tgoop.com/alkulife/13254
Last Update:
رؤيا المَلِك في سورة يوسف ومواسم الخير...
قال الله تبارك وتعالى: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رءياي إن كنتم للرءيا تعبرون (٤٣) قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين (٤٤) وقال الذي نجا منهما وادَّكر بعد أمةٍ أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون (٤٥) يوسف أيها الصديق أفتنا في سبعِ بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبعِ سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون (٤٦) قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلًا مما تأكلون (٤٧) ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلًا مما تحصنون (٤٨) ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}.
هذه الرؤيا مع تفسيرها فيها عبرة، الناس عنها في غفلة.
وذلك أن نبي الله يوسف -عليه الصلاة والسلام- أخبرهم بأن البقرات السبع السمان والسنبلات الخضر سبع سنين مخصبات.
وأما البقرات العجاف السبع والسنبلات اليابسات فسنواتٌ جدب.
ثم علَّمهم نبيُّ الله يوسف -عليه الصلاة والسلام- ما يصنعون، وأن عليهم أن يدَّخروا من السنوات السبع السمان للسبع العجاف ويستعدوا، فقال: {فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلًا مما تأكلون}، فتركه في سنبله أبعد عن فساده، وهذا نوع تدبير، وأمَرهم بحفظ الأكثر استعداداً لوقت الحاجة.
وإنَّ في ذلك لعبرةً لنا ونحن في موسم خير وهو شهر رمضان.
وذلك أن مواسم الخير التي يضاعَف فيها الأجر وتُفتَّح أبواب الجنان وتُغلَّق أبواب النيران، هذه كمثل سنوات الخير (السبع السمان) ينبغي للمرء أن يتزود منهن لما بعدها مِن زاد الأجر والإيمان والعلم الذي حصَّله من التدبر في القرآن.
ويحافِظ على أجره الذي حصَّله فلا يفسده بأن يهدي حسناته لغيره، بغيبةٍ أو نميمةٍ أو سبٍّ بالباطل وغيرها.
وكذا حال المعتكف في العشر الأواخر، ينعزل عن الدنيا للعبادة يقوِّي نفسه ويستعد إن خرج وجابه الفتن يكون معه رصيد إيماني، كذاك الرصيد الذي كان عند أهل مصر من سنواتهم السمان وجابهوا فيها السنوات العجاف.
وليس القصد من هذا أن يعمل المرء في مواسم الخير ثم ينتكس، ولكن القصد أن يتزود من مواسم الخير ويحافِظ على ما تزوده، فإن أصابه شيء استغفر وكان معه مما اعتاده من الحسنات ما يُتبع به السيئات ويعينه على الاستغفار.
حتى يأتي الفرج والتمام في وقت فيه يغاث الناس وفيه يعصِرون (وذلك يوم القيامة للمؤمن) فلا زال من موسم خير إلى موسم فتنة إلى موسم خير وهكذا حتى يُقبض.
وفي ذلك أيضاً عبرة أن الدنيا لا تدوم على حال واحد، فيتزود المرء من وقت الرخاء لوقت الشدة، ومن أوقات الصحوات لأوقات الفترات.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/13254