tgoop.com/alkulife/11584
Last Update:
أتراه يمنعك مغفرته إن استغفرته ولا يزال يمدك من خزائنه ومَن منعَك منعه!
تدبرت في أمر الصدقة وأن المرء الغني يكفر بها ذنبه ويحرز نفسه من النار إن أخلص لله وسلم من الموانع، فيعلم أن المال مال له وأنه إنما يتصدق على نفسه حقيقةً فكل نفقة مخلوفة دنيا وآخرة.
فهو يستحضر اسم الله الغني الوهاب في صدقته ويرجو الغفور الرحيم.
غير أن السؤال: إذا كان هذا ما يشاهده الغني فما الذي يشاهده الفقير هنا؟
فيقال: إذا استحضر أن الله عز وجل جعل له حقًّا في المال وتوعد من منعه حقه وجعل الغني كلما زاد عليه صدقةً كلما أثابه الله تبارك وتعالى.
فهنا يتفكر برزق المغفرة، وأن للمؤمن حقًّا في مغفرة الله عز وجل ورحمته إن أدى أسباب ذلك من الاستغفار وغيره، وأن الله عز وجل الذي أنعم عليه كل هذا الإنعام وتوعد من يمنعه لا يُعقَل أنه لا يريد له الفضل والخير وهو يحث الناس على التفضل عليه، فهو سبحانه أولى بالتفضل، غير أنك ينبغي أن تشكر ولا تكفر وتستغفر الله وتعترف ولا تستكبر.
ما أمر ملائكته بالاستغفار لك إلا وهو يحب أن يغفر لك، غير أن أبعد الناس عن المغفرة أولئك الذين لا يطلبونها ولا يذكرونها إلا إذا وُعِظوا في أمر ذنوبهم فيقولون (الله غفور رحيم).
قال تعالى: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون}
ثم قال تعالى: {وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين}
فالله عز وجل له خزائن السماوات والأرض، فإذا رأيت نعمه الظاهرة والباطنة ورأيت عطية عباده لبعضهم البعض فعليك أن تتذكر رزقه الذي في الآخرة وأنه أولى بكل كرم سبحانه، فاطلب أسباب الأمر من تقوى ومراقبة.
فالناس درجات، فمن شكر من أصحاب الدرجة العليا تمت النعمة عليه، ومن صبر من أصحاب الدرجة الدنيا تمت النعمة عليه، إذ الابتلاء في حقه كفارة، فالنعمة عطية تتم بالشكر والابتلاء عطية تتم بالصبر.
وما أمر الله عباده بالسخاء معك إلا لتذكر سخاءه مع عباده، فالغني حين يعطِي يتذكر افتقاره إلى الله وأنه مفتقر لله أعظم من افتقار أخيه له، والفقير حين يعطَى يقول قد افتقرت إلى مخلوق فأنا للخالق أفقر، فيبنغي أن يكون هذا موعظة وتذكرة.
لا أن يُتخذ هذا بابًا للإبعاد عن الله عز وجل فيأتي السفيه فيقول: الكافر المتصدق خير من المؤمن البخيل أو إطعام جائع خير من بناء جامع.
والسخاء إنما يتم بالإيمان، والمال نعمة تتم بالشكر، والافتقار ابتلاء يتم بالصبر، ومَن ضيَّع هذه المعاني عاش حياة باهتة.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/11584