ALKULIFE Telegram 12154
لا عبرة بغير المجتهدين (تنبيه مهم لدعاة المذهبية المتأخرين)

قال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير (6/ 100) : "قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم -يعني الخوارج-، وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء. وذكر في المحيط أن بعض الفقهاء لا يكفر أحدا من أهل البدع، وبعضهم يكفرون بعض أهل البدع وهو من خالف ببدعته دليلا قطعيا ونسبه إلى أكثر أهل السنة، والنقل الأول أثبت، نعم يقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير ولكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون بل من غيرهم، ولا عبرة بغير الفقهاء، والمنقول عن المجتهدين ما ذكرنا، وابن المنذر أعرف بنقل مذاهب المجتهدين".

أقول: هنا ابن الهمام وهو من متأخري الحنفية يبحث مسألة تكفير الخوارج، وذكر كلام المتأخرين ونزاعهم، وهو يزعم أن المتقدمين من المجتهدين خالفهم عدد من فقهاء المتأخرين.

وقال في منتصف البحث كلمة مهمة (نعم يقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير ولكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون ولا عبرة بغير الفقهاء، والمنقول عن المجتهدين ما ذكرنا).

وهذا يضرب مُسَلَّمة مشهورة عند دعاة المذهبية المتأخرين، إذ يزعم جماعة من المعاصرين منهم أن المتأخرين المقلدة لا يوجد في كلامهم الزائد على المجتهدين والمخرج على غير أصولهم، فضلاً عن أن يوجد في كلامهم ما يخالف كلام المجتهدين (يعني أئمة المذاهب).

وهذه الدعوى مكابرة واضحة، فنعم يوجد في كلام كثير من المتأخرين ما يخالف كلام أئمة المذاهب، ويوجد في كلام متأخرين آخرين نقد لذلك، وهذا لا يعني هدم كل جهود المتأخرين، وإنما هو إنزال للناس منازلهم وبيان ما يُقبل من كلامهم وما يُرد.

ومن مشاكل المذهبية المتأخرة خلطهم بين المسائل التي نص عليها إمام المذهب، والمسائل الأخرى التي اختلفت عنه الرواية فيها، والمسائل التي ليس له كلام فيها وإنما خرج على قوله، والمسائل التي هي من اجتهادات المتأخرين المنتسبين، فكل هذا عندهم فيه ما يسمونه (معتمد)، وكل ذلك عندهم منزلة واحدة ومخالفها في رتبة واحدة، وهذا غلط بيّن.

وقول ابن الهمام (ولا عبر بغير الفقهاء) ويعني بهم المجتهدين يوضح هذا الخلل، فعلى سبيل المثال ابن تيمية حين تكلم عن مسألة التسوك باليسرى قال أن أحمد قال بأن ذلك الأفضل، ولم يخالفه أحد من الأئمة.

فجاء بعض المقلدة معترضاً على ابن تيمية بأن كثيراً من المتأخرين خالفوا وقصد ابن تيمية (الأئمة المجتهدين) فإن هؤلاء ليس في كلام أحد منهم ما يخالف كلام أحمد.

ودعاة المذهبية المتأخرين يخلطون فتجده يقول لك (الجمهور على كذا)

ولا يفرق بين إطلاقات كلمة (الجمهور).

فقد يقال الجمهور ويقصد جمهور المجتهدين من الفقهاء في طبقة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، فهذا الذي له وزن وثقل، وغالباً يكون قول الجمهور أصوب.

ويقال الجمهور ويقصد جمهور الأربعة، وهذا إطلاق موهم، فقد يكون الجمهور بهذا الاعتبار هم غير الجمهور بالاعتبار الأول، فالجمهور من الأربعة في مسألة الصيد في الكلب الأسود على الجواز ومع ذلك الإمام أحمد نقل اتفاق التابعين على المنع.

ويقال الجمهور ويقصد جمهور المتأخرين ممن ليسوا مجتهدين، وهذا الإطلاق يكثر في كلام الأزهريين في مسألة شد الرحال والمولد وغيرها، يأتي بكلام غير المجتهدين الذين لا عبرة بهم في مسائل الإجماع ويقول لك (الجمهور) وهناك من يخالف الأزهريين في هذه المسائل ويكشف ما وقعوا فيه من الغلط ولكنه يتبع السلوك نفسه في مسائل أخرى .

واعلم رحمك الله أن الترك مع قيام الداعي بمنزلة النهي، فعلى سبيل المثال لو نقل إنسان إجماع الصحابة على بدعية الأذان للعيدين فذلك وجيه، لأن صلاة العيدين يجتمع لها فتركهم للأذان لها هو بمنزلة النص على البدعية.

ومشكلات الدعوة للمذهبية على طريقة المتأخرين كثيرة، ولكنهم عادة يسلون أنفسهم بنقد اللامذهبية فحسب، دون أن يتعاملوا مع إشكالات رؤيتهم، ولهم طرق، فإذا أراد أحدهم الترويج لبدعة متفق على بدعيتها تجده يسرد أموراً اختلف الأئمة في بدعيتها، أو بعضها عامة المتقدمين على عدم بدعيتها، ونازع في ذلك بعض المتأخرين ويذكرها مع تلك البدعة المتفق على بدعيتها، والفقيه لا يكون فقيهاً إلا بإدراك الفروق، والمشاهد أن عندهم خلطاً في مراتب المسائل بشكل واضح.



tgoop.com/alkulife/12154
Create:
Last Update:

لا عبرة بغير المجتهدين (تنبيه مهم لدعاة المذهبية المتأخرين)

قال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير (6/ 100) : "قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم -يعني الخوارج-، وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء. وذكر في المحيط أن بعض الفقهاء لا يكفر أحدا من أهل البدع، وبعضهم يكفرون بعض أهل البدع وهو من خالف ببدعته دليلا قطعيا ونسبه إلى أكثر أهل السنة، والنقل الأول أثبت، نعم يقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير ولكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون بل من غيرهم، ولا عبرة بغير الفقهاء، والمنقول عن المجتهدين ما ذكرنا، وابن المنذر أعرف بنقل مذاهب المجتهدين".

أقول: هنا ابن الهمام وهو من متأخري الحنفية يبحث مسألة تكفير الخوارج، وذكر كلام المتأخرين ونزاعهم، وهو يزعم أن المتقدمين من المجتهدين خالفهم عدد من فقهاء المتأخرين.

وقال في منتصف البحث كلمة مهمة (نعم يقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير ولكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون ولا عبرة بغير الفقهاء، والمنقول عن المجتهدين ما ذكرنا).

وهذا يضرب مُسَلَّمة مشهورة عند دعاة المذهبية المتأخرين، إذ يزعم جماعة من المعاصرين منهم أن المتأخرين المقلدة لا يوجد في كلامهم الزائد على المجتهدين والمخرج على غير أصولهم، فضلاً عن أن يوجد في كلامهم ما يخالف كلام المجتهدين (يعني أئمة المذاهب).

وهذه الدعوى مكابرة واضحة، فنعم يوجد في كلام كثير من المتأخرين ما يخالف كلام أئمة المذاهب، ويوجد في كلام متأخرين آخرين نقد لذلك، وهذا لا يعني هدم كل جهود المتأخرين، وإنما هو إنزال للناس منازلهم وبيان ما يُقبل من كلامهم وما يُرد.

ومن مشاكل المذهبية المتأخرة خلطهم بين المسائل التي نص عليها إمام المذهب، والمسائل الأخرى التي اختلفت عنه الرواية فيها، والمسائل التي ليس له كلام فيها وإنما خرج على قوله، والمسائل التي هي من اجتهادات المتأخرين المنتسبين، فكل هذا عندهم فيه ما يسمونه (معتمد)، وكل ذلك عندهم منزلة واحدة ومخالفها في رتبة واحدة، وهذا غلط بيّن.

وقول ابن الهمام (ولا عبر بغير الفقهاء) ويعني بهم المجتهدين يوضح هذا الخلل، فعلى سبيل المثال ابن تيمية حين تكلم عن مسألة التسوك باليسرى قال أن أحمد قال بأن ذلك الأفضل، ولم يخالفه أحد من الأئمة.

فجاء بعض المقلدة معترضاً على ابن تيمية بأن كثيراً من المتأخرين خالفوا وقصد ابن تيمية (الأئمة المجتهدين) فإن هؤلاء ليس في كلام أحد منهم ما يخالف كلام أحمد.

ودعاة المذهبية المتأخرين يخلطون فتجده يقول لك (الجمهور على كذا)

ولا يفرق بين إطلاقات كلمة (الجمهور).

فقد يقال الجمهور ويقصد جمهور المجتهدين من الفقهاء في طبقة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، فهذا الذي له وزن وثقل، وغالباً يكون قول الجمهور أصوب.

ويقال الجمهور ويقصد جمهور الأربعة، وهذا إطلاق موهم، فقد يكون الجمهور بهذا الاعتبار هم غير الجمهور بالاعتبار الأول، فالجمهور من الأربعة في مسألة الصيد في الكلب الأسود على الجواز ومع ذلك الإمام أحمد نقل اتفاق التابعين على المنع.

ويقال الجمهور ويقصد جمهور المتأخرين ممن ليسوا مجتهدين، وهذا الإطلاق يكثر في كلام الأزهريين في مسألة شد الرحال والمولد وغيرها، يأتي بكلام غير المجتهدين الذين لا عبرة بهم في مسائل الإجماع ويقول لك (الجمهور) وهناك من يخالف الأزهريين في هذه المسائل ويكشف ما وقعوا فيه من الغلط ولكنه يتبع السلوك نفسه في مسائل أخرى .

واعلم رحمك الله أن الترك مع قيام الداعي بمنزلة النهي، فعلى سبيل المثال لو نقل إنسان إجماع الصحابة على بدعية الأذان للعيدين فذلك وجيه، لأن صلاة العيدين يجتمع لها فتركهم للأذان لها هو بمنزلة النص على البدعية.

ومشكلات الدعوة للمذهبية على طريقة المتأخرين كثيرة، ولكنهم عادة يسلون أنفسهم بنقد اللامذهبية فحسب، دون أن يتعاملوا مع إشكالات رؤيتهم، ولهم طرق، فإذا أراد أحدهم الترويج لبدعة متفق على بدعيتها تجده يسرد أموراً اختلف الأئمة في بدعيتها، أو بعضها عامة المتقدمين على عدم بدعيتها، ونازع في ذلك بعض المتأخرين ويذكرها مع تلك البدعة المتفق على بدعيتها، والفقيه لا يكون فقيهاً إلا بإدراك الفروق، والمشاهد أن عندهم خلطاً في مراتب المسائل بشكل واضح.

BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي


Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/12154

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

5Telegram Channel avatar size/dimensions Image: Telegram. To edit your name or bio, click the Menu icon and select “Manage Channel.” Click “Save” ; “[The defendant] could not shift his criminal liability,” Hui said.
from us


Telegram قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
FROM American