tgoop.com/alkulife/10967
Last Update:
كلام حسن للمقريزي حول إنكار البدع (بمناسبة الجدل السنوي حول المولد)
قال المقريزي في المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار: "نجم الدين محمد الطنبدي وكان شيخا جهولا وبلهانا مهولا سيء السيرة في الحسبة والقضاء، متهافتا على الدرهم ولو قاده إلى البلاء، لا يحتشم من أخذ البرطيل والرشوة، ولا يراعي في مؤمن إلّا ولا ذمّة قد ضرى على الآثام، وتجسد من أكل الحرام، يرى أن العلم إرخاء العذبة ولبس الجبة، ويحسب أن رضى الله سبحانه في ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة، لم تحمد الناس قط أياديه، ولا شكرت أبدا مساعيه، بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة، أشخص غير مرّة إلى مجلس المظالم، وأوقف مع من أوقف للمحاكمة بين يدي السلطان من أجل عيوب فوادح، حقق فيها شكاته عليه القوادح، وما زال في السيرة مذموما ومن العامّة والخاصة ملوما. وقال له: رسول الله يأمرك أن تتقدّم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، كما يفعل في ليالي الجمع، فأعجب الجاهل هذا القول، وجهل أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يأمر بعد وفاته إلّا بما يوافق ما شرّعه الله على لسانه في حياته، وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة فيما شرعه حيث يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إياكم ومحدثات الأمور» فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة، وتمت هذه البدعة واستمرّت إلى يومنا هذا في جميع ديار مصر وبلاد الشام، وصارت العامّة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذان الذي لا يحلّ تركه، وأدّى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الإلحاد في الأذان ببعض القرى السلام بعد الأذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا، فلا حول ولا قوّة إلّا بالله، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون".
أقول: هذا كلام حسن في نقض الاستدلال بالمنامات على إحداث البدع تخصيصاً قوله: (وجهل أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يأمر بعد وفاته إلّا بما يوافق ما شرّعه الله على لسانه في حياته، وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة فيما شرعه حيث يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ).
واليوم إذا أحدث بعض الناس بدعة في الدين فأنكر عليهم منكر جاءهم متعاقل ثالث وأخذ يتذمر من الصراعات بين المسلمين والحوارات في هذه القضايا.
وهذا غلط، إذ أن فيه تسوية بين الحق والباطل في اللوم، وفي السنة إن لصاحب الحق مقالاً (يعني لا ينبغي لومه)
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه، فأغلظ فهم به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا»، ثم قال: «أعطوه سنا مثل سنه»، قالوا: يا رسول الله، إلا أمثل من سنه، فقال: «أعطوه، فإن من خيركم أحسنكم قضاء».
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: المستبان ما قالا فعلى البادئ، ما لم يعتد المظلوم.
وأفضل طريقة لجمع الأمة ترك البدع، لأن البدعة ليست واجبة، ولا مستحبة، ولا هي من أركان الإسلام باتفاق الجميع، فلماذا لا تترك، وتتحد الكلمة بدلاً من الحرص عليها مما يهيج المنكرين.
قال المروزي في السنة: "حدثنا أحمد بن عبده، ثنا حماد بن زيد، عن عاصم الأحول، قال: قال لنا أبو العالية: " تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام، ولا تحرفوا الصراط يمينا وشمالا، وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم والذي كانوا عليه من قبل أن يقتلوا صاحبهم ويفعلوا الذي فعلوا، فإنا قد قرأنا القرآن من قبل أن يقتلوا صاحبهم ومن قبل أن يفعلوا الذي فعلوا بخمسة عشر سنة، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء، فأخبرت به الحسن فقال: صدق ونصح، وحدثت به حفصة بنت سيرين فقالت لي: بأهلي أنت هل حدثت بهذا محمدا؟ قلت: لا، قالت: فحدثه إياه".
وقد رواه معمر في جامعه، وابن عدي في الكامل.
تأمل قوله (والذي كانوا عليه من قبل أن يقتلوا صاحبهم ويفعلوا الذي فعلوا) يقصد فتنة عثمان فإذا كانت هذه الموعظة في ذلك الزمان المتقدم فهذا يقال في كل ما أحدث المتأخرون واجتهدوا في الاستدلال له من محدثات قام داعيها في زمن السلف وما فعلوها، وهذا طريق الاجتماع الحق، لا السكوت على الباطل، ولا التهوين من شأنه، ولا التسوية بين أهل الحق وأهل الباطل، أو الدعوات الحالمة للتهدئة، والتي من التزم بها فهو مغبون إذ أن خصمه لا يسكت.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/10967