ALKULIFE Telegram 11575
بل العبادة تجارة وزيادة...

من العبارات التي فشت في أهل زماننا أنهم إذا رأوا إنساناً يأخذ استراحة من عمله ليذهب إلى الصلاة يقولون له: العمل عبادة.

وكنت دائماً أتعجب من هذه الكلمة (لماذا افترضوا التزاحم بين الأمرين؟) فالعمل له وقته والعبادة لها وقتها الذي لا يؤخر، فلو أراد أن يأكل أو يشرب لطول زمن العمل لوضعوا له وقتاً مخصصاً لهذا الفعل لضرورته وأهميته.

ثم ما المراد من العمل؟

المراد تحصيل المال للعيش.

وما المراد من العيش؟

يقول الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات]

فوجود عبادة محضة أمر يذكرك بالغاية حتى لا تغرق في الوسيلة وتنسى نفسك.

قال الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (9) فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (10) وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين (11)} [الجمعة]

تأمل سياق الآيات العجيب {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم} وهذا مفهوم لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، فالبيع والشراء مجرد وسيلة وذكر الله هو الأصل والغاية، وكل نعيم في الدنيا نحصله من الغنى بالمال ينتظرنا في الآخرة ما هو أعظم منه بكثير مما يحصل بالعمل الصالح.

ثم يقول تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} يعني بعد أن تذكرت لماذا أنت في هذه الدنيا وحققت شيئاً من الغائية عد إلى أعمالك، وذلك أدعى إلى ألا تغش أو تحتكر أو ترابي أو تكذب، فقبل قليل كنت بين يدي الله عز وجل تصلي له وتُتلى عليك آياته تذكرك بنعيمه وعقابه.

ويقول تعالى: {قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين}

اللهو يسمونه اليوم الترفيه، والتجارة يقوم مقامها عندنا كل عمل نحصل منه المال، ومن الناس من يعمل ويجمع المال ليرفه عن نفسه، ومن الناس من يرفه عن نفسه ليستعد للعمل فهو الغالب عليه، ومنهم من حاله متوازن.

غير أن ما تريده من التجارة وهو أمر المال بيد الله الذي تصلي له (فهو خير الرازقين) هذا في الدنيا وهناك رزق أخروي وهو الثواب العظيم.

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم (10) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [الصف]

والتاجر يدفع ديناراً ويربح اثنين أو ثلاثة، والمؤمن يعمل العمل الصالح فيجزيه عليه رب العالمين عشرة أضعاف والله يضاعف لمن يشاء.

وما تريده من اللهو وهو الترويح عن النفس موجود في ذكر الله على أكمل حال {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وهو سبحانه {خير الرازقين} والرزق بدني ونفسي فالطمأنينة النفسية من الرزق.

وفي الآيات نقض طريقتين:

-طريقة من أقبل بالكلية على اللهو والتجارة الدنيويين ونسي آمر آخرته.

-وطريقة من ظن أن هناك تعارضاً بين طلب الرزق المباح واللهو المباح والعمل للآخرة، وهذا الظن صد كثيرين عن الاستقامة أو كان سبباً في انتكاستهم، غير الذين غلوا وهؤلاء قلة.

وهناك أهل الورع وهؤلاء ما عليهم من سبيل وإنما الكلام على من تجاوز حد السلف في الورع وترك الفضول.

وفي قوله {والله خير الرازقين} فائدة وهي أن المرء إذا صلى لله عز وجل مستحضراً الثواب قوي رجاؤه بكرم الله عز وجل، وأقبل على عمله وكله حسن ظن بالله أنه سيرزقه بالصدق ويبارك له، وأنه ليس بحاجة إلى الحرام «فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما».



tgoop.com/alkulife/11575
Create:
Last Update:

بل العبادة تجارة وزيادة...

من العبارات التي فشت في أهل زماننا أنهم إذا رأوا إنساناً يأخذ استراحة من عمله ليذهب إلى الصلاة يقولون له: العمل عبادة.

وكنت دائماً أتعجب من هذه الكلمة (لماذا افترضوا التزاحم بين الأمرين؟) فالعمل له وقته والعبادة لها وقتها الذي لا يؤخر، فلو أراد أن يأكل أو يشرب لطول زمن العمل لوضعوا له وقتاً مخصصاً لهذا الفعل لضرورته وأهميته.

ثم ما المراد من العمل؟

المراد تحصيل المال للعيش.

وما المراد من العيش؟

يقول الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات]

فوجود عبادة محضة أمر يذكرك بالغاية حتى لا تغرق في الوسيلة وتنسى نفسك.

قال الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (9) فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (10) وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين (11)} [الجمعة]

تأمل سياق الآيات العجيب {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم} وهذا مفهوم لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، فالبيع والشراء مجرد وسيلة وذكر الله هو الأصل والغاية، وكل نعيم في الدنيا نحصله من الغنى بالمال ينتظرنا في الآخرة ما هو أعظم منه بكثير مما يحصل بالعمل الصالح.

ثم يقول تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} يعني بعد أن تذكرت لماذا أنت في هذه الدنيا وحققت شيئاً من الغائية عد إلى أعمالك، وذلك أدعى إلى ألا تغش أو تحتكر أو ترابي أو تكذب، فقبل قليل كنت بين يدي الله عز وجل تصلي له وتُتلى عليك آياته تذكرك بنعيمه وعقابه.

ويقول تعالى: {قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين}

اللهو يسمونه اليوم الترفيه، والتجارة يقوم مقامها عندنا كل عمل نحصل منه المال، ومن الناس من يعمل ويجمع المال ليرفه عن نفسه، ومن الناس من يرفه عن نفسه ليستعد للعمل فهو الغالب عليه، ومنهم من حاله متوازن.

غير أن ما تريده من التجارة وهو أمر المال بيد الله الذي تصلي له (فهو خير الرازقين) هذا في الدنيا وهناك رزق أخروي وهو الثواب العظيم.

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم (10) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [الصف]

والتاجر يدفع ديناراً ويربح اثنين أو ثلاثة، والمؤمن يعمل العمل الصالح فيجزيه عليه رب العالمين عشرة أضعاف والله يضاعف لمن يشاء.

وما تريده من اللهو وهو الترويح عن النفس موجود في ذكر الله على أكمل حال {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وهو سبحانه {خير الرازقين} والرزق بدني ونفسي فالطمأنينة النفسية من الرزق.

وفي الآيات نقض طريقتين:

-طريقة من أقبل بالكلية على اللهو والتجارة الدنيويين ونسي آمر آخرته.

-وطريقة من ظن أن هناك تعارضاً بين طلب الرزق المباح واللهو المباح والعمل للآخرة، وهذا الظن صد كثيرين عن الاستقامة أو كان سبباً في انتكاستهم، غير الذين غلوا وهؤلاء قلة.

وهناك أهل الورع وهؤلاء ما عليهم من سبيل وإنما الكلام على من تجاوز حد السلف في الورع وترك الفضول.

وفي قوله {والله خير الرازقين} فائدة وهي أن المرء إذا صلى لله عز وجل مستحضراً الثواب قوي رجاؤه بكرم الله عز وجل، وأقبل على عمله وكله حسن ظن بالله أنه سيرزقه بالصدق ويبارك له، وأنه ليس بحاجة إلى الحرام «فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما».

BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي


Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/11575

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Administrators Hashtags The court said the defendant had also incited people to commit public nuisance, with messages calling on them to take part in rallies and demonstrations including at Hong Kong International Airport, to block roads and to paralyse the public transportation system. Various forms of protest promoted on the messaging platform included general strikes, lunchtime protests and silent sit-ins. Today, we will address Telegram channels and how to use them for maximum benefit. Deputy District Judge Peter Hui sentenced computer technician Ng Man-ho on Thursday, a month after the 27-year-old, who ran a Telegram group called SUCK Channel, was found guilty of seven charges of conspiring to incite others to commit illegal acts during the 2019 extradition bill protests and subsequent months.
from us


Telegram قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
FROM American