tgoop.com/alfikh/4315
Last Update:
📝هل تسخين الماء للوضوء يذهب بفضيلة (إسباغ الوضوء على المكاره)؟
الحمد لله:
تعمد جلب المشقة تكثيرا للثواب والأجر ليس مقصدا شرعيا.
وإنما التقوى على قدر الاستطاعة ،والتكليف لا يكون إلا بما وسع العبد فعله.
قال ابن تيمية في الفتاوى :
"وكثير من العباد يرى جنس المشقة والألم والتعب مطلوبًا مقربًا إلى الله؛ لما فيه من نفرة النفس عن اللذات والركون إلى الدنيا وانقطاع القلب عن علاقة الجسد، وهذا من جنس زهد الصابئة والهند وغيرهم.
ولهذا تجد هؤلاء مع من شابههم من الرهبان يعالجون الأعمال الشاقة الشديدة المتعبة من أنواع العبادات والزهادات، مع أنه لا فائدة فيها ولا ثمرة لها، ولا منفعة إلا أن يكون شيئًا يسيرًا لا يقاوم العذاب الأليم الذي يجدونه.انتهى
فالمشقة المطلوبة شرعا هو ما كان مصاحبا لما أمره الله سبحانه (فكثيرًا ما يكثر الثواب على قدر المشقة والتعب، لا لأن التعب والمشقة مقصود من العمل، لكن لأن العمل مستلزم للمشقة والتعب) مجموع الفتاوى.
فعلى هذا فإن تعمد جلب المشقة ليس شرعا.
وقد أتت الرخص لدفع المشقات وجلب الميسرات في كل العبادات البدنية العملية كالصلاة والصيام والحج.
لقد رخص الشارع للذي لم يقدر على الوضوء خوف حصول الضرر ببدنه التيمم جاء في "الموسوعة الفقهية" (14/258) :
"ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ ( خِلاَفًا لأِبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي الْحَضَرِ ) لِمَنْ خَافَ مِنِ اسْتِعْمَال الْمَاءِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ هَلاَكًا ، أَوْ حُدُوثَ مَرَضٍ ، أَوْ زِيَادَتَهُ ، أَوْ بُطْءَ بُرْءٍ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ ، أَوْ لَمْ يَجِدْ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ ، أَوْ مَا يُدْفِئُهُ ، سَوَاءٌ فِي الْحَدَثِ الأْكْبَرِ أَوِ الأْصْغَرِ ؛ لإِقْرَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى تَيَمُّمِهِ خَوْفَ الْبَرْدِ وَصَلاَتِهِ بِالنَّاسِ إِمَامًا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإْعَادَةِ" انتهى
فعلى هذا فإن تسخين الماء لاستعماله دافئا عند الوضوء لا ينافي أفضلية إسباغ الوضوء عند المكاره.
فإن المكاره المرادة في الحديث: هي ما لم يُتعمد إيجادها ولم تحصل بالبدن ضررا.
وللعلماء من أقوالهم على ما تقرر شواهد :
قال الأُبّي المالكي:
تسخين الماء لدفع برده ليتقوى على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور. (إكمال إكمال المعلم 54/2)
قال ابن عثيمين :
(أن يشق الإنسان على نفسه ويذهب يتوضأ بالماء البارد ويترك الساخن، أو يكون عنده ما يسخن به الماء، ويقول: أريد أن أتوضأ بالماء البارد؛ لأنال هذا الأجر، فهذا غير مشروع؛ لأن الله يقول: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾ [النساء: 147]، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا واقفًا في الشمس، قال: ((ما هذا؟))، قالوا: نذر أن يقف في الشمس، فنهاه عن ذلك، وأمره أن يستظل؛ فالإنسان ليس مأمورًا ولا مندوبًا إلى أن يفعل ما يشق عليه ويضره، بل كلما سهلت عليه العبادة فهو أفضل، لكن إذا كان لا بد من الأذى والكره فإنه يؤجر على ذلك؛ لأنه بغير اختياره)"شرح رياض الصالحين" (3/137)
قال ابن باز:
(فإسباغ الوضوء في المكاره في حال شدة البرد عند الحاجة إليه؛ هذا يدل على قوة الإيمان، ويكون الأجر أعظم، لكن إذا تيسر له الماء الدافئ يكون أفضل؛ لأن هذا الماء الدافئ يكون أعون له على الإسباغ، وإكمال الوضوء، كما شرع الله ، وأبلغ أيضًا في إزالة الأوساخ والنظافة، نعم.)موقع الشيخ على الشبكة.
ونختم بقول الشاطبي :
«ليس للمكلف أن يقصد المشقة في التكليف نظـراً إلى عظـم أجـــرها فإن المقاصــد معتبرة في التصــرفات فلا يصلح منها إلا ما وافق الشارع. فإذا كان قصد المكلف إيقاع المشقة فقد خالف قصد الشارع من حيث إن الشارع لا يقصد بالتكليف نفس المشقة، وكل قصد يخالف قصد الشارع باطل، فالقصد إلى المشـــقة باطل، فهـو إذن مــن قبيل ما ينهـى عنــه، وما ينهـى عنه لا ثواب فيه بل فيه الإثم إن ارتفع النهي عنه إلى درجة التحريم، فطلب الأجر بقصد الدخول في المشقة: قصد مناقض»
الموافقات (2/ 225 ـ 229)
📝والله أعلم
BY مستجدات الفقه وأصوله - القناة
Share with your friend now:
tgoop.com/alfikh/4315