tgoop.com/alkulife/12850
Last Update:
استدلوا على المولد بالصيام ثم حرَّموا صيامه..
جاء في كتاب لوامع الدرر في هتك أستار المختصر لمحمد بن سالم الشنقيطي (4/61) : "وقال الشيخ زروق: صيام يوم المولد كرهه بعض من قرب عصره ممن صح علمه وورعه، قائلا إنه من أعياد المسلمين، فينبغي أن لا يصام فيه. انتهى. ولعله يعني ابن عباد، فقد قال في رسالته الكبرى: وأما المولد فالذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين وموسم من مواسمهم، وكل ما يفعل فيه مما يقتضيه وجود الفرح والسرور بذلك المولد المبارك من إيقاد الشمع، وإمتاع البصر والسمع، والتزين بلبس فاخر الثياب، وركوب فاره الدواب، أمر مباح لا ينكر على أحد، قياسا على غيره من أوقات الفرح.
والحكم بكون هذه الأشياء بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم الشهود، وانقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه القلوب السليمه، وتدفعه الآراء المستقيمه، ولقد كنت -فيما خلا من الزمان- خرجت يوم مولد إلى ساحل البحر، فاتفق أن وجدت هنالك سيدي الحاج بن عاشر رحمه الله تعالى وجماعة من أصحابه، وقد أخرج بعضهم طعاما مختلفا ليأكلوه هنالك، فلما قدموه لذلك أرادوا مني مشاركتهم في الأكل، وكنت إذ ذاك صائما، فقلت لهم: إني صائم، فنظر إلى سيدي الحاج نظرة منكرة، وقال لي ما معناه: إن هذا اليوم يوم فرح وسرور، ويستقبح في مثله الصيام بمنزلة العيد، فتأملت كلامه فوجدته حقا وكأني كنت نائما فأيقظني".
أقول: وهذا كثير في كتب المالكية المتأخرين، حتى ذكره الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة.
من استدلالات مجيزي المولد أن النبي ﷺ صام يوم الاثنين أو صام عاشوراء، ثم بعد ذلك صنعوا هم عكس الصيام وهو الاحتفال، وجعلوه عيداً كله لعب ولهو وأكل وشيء من الغناء الصوفي، ثم يقرأ شيئاً من السيرة (التي لا يمكن أن تقرأ في يوم واحد).
فهل تأملت المفارقة بين الأمرين، يستدِّل بالصيام ثم هو يحرِّم صيام هذا اليوم لأنه عيد!
وقد رأيت من استدلالات بعضهم أنه يذكر أن الخطباء يذكرون يوم بدر في رمضان لمناسبة التاريخ، ويبدو أن هذا المستدل لا يفرق بين التذكير للعبرة وبين الاحتفال الذي له خصائص، فلا أحد يحتفل بغزوة بدر، والناس إنما يتنازعون في جعل هذا عيداً يحتفل به كما يحتفل بالفطر والأضحى، وهذا هو الحاضر في الناس، وهذا يشبه أبحاثهم في أمر الغناء والمعازف، يجهدون أنفسهم بكتابة أبحاث مطولة ثم الصورة المباحة إن قيدوها تكون نادرة جداً.
وهذا الاجتهاد العجيب في الاستدلال للمولد -والذي ما زيَّنه في أعينهم وجعلهم يصرون عليه كل هذا الإصرار إلا ما اقترن به من لهو- عجيبٌ أن يصدُر مِن قوم مقلِّدة، يقضون حياتهم في دراسة الفقه لا من خلال الدليل وإنما فقط يجتهدون في معرفة قول إمام المذهب من خلال كلام المتأخرين، وإن رأوا إنساناً يخالف مذهبه اتباعاً للدليل أو ينكِر في مسألة خلافية لظهور الدليل عنده سخروا منه.
فليتهم استخدموا هذه المهارات الاستدلالاية في الانتصار للسنة في المسائل التي اتضحت فيها السنة، ويتعصب فيها بعض الناس لأقوال فقهاء متقدمين أو متأخرين في مقابل السنة.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/12850