tgoop.com/alkulife/10968
Last Update:
اللوازم الشديدة لاعتقاد ضلال العامة في صفة العلو
كتب أحد الأخوة الأفاضل ما يلي:
[من يعتقد كفر العوام لاعتقادهم "المكان والحيز والجهة" لله مع علمه أن هذا لازم للنبي صلى الله عليه وسلم بتعليمه إياهم، فهو كافر، واعتقاد العوام لظواهر النصوص ليس بقبيح.
قال محمد بن أبي بكر المرعشي الأشعري، المعروف بساجقلي زاده، في "رسالة التنزيهات"، وهي رسالة في تنزيه الله عن المكان والحيز والجهة، ص٨٣- ٨٤، طبعة: دار الفتح:
( فإن علم من يقول أو يعتقد أن العوام الجهلة يكفرون بذلك الاعتقاد، -أي المكان والحيز والجهة- لزوم تقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياهم على كفرهم يكفر، وإن لم يعلم فلا، وقد علمنا ذلك اللزوم فلا نقول بملزومه، ولا نعتقد ذلك الملزوم... فظهر أن اعتقاد العوام الجهلة ما دل عليه ظوهر النصوص من الأمور المذكورة ليس بقبيح).
أقول: وفي كلام ساجقلي زاده أن اعتقاد العوام بخلاف اعتقاد الأشعرية، وأن أكثر الأمة وهم العوام على اعتقاد ظواهر النصوص].
أقول: تصريح ساجقلي زادة ليس فريداً من نوعه.
قال الغزالي: "فإن قيل: فلِمَ لم يَكشف الغطاء عن المراد بإطلاق لفظ الإله ولم يَقل (الرسول صلى الله عليه وسلم) أنه موجود ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا هو داخل العالم ولا خارجه ولا متَّصل و لا مُنفصل ولا هو في مكان ولا هو في جهة، بل الجهات كلُّها خالية عنه. فهذا هو الحق عند قوم والإفصاح عنه كذلك كما فصح عنه المتكلِّمون ممكن، ولم يكن في عبارته قصور ولا في رغبته في كشف الحق فتور ولا في معرفته نقصان.
قلنا: من رأى هذا حقيقة الحق اعتذر بأنَّ هذا لو ذكره لنفَرَ الناس عن قبوله، ولبادروا بالإنكار وقالوا: هذا عين المحال، ووقعوا في التعطيل، ولا خير في المبالغة في تنزيه يُنتِج التعطيلَ في حق الكافة إلا الأقلِّين، وقد بُعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) داعيًا للخلق إلى سعادة الآخرة رحمة للعالمين، كيف ينطق بما فيه هلاك الأكثرين.. وأمّا إثبات موجود في الاعتقاد على ما ذكرناه من المبالغة في التنزيه شديد جدًّا بل لا يقبله واحد من الألف لا سيما الأمَّة الأمية".
[إلجام العوام عن علم الكلام]
فهنا الغزالي يعترف أن عقيدتهم في الله لا يقبلها إلا واحد من الألف في الأمة!
قال السنوسي في (شرح أم البراهين): "وأما العامة فأكثرهم ممن لا يعتني بحضور مجالس العلماء، ومخالطة أهل الخير، يتحقق منهم اعتقاد التجسيم والجهة، وتأثير الطبيعة –القول بالأسباب–، وكون أفعال الله تعالى معللة لغرض، وكون كلامه جل وعلا حرفًا وصوتًا، ومرة يتكلم ومرة يسكت، كسائر البشر، ونحو ذلك من اعتقادات أهل الباطل، وبعض اعتقاداتهم أجمع العلماء على كفر معتقدها". اهـ
أظن هذه النصوص كافية لبيان أن اعتقاد عامة المسلمين على خلاف اعتقاد الأشاعرة، وبعض الناس من الأشاعرة وغير الأشاعرة يزعمون أنه وإن كان العوام في غالبهم على هذه العقيدة فغالب علماء الأمة أشاعرة. وبلغني للرد عن شخص مشتغل بمقارنة الأديان أنه يزعم أن 90% من علماء المسلمين بعد القرن الثالث إلى يومنا هذا على عقيدة الأشعرية، وعليه لو تكلم إنسان فيهم بكلام غليظ هم والمعتزلة والفلاسفة فإنه يلزمه ذلك في هذه النسبة التي قدحها من رأسه، وأبان عن مستواه العقلي فضلاً عن العلمي.
هذا الأمر يلزم منه لوازم شديدة.
أولها: أن الأمة لم تزل عامتها في ضلال وخواصها في هدى أو العكس، وهذه صورة مظلمة جداً عن الأمة.
ثانيها: أن العلماء ما نفعهم علمهم الاعتقاد الصحيح، وأنهم لو بقوا من العوام لكان خيراً لهم في اعتقادهم مع حسن قصدهم وتبحرهم في العلوم.
ثالثها: أن العقيدة الصحيحة إن كانت في القرآن فهذه ينبغي أن يحسن العلماء تلقينها للعوام فربك يقول: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
وإن لم تكن في القرآن والسنة بل في ظاهر القرآن والسنة ما يناقضها فكيف يكون القرآن هدى ونورا وشفاء لما في الصدور.
وهل أراد الله لعباده أن يكونوا عواماً وخواصاً كل واحد يعتقد عقيدة مناقضة للآخر، هذا عقيدته صحيحة بحسبه وهذا عقيدته صحيحة بحسبه، فإن كان الناس سيقرون على الباطل فلم الوحي إذن؟
اللوازم السابقة لازمة لكل من يدعي هذه الدعوى، والصحيح أن الأمة لم يزل فيها فرقة ناجية، وطائفة منصورة، بل ومبتدعة ما وصلوا لضلال أهل الكلام.
وأن من تأثر بالمقالات الشديدة لأهل الكلام وأعظمها إنكار العلو إنما جماعة من الخواص خالفهم غيرهم ممن هم خير منهم، ولم يزالوا منكرين عليهم أو ناقلين لكلام السلف المنكرين، وما حصل منهم من كتابات جيدة في الفقه والأصول والحديث والتفسير فذلك من بركة ما تلقوه عن السلف، غير أنهم أخذوا الفرع وفرطوا في الأصل.
ثم إن الخواص في القرون الثلاثة الأولى على غير هذه العقيدة باتفاق الجميع.
=
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/10968