning on Twitter, calling out the "degenerate" community, or crypto obsessives that engage in high-risk trading. Add up to 50 administrators
from us


Telegram •|[ كُنَّاشَةُ المَنْهُومِ المُسْتَهَامِ ]|•
FROM American