ALGHAZI_M Telegram 2733
الغازي محمد
Photo
إذا قيل «كتاب تأسيسي» فهو ذاك.. هذا الكتاب هو تمرين نظري فاخرٌ جدًا..
استغرقتني قراءته عدّة أشهر، لا في قراءة الكتاب نفسه، بل لأنه يحيل إلى الكثير من «الأدبيات» التأسيسية في معرض مناقشته لها وبعضها كنت قد قرأته فعدتُ له متفحصًا وباحثًا عن أوجه التفكيك أو النقد التي أكسبني إيّاها الكتاب.
وعندما أقول «أدبيات تأسيسية» فأنا أعني هذا تمامًا، فيندر أن تجد اسمًا عَلَمًا في الموضوع الذي يناقشه الكتاب إلّا ويرد في الكتاب عرضًا أو نقدًا ..
وفي الحقيقة، كتب على ظهر الغلاف الخارجي كلمة، لو قرأتها قبل أن اقرأ الكتاب، لقلت هي قطعًا من قبيل المبالغات التسويقية المحضة، إذ لا يمكن أن يكون لكتاب مثل هذا الطموح الجسيم، فقد كُتب على ظهر الغلاف ما نصّه: «يندر أن يكون هناك مفهوم جوهري من مفاهيم العلوم الاجتماعية لا يُلقي عليه هذا العمل ضوءًا جديدًا»، كلمة مهولة جدًا، لكن المفاجأة السّارة جدًا، أن هذه العبارة - لحسن الحظّ - لا تبعد كثيرًا عن توصيف الكتاب بالفعل.
ومن هنا يصعب حصر موضوع الكتاب في عنوانه حتّى، فهو من ناحية «مراجعة أدبيات» (literature review) نقدية متقنة للمقولات النظرية الكبرى في تفسير نشوء الرأسمالية من ناحية، وفي تفسير ظاهرة «التخلّف»، وكذلك هو مراجعة أدبيات حصيفة جدًا لأدبيات حقل «دراسات التنمية»، ثم هو مع ذلك يتحمّل مهمة مناقشة مقولات تأسيسية في العلوم الاجتماعية من قبيل الدولة والطبقة والقومية والجماعة والبنية والفعال والإمبريالية، التحول البرجوازي، نمط الإنتاج، وغيرها كثيرٌ جدًا!، ثم هو مع ذلك مراجعة أدبيات الاقتصاد السياسي العربي وتحليل بنية الدولة والاقتصاد والمجتمع في المشرق وكذلك هنا يندر أن تجد اسمًا علمًا في هذا الحقل إلّا وهو في الكتاب عرضًا أو تفكيكًا أو نقدًا. ثم هو مع ذلك لا يقتصر على هذا، بل يدلي بدلوه في الدِلاء أيضًا مقدّمًا نماذج تفسيرية بديلة.
ثم إن هذا «النزال النظري» الثقيل الذي تراه عبر صفحات الكتاب، يجري «برشاقة» عجيبة، كأن صاحبها «يغرف من بحر»، بالرغم من أن كتابًا بهذا الطموح وبهذا النطاق الممتد من الموضوعات والمناقشات هو كتابٌ قد يكون في طموحه مقتله ومَهلكه، إلّا أنك لا تشعر بهذا «الخطر» في حركة الكاتب الرشيقة جدًا والمُتمكِنَة.

سيبدو الهامش - المُحِق - الذي يُقال عادة بعد مثل هذه العبارات من أنه «بالتأكيد ما من كتاب يخلو من ملاحظات أو مآخذ» تافهًا وسخيفًا، لأنه وإن كان صحيحًا أن الأمر كذلك، وإن كان صحيحًا أن طموح الكتاب الكبير وتصدّيه لكل هذه الموضوعات الكبيرة دفعة واحدة قد يترك الكثير من الثغرات والمزيد من علامات الاستفهام (البنّاءة في الحقيقة)، إلّا أنه هامش لا داعي له أبدًا، لأن القارئ في هذه المناقشات والموضوعات، الذي سيستفيد من الكتاب، سيدرك هذا وحده وبالضرورة، مع ما سيدركه من التميّز النظري الكبير والفارق الذي للكتاب، أما لو لم يكن، فأي «ملاحظات ومآخذ» يا رجل؟ ثم إن هذه بلا شك لا هي مراجعة للكتاب ولا هي عرض أو مناقشة لموضوعاته.

شكري وامتناني العميق جدًا للأستاذ مصطفى عبد الظاهر، إذ بترشيحه عرفت الكتاب، إذ أنه كان قد رشح الكتاب من سنين عددًا، بل قد رشّحه مرتين، مرّة في فعالية شارك فيها كل يوم كتابًا يحبه، ومرّة في قائمة وضعها في العلوم الاجتماعية.



tgoop.com/alghazi_m/2733
Create:
Last Update:

إذا قيل «كتاب تأسيسي» فهو ذاك.. هذا الكتاب هو تمرين نظري فاخرٌ جدًا..
استغرقتني قراءته عدّة أشهر، لا في قراءة الكتاب نفسه، بل لأنه يحيل إلى الكثير من «الأدبيات» التأسيسية في معرض مناقشته لها وبعضها كنت قد قرأته فعدتُ له متفحصًا وباحثًا عن أوجه التفكيك أو النقد التي أكسبني إيّاها الكتاب.
وعندما أقول «أدبيات تأسيسية» فأنا أعني هذا تمامًا، فيندر أن تجد اسمًا عَلَمًا في الموضوع الذي يناقشه الكتاب إلّا ويرد في الكتاب عرضًا أو نقدًا ..
وفي الحقيقة، كتب على ظهر الغلاف الخارجي كلمة، لو قرأتها قبل أن اقرأ الكتاب، لقلت هي قطعًا من قبيل المبالغات التسويقية المحضة، إذ لا يمكن أن يكون لكتاب مثل هذا الطموح الجسيم، فقد كُتب على ظهر الغلاف ما نصّه: «يندر أن يكون هناك مفهوم جوهري من مفاهيم العلوم الاجتماعية لا يُلقي عليه هذا العمل ضوءًا جديدًا»، كلمة مهولة جدًا، لكن المفاجأة السّارة جدًا، أن هذه العبارة - لحسن الحظّ - لا تبعد كثيرًا عن توصيف الكتاب بالفعل.
ومن هنا يصعب حصر موضوع الكتاب في عنوانه حتّى، فهو من ناحية «مراجعة أدبيات» (literature review) نقدية متقنة للمقولات النظرية الكبرى في تفسير نشوء الرأسمالية من ناحية، وفي تفسير ظاهرة «التخلّف»، وكذلك هو مراجعة أدبيات حصيفة جدًا لأدبيات حقل «دراسات التنمية»، ثم هو مع ذلك يتحمّل مهمة مناقشة مقولات تأسيسية في العلوم الاجتماعية من قبيل الدولة والطبقة والقومية والجماعة والبنية والفعال والإمبريالية، التحول البرجوازي، نمط الإنتاج، وغيرها كثيرٌ جدًا!، ثم هو مع ذلك مراجعة أدبيات الاقتصاد السياسي العربي وتحليل بنية الدولة والاقتصاد والمجتمع في المشرق وكذلك هنا يندر أن تجد اسمًا علمًا في هذا الحقل إلّا وهو في الكتاب عرضًا أو تفكيكًا أو نقدًا. ثم هو مع ذلك لا يقتصر على هذا، بل يدلي بدلوه في الدِلاء أيضًا مقدّمًا نماذج تفسيرية بديلة.
ثم إن هذا «النزال النظري» الثقيل الذي تراه عبر صفحات الكتاب، يجري «برشاقة» عجيبة، كأن صاحبها «يغرف من بحر»، بالرغم من أن كتابًا بهذا الطموح وبهذا النطاق الممتد من الموضوعات والمناقشات هو كتابٌ قد يكون في طموحه مقتله ومَهلكه، إلّا أنك لا تشعر بهذا «الخطر» في حركة الكاتب الرشيقة جدًا والمُتمكِنَة.

سيبدو الهامش - المُحِق - الذي يُقال عادة بعد مثل هذه العبارات من أنه «بالتأكيد ما من كتاب يخلو من ملاحظات أو مآخذ» تافهًا وسخيفًا، لأنه وإن كان صحيحًا أن الأمر كذلك، وإن كان صحيحًا أن طموح الكتاب الكبير وتصدّيه لكل هذه الموضوعات الكبيرة دفعة واحدة قد يترك الكثير من الثغرات والمزيد من علامات الاستفهام (البنّاءة في الحقيقة)، إلّا أنه هامش لا داعي له أبدًا، لأن القارئ في هذه المناقشات والموضوعات، الذي سيستفيد من الكتاب، سيدرك هذا وحده وبالضرورة، مع ما سيدركه من التميّز النظري الكبير والفارق الذي للكتاب، أما لو لم يكن، فأي «ملاحظات ومآخذ» يا رجل؟ ثم إن هذه بلا شك لا هي مراجعة للكتاب ولا هي عرض أو مناقشة لموضوعاته.

شكري وامتناني العميق جدًا للأستاذ مصطفى عبد الظاهر، إذ بترشيحه عرفت الكتاب، إذ أنه كان قد رشح الكتاب من سنين عددًا، بل قد رشّحه مرتين، مرّة في فعالية شارك فيها كل يوم كتابًا يحبه، ومرّة في قائمة وضعها في العلوم الاجتماعية.

BY الغازي محمد




Share with your friend now:
tgoop.com/alghazi_m/2733

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

When choosing the right name for your Telegram channel, use the language of your target audience. The name must sum up the essence of your channel in 1-3 words. If you’re planning to expand your Telegram audience, it makes sense to incorporate keywords into your name. It’s easy to create a Telegram channel via desktop app or mobile app (for Android and iOS): How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) The Channel name and bio must be no more than 255 characters long Other crimes that the SUCK Channel incited under Ng’s watch included using corrosive chemicals to make explosives and causing grievous bodily harm with intent. The court also found Ng responsible for calling on people to assist protesters who clashed violently with police at several universities in November 2019.
from us


Telegram الغازي محمد
FROM American