tgoop.com/alkulife/11638
Last Update:
كم لونًا من التجهم نجد في الأشعرية؟
قال أبو نعيم الأصبهاني في أخبار أصبهان: "حدثنا أبو بكر الآجري، ثنا الحسن بن الحباب المقرئ، ثنا القاسم بن أسد الأصبهاني الطرسوسي قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، عمن قال: القرآن مخلوق، أو بلون من كلام جهم من يرثه؟ قال: ما له في السلاح والكراع في ثغور المسلمين لا يورث، قلت: يا أبا عبد الله ما الحجة في مال الجهمية في السلاح والكراع؟ فقال: حفص بن غياث حدثنا عن أشعث، عن الحسن في الذي يموت ليس له وارث قال: ما له في السلاح والكراع في ثغور المسلمين وهذا كذلك".
هذا الأثر صحيح الإسناد إلى الإمام أحمد، فأبو بكر الآجري إمام معروف والحسن بن الحباب وثقه الدارقطني في سؤالات السهمي والقاسم بن أسد الأصبهاني قال عنه الذهبي: أحد أئمة السنة بأصبهان رحل وطوّف، وجمع وصنّف. وذكره السيوطي في طبقات الحفاظ وقال: الحافظ الإمام الصدوق المصنف من أصحاب أحمد لا أعلم متى مات.
فالسند صحيح، والآن مع المتن:
فائدة هذا الأثر الكبرى قوله "أو بلون من كلام جهم" أيْ أن الجهمي المحكوم بكفره عند أحمد (ولهذا لا يرى للمسلمين أن يرثوه) لا يشترط أن يوافق الجهم بن صفوان بكل أقواله وإنما يكفي أن يوافقه بمقالة واحدة من مقالاته المكفرة العديدة.
فنجد الجاحظ على سبيل المثال يذم الجهمية ويزعم أن المعتزلة وسط بينهم وبين الرافضة، ومع ذلك السلف إذا أرادوا توصيف مقالة المعتزلة في الصفات يصفونها بالتجهم.
ودعنا ننظر بألوان التجهم التي لا زالت باقية في عدد من المنتسبين للملة.
قال الذهبي في تاريخ الإسلام في ترجمة الجهم بن صفوان: "وقال عمر بن مدرك القاص: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: ظهر عندنا جهم سنة اثنتين وثلاثين ومائة فرأيته في مسجد بلخ يقول بتعطيل الله عن عرشه وأن العرش منه خال".
هذه هي مقالة متأخري الأشعرية.
وقال البخاري في خلق أفعال العباد: "وحذر يزيد بن هارون، عن الجهمية وقال: «من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي، ومحمد الشيباني جهمي»".
ويزيد بن هارون يتكلم عمن ينكرون ثم يحرِّفون النصوص بما يسمونه تأويلًا بدليل ذكره لمضمون آية من القرآن، ولا يوجد منتسب للملة ينكر أنها من القرآن فالخلاف في المعنى، وقد ذكر رجلًا منتسبًا للعلم ووصفه بالتجهم.
وروى الخلال في السنة بسند صحيح عن الإمام أحمد في الذين يزعمون أن القرآن الذي في الأرض مخلوق (وهذه مقالة الأشعرية): "هؤلاء عندي أشر من الجهمية، من زعم هذا فقد زعم أن جبريل هو المخلوق وأن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بمخلوق وإن جبريل جاء إلى نبينا بمخلوق، هؤلاء عندي أشر من الجهمية، لا تكلم هؤلاء ولا تكلم في شيء من هذا، القرآن كلام الله غير مخلوق على كل جهة وعلى كل وجه تصرف وعلى أي حال كان، لا يكون مخلوقا أبدا، قال الله تبارك وتعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} ولم يقل: حتى يسمع كلامك يا محمد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلح في الصلاة شيء من كلام الناس) وقال النبي عليه السلام: (حتى أبلغ كلام ربي)، هذا قول جهم على من جاء بهذا غضب الله، قلت له: إنما يريدون هؤلاء على الإبطال؟ قال: نعم، عليهم لعنة الله".
ولو أدرك سخيف بارد كلام الإمام أحمد هذا لظن أنه يأخذ الناس بلوازم أقوالهم! والواقع أن هذا هو حقيقة قولهم ويعترفون بها، ولو نظرت في التسعينية لابن تيمية وهي رد على الأشعرية لوجدته استدل عليهم بنفس النصوص التي استدل بها أحمد هنا.
وتكفير الإمام أحمد للكرابيسي اللفظي وقوله في هشام بن عمار: من صلى خلفه فليعد. وقوله في الكلابية: زنادقة. كل ذلك يؤكد رواية الأصبهاني والفهم المذكور لها هنا، ويكون الكلام المذكور في ذم الكلام للأنصاري على أصول أحمد.
قال ابن تيمية في شرح الأصفهانية: "فالقاضي أبو بكر الباقلاني وأمثاله أعلم بالأصول والسنة وأتبع لها من أبي المعالي وأمثاله، والأشعري والقلانسي ونحوهما أعلى طبقة في ذلك من القاضي أبي بكر وعبد الله بن سعيد بن كلاب، والحارث المحاسبي أعلى طبقة في ذلك من هؤلاء".
أقول: الحارث المحاسبي وصفه أحمد بالتجهم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام نفسه (وذلك لإنكاره الصوت مع أنه مثبت بالجملة)، وهو والكرابيسي على قول واحد أو الكرابيسي أهون منه، فإذا كان أحمد كفر من هو خير من الأشعري والأشعري خير من الباقلاني والباقلاني خير من أبي المعالي ومن تبعه والموجودون اليوم زادوا أمورًا عظيمة فحتى أكثر الناس سفسطة لا يمكنه دفع انطباق كلام أحمد وأصحابه عليهم بقياس الأولى.
ولا ننسى أن موافقة الأشعرية لجهم في الإيمان والقدر أعظم من موافقة المعتزلة.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/11638