tgoop.com/ahlalhadith3/12456
Last Update:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
الأخوة أئمة المساجد الأفاضل، ومن يعاونونهم في التراويح، الأخوة الخطباء:
هبت علينا رياح رمضان موسم الطاعات وشهر الغفران، موسم البركات الذي أودع الله تبارك وتعالى فيه من البركات ما لا يوجد في غيره من شهور العام،
فأوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله في أنفسكم والحرص على العبادات التي تحيي القلوب وتعظّم التقوى والمراقبة في النفوس، وتحققُ الإخلاص لعلّام الغيوب، وتزيد في إيمان العبد، وهي العبادات القاصرة التي بينك وبين الله، والتي يجب عليك أن تزيد منها في رمضان، بالإكثار من قراءة القرآن وتدبره، ومراجعة وردك والنظر فيه، والتذلل لله عز وجل بالدعاء، والرجاء رغبة ورهبة...
ثم العبادات ذات النفع المتعدي، والتي يعظم أجرها ويضاعف جزاؤها، ومنها إمامة الناس في التراويح، وهي سنة بإجماع المسلمين، وفضلها عظيم لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)، ومن معانيها وغاياتها تلاوة كتاب الله تبارك وتعالى؛ كي يسمع المسلمون القرآن الذي أُنزل في هذا الشهر، قال تعالى:((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان))، وأوصيكم إخوتي الأفاضل بمراجعة ما تقرؤون للناس من كتاب الله تبارك وتعالى وأن تتهيؤوا لذلك ولا تكثروا من الأخطاء في القراءة، التي تشوش على الناس، ثم ترك الانشغال الزائد والمبالغ فيه بتحقيق الأحكام والمدود والإدغامات مما يخرج عن المقصد من القراءة وهو التدبر والخشوع وتربية القلوب بكتاب الله تبارك وتعالى، والنظر إلى معاني القرآن فتكون الأحكام عونا لكم على حسن التلاوة لا قيدا على رقابكم.
اقرأوا للناس قراءة معتدلة من حيث المقدار والكيفية، فلا تكثروا عليهم حتى يملوا القرآن، ولا تخففوا تخفيفا يخل بالصلاة وكأنها رياضة وعبأ على الناس، نريد أن يكون هذا الشهر موسم لزيادة الحسنات، وأن نجاهد أنفسنا بالقيام بأمر الله تبارك وتعالى فإن الله وصف القائمين لليل بقوله :((تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون))
علّموا الناس في هذا الشهر الكريم التوحيد والنهج القويم وأحكام الصيام والقيام والعبادات، وذكروهم في أوقات الراحة والاستعداد بعد الفجر أو بعد الظهر أو بعد العصر، ولا تكثروا عليهم فيملوا أو تتركوهم حتى يجهلوا، ولا بأس أن تعلم الناس أمرا يحتاجون اليه في التراويح بتذكيرهم بمسألة أو موعظة أحيانا، ما لم تكن طريقة مسلوكة تعمل بها في كل يوم فتلزم الناس، وتوجب عليهم أن يسمعوا، وقد يكونوا منشغلين وقد يكون عندهم غير ذلك من الأشياء التي تمنعهم من الانتباه والانتفاع.
ومما يقع فيه بعض الأئمة ترك مساجدهم للذهاب إلى العمرة، ولا شك أن العمرة عمل فاضل قال صلى الله عليه وسلم :((عمرة في رمضان تعدل حجة معي ))، قيامه بمسجده وإمامة الناس فيه وتعليمهم أحكام الدين عقيدة وعبادة خير من الاعتمار، يقول الشيخ ابن عثيمين : " إذا كان الإنسان موظفاً ، أو كان إماماً في مسجد فإنه لا يدع الوظيفة ، أو يدع الإمامة ويذهب إلى الصلاة في المسجد الحرام، لأن الصلاة في المسجد الحرام سنة، وأما القيام بالواجب الوظيفي فإنه واجب، ولا يمكن أن يترك الواجب من أجل فعل السنة.
وقد بلغني أن بعض الأئمة يتركون مساجدهم ويذهبون إلى مكة من أجل الاعتكاف في المسجد الحرام، أو من أجل صلاة التراويح، وهذا خطأ؛ لأن القيام بالواجب واجب، والذهاب إلى مكة لإقامة التراويح أو الاعتكاف ليس بواجب ". انتهى من " مجموع الفتاوى والرسائل" (14/241) .
قيامُه بالإمامة وتعليم الناس نوع من الجهاد في سبيل الله، إذ شبّه الله تعالى طلب العلم بالجهاد فسماه نفيرا: (( فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )) وجهاده بالتعلم وتعليم الناس خير له من قيامه في المسجد الحرام أو المسجد النبوي،فقد كان سلفنا الصالح مع فضلهم وشدة تحريهم للسنة والخير لا يتركون مساجدهم ويذهبون إلى البيت الحرام أو المسجد النبوي، بل إن تعليم الناس التوحيد والاتباع والقيام بأمر الله عز وجل خير له من قيامه في المسجد الحرام مع فضله، فضلا عن غيره من المساجد، فإن أجر الإمامة نفعه عام متعدٍ نفعه، والآخر خاص، ولذا قال صلى الله عليه وسلم لما رأى الصوّام قد وقعوا في السفر فقام عليهم المفطرون قال:((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)) أي بالأجر العظيم الكبير لأنهم قاموا على إخوتهم وتعاهدوهم، فنفعكم هنا خير لكم من ترككم مساجدكم حين حاجة الناس إليكم.
BY قناة أهل الحديث والأثر بالمملكة المغربية
Share with your friend now:
tgoop.com/ahlalhadith3/12456